عبد الباري عطوان
ما تفعله السلطات المصرية بأهلنا في قطاع غزة من حصار، وتجويع، يرتقي الى مستوى العقوبات الجماعية، وهو امر مشين لتسعين مليون مصري وللعرب والمسلمين جميعا، ويسيء لمصر ومواقفها الوطنية المشرفة في الانتصار للقضايا الانسانية العادلة.
لا نفهم اسباب هذه القسوة والتلذذ بممارستها، ولا يمكن ان نتفهمها او نجد لها مبررا، خاصة عندما تأتي من اشقاء، اي اشقاء، وفي حق اناس عرب ومسلمين يعانون تحت الاحتلال، وغارات جوية اسرائيلية متواصلة، وعمليات اغتيال لرجال المقاومة الذين يذودون عن الكرامة العربية بارواحهم ودمائهم.
ان تغلق السلطات المصرية مكاتب حركة “حماس″ في القاهرة، وتحظر نشاطها، وتمنع دخول قياداتها فهذا قرار سيادي من حقها ان اختلفنا معها في هذا الاجراء، ولكن ان تعاقب مليوني فلسطيني محاصرين في قطاع غزة من الاسرائيليين من ناحية ومنها وقواتها من ناحية اخرى فهذا عمل غير انساني لا يليق بالحيوانات، ولا يمكن قبوله او تبريره وفق كل المعايير الاخلاقية والقانونية والحيوانية.
***
معبر رفح مغلق منذ بداية العام، ولم يفتح الا لتسعة ايام ولساعات معدودة فقط مرفوقة بالاهانات وعمليات الاذلال، وهناك المئات من المرضى وآلاف المتضريين من هذا الاغلاق الانتقامي التعسفي.
هاتفني صديق من ابناء القطاع من المحبين لمصر، والمدافعين عن سياساتها، والمعارضين بشدة لحركة حماس، وعمل وزيرا في السلطة، سابقا، هاتفني مسغيثا مساء امس بصوت متألم متهدج طالبا ان نكتب انتصارا لانين المرضى الذين يموتون لعدم وجود الدواء والعلاج، وتغلق السلطات المصرية المعبر في وجههم وتحكم عليهم بالموت قهرا ويأسا.
نتمنى ان نعرف نوعية قلوب وعواطف هؤلاء المسؤولين المصريين الذين اتخذوا قرار اغلاق معبر رفح، وتشديد الخناق على ابناء قطاع غزة بهذه الدرجة من القسوة، الا توجد رحمة او شفقة او ذرة من الانسانية في عروق هؤلاء وقلوبهم، وهل هذه القلوب مثل قلوب الغالبية الساحقة من البشر، ام انها من الرخام والاسمنت المسلح؟
السلطات المصرية الحاكمة نسفت الانفاق، وقطعت امدادات الطعام والدواء، وعرقلت وصول امدادات المازوت اللازمة لتشغيل محطة الكهرباء الوحيدة في القطاع، كل هذا لانها تكره حركة “حماس″ وتتهمها بالارهاب، وتنتقم منها لانها تنتمي الى حركة الاخوان المسلمين، وايدت نظام الرئيس المعزول محمد مرسي، ولكن ما ذنب اكثر من مليوني فلسطين يعيشون تحت حكمها في القطاع؟
ثم ما ذنب مئات الآلاف من الفلسطينيين كتبت عليهم الاقدار اللجوء الى مصر منذ ايام النكبة او بعدها؟ وهل تقبل السلطات المصرية بمعاملة مواطنيها بهذه الطريقة او ربعها في اي دولة عربية؟
***
ممنوع على ابناء الفلسطينيين في مصر دخول المدارس والجامعات المصرية مثل اشقائهم في كل المهاجر العربية، ويواجهون كل العقبات والصعوبات لتجديد اقاماتهم، وعليهم ان يدفعوا مقابلا ماديا بالعملة الصعبة اسوة بالاجانب وهم الفقراء المعدمون، واخيرا، صدر قرار مفاجيء بمنع اطفالهم من دخول دور الحضانة او المدارس الخاصة.
احد ابناء القطاع فقير معدم يعيش في القاهرة وعاطل عن العمل، متزوج من فتاة مصرية، اراد ادخال طفله في مدرسة حكومية، فوجد الابواب مغلقة في وجهه، انهار باكيا امام الناظر، فحن عليه ورق قلبه، ووجد له حلا، اي ان يطلق زوجته المصرية، وفي وهذه الحالة تستطيع الزوجة ان تسجل طفلها في المدرسة في عملية التفاف على القانون.
هل هذا من الانسانية يا مشير عبد الفتاح السيسي، هل هذا من الانصاف يا عدلي منصور رئيس الجمهورية، وهل هذا من العدالة يا سيد عمرو موسى رئيس لجنة وضع الدستور؟ هل يسمعني الشعب المصري الاصيل الطيب الذي انتصر دائما لاشقائه وخاض حروبا وقدم الشهداء من اجل قضاياهم العادلة؟
حسبي الله ونعم الوكيل
رأي اليوم
شكرا لتواجدك زائر نورت الصفحة