سواليف قاضي معزول
تأليف : سعاده عوده أبو عراق
13- ياسين بكوش
بواسطة الداعي بالخير صالح صلاح شبانة
هذا إللي صار مع واحد اسمه ياسين ، أهبل وع البركة مثل شخصية ياسين بقوش ، حتى كثير من الناس بنادوه بياسين بقوش ، ولأجل الصدف كان بيشتغل في شركة انتاج تلفزيوني مراسل ، بنظف المكاتب بيعمل شاي ، بودي المعاملات وبجيبها ، اتعود ع الممثلين والمنتجين و المخرجين ، وهم كمان اتعودوا عليه ، لأنه دايما بيتقرب منهم ،و بيمزح معهم وبيتقبلوا مزحه ، ودايما بيطلب منهم يمثل في المسلسلات شخصية إبن ياسين بكوش أو أخوه ، وهم بيلاحظوا الشبه بينه وبين ياسين بكوش ، وبصير عرضة للمداعبة ، فدايما مسكين بيصدق وعودهم بإنهم راح يشركوه في المسلسلات ، ويصير مشهور مثل ياسين بكوش ، وصار يحلم ويحكي للناس إنه راح يشارك في المسلسل الجاي ، ومرات يقول إنه شارك بالفعل وراح تشوفوني ع التلفزيون ، ولما الناس تيجيه على قد عقلة ويقولو له ما شفناك ، بيقول طبعا لسّه ما انعرض ، أو يقول انعرض في الكويت أو الشارقة أو اليمن
من كثر ما كان ملزق بالمخرجين والممثلين شغلوه كمبرس ، ماشي في الطريق ، أو قهوجي حامل صينية ، أو واحد بيركض ، لكن مرة كان في مسلسل مشهد شحاد بيقعد في الشارع وبيمارس الشحدة وبتيجي عليه جماعة من الشؤون الاجتماعية وومكافحة التسول ، وبتمسكه وبيوخذوه على مركز إصلاح ، ولما قالو له عن هذا الدور كيّف وانبسط واعتبر نفسه واحد من الممثلين إللي راح ينكتب إسمهم على الشاشة ، وكبرت في راسه الطموحات ، وصار يحلم يكون بطل من أبطال المسلسلات المشهورين .
لكن لما جابوه حتى يجربوه ، ما عرف يمثل دور الشحاد الحقيقي ، وما قدر يستوعب شرح المخرج ، وعشان يردوا هوسته ، وبدل ما يقولوا له ما بتنفع ، قالوا له روح أقعد عند الشحادين وشوف كيف بتحركوا ، وشو بيقولو وشو بيلبسوا وشي هي الحيل إللي بيعملوها حتى يبينوا إنهم مساكين بيستحقوا الشفقة ، شاف طلبهم معقول ، وخاصة إنه هذا المشهد بدّه اسبوعين حتى يتصور .
وفعلا عملوا له شوية مكياج على وجهه، وعملوا رجله منفوخة ووارمة ومقيّحة ، والذبان داوي عليها ، وعند ولد موسخ ، قاعد على شريطة وبوكل خبزة يابسة، وبها المنظر هذا قعد على قوربة ، بعيد عن مناطق الشحادين ، خوف ييجي واحد يعتدي عليه ، وجاب أبنه معاه ، وقعد يستعمل التعبيرات إللي بعرفها من الشحادين ، ويستدعي للناس ، ويحاول جهده إنه يتقمص شخصية الشحاد ، وما صارت الدنيا المغرب حتى كان جامع شوية مصاري مش بطالين ، ولما روح ‘ البيت ومرته شافته جايب مصاري الشحدة انجن جنونها ، وخاصة انه أشرك معاه ابنه ، لكن قال لها هذا تمثيل ، بكرة بصير ممثل ممتاز ، وثاني يوم راح على التلفزيون وسأل المخرج ، قال له ظل محلك ، تصرف تصرف طبيعي ما دام ما بتعرف تمثل ، مابتشوف إلا الممثلين جايين عليك بصفة مكافحة التسول ، بيحكوا معك وبيسألوك ، وبيقبضوا عليك وبيوخذوك على مركز الإصلاح .
وفعلا بيروح على نفس المكان بنفس الهيئة ، وبصير مقنع أكثر ، والناس بتتعاطف معاه ، وبيعطوه صدقات وتبرعات ، من المصاري والخبز والأواعي وغيرها ، وناس ثانيين بسبوه وبعلقوا عليه ، وناس بيضايقوه ، وخاصة من الشحادين وبعضهم بخطف منه المصاري ، وكان منتبه كثير للي بدهم ييجو يصوروه ، لكن طول اليوم ما حدا إجا بالمرة ، بس لا حظ إنه جمع مصاري أكثر من مبارح ، وفي اليوم الثالث نفس الشي ، حتى إنه تعود على القعدة ، وتعود على الشتايم ، وتعود على التذلل ، وفي اليوم الرابع تمنى لو ما يكون تصوير .
في اليوم الخامس ما راح على دوامه في الشركة مثل كل يوم ، لأنه راح للشحدة من الصبح ، رغم البهدلة والعزارة إللي بيوكلها من مرته ، ومن جيرانه وقرايبة ، لأنهم عارفين إن هذا مش تمثيل ، وهذه بهدلة وقلة حيا ، وكمان قال له المخرج إنه التصوير تأجل إلا إنه عمل حاله ما سمع .
وفي اليوم السادس ، راح بكل حماس لمكان الشحدة ، ومبين صار محترف شحدة ، وحابب هالشغلة ، وأغرته المصاري إللي بيجمعها من الناس ، وإللي شافها أكثر عشر مرات من إللي بوخذه من الوظيفه ، لذلك قرر بينه وبين نفسه يترك الشغل ويصير شحاد .
شوي ، يعني الساعة عشرة ونص ما شاف إلا هالجماعة جايين عليه ، كل الشحادين إللي حواليه انهزموا إلا هو ، ظل قاعد وبحسب نفسه بيعمل المشهد التمثيلي ، وإنهم هذول ممثلين ، مسكوه وأخذوه وراح معهم بدون مقاومة وبدون اعتراض ، وكان يحكي معهم كأنهم رفايقه و بيعرفهم ،طلّعوا بالسيارة مع شحادين وشحادات ، ووضعوه معهم في مركز بعيد بالخلا ، بهدلوهم ، وحبسوهم ، وياسين مسكين بيشرح لهم إنه مش شحاد ، وإنه بيمثل مشهد تلفزيوني ، وهات يابو الهات تنهم طلعوه بكفالة .
أما في البيت والحارة وعند قرايبه ، فالله يكفيك شرة ، لكن واحد من الناس قال له ، إنت ما كنت تمثل ، انت كنت تتقمص .