السنيانة العتيقة

موضوع: السنيانة العتيقة 10/03/10, 10:14 pm

السنديانة العتيقة
بقلم: الداعي بالخير
صالح صلاح شبانة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

الإهداء إلى: الحاجة أم فخري

الحاجة أم فخري امرأة في تعدت الثمانين من عمرها المديد المعطاء تمتلئ حيوية ونشاطا وعطاء، لها قلب بالإيمان عامر، حتى لو أصبح يضخ الآن بواسطة بطارية تقوية ، بحاجة إلى شحن بين حين وآخر ، ولسان بالتسبيح والتحميد ذاكر، مفطورة على العطاء كل عملها لوجه الله تعالى، لا تطلب من إنسان أجرا عليه، إلا حُسن الدعاء.
تختلط بها الخرافة بالحقيقة بالأسطورة .. ولكنها تصب في بوتقة واحدة، أنها موجودة وطلعها كذلك حلو وطيب ..تقطف نتائجه الطيبة في عيون المأزومين الذين يخرجون من بيتها الكائن في مخيم الوحدات، تشرق بالأمل، وهي أمية لا تقرأ ولا تكتب، ولكنها عالمة بالأعشاب ولا تداوي مرضاها إلا بالدعاء وبعض أعشاب تزرعها في قطعة صغيرة من الأرض اقتطعت من رصيف المخيم على ضيقه وصغره، وحيث تنتصب ثلاجة بلاستيكية تحتفظ ببرودة الماء الذي تقوم بصبه مثلجا ليشربه الناس، ماء السبيل الذي يطفئ غليل النفس وحرقة الشوب فتحس برودتها تحت الثدي تنبض بالحياة بعد اليأس!
أم فخري سيدة ثمانينية لم تفت السنين من عضدها فهي وان حجت أربع مرات واعتمرت أكثر من ذلك، وهي تقوم بكل شؤون بيتها الكبير، الأبناء والبنات والأحفاد والزوج قبل رحيله رحمه الله برحمته الواسعة ، وتقابل الناس في عيادتها ، وهي غرفة استقبال تفترش الأرض مقابل المريض، تسمع منه وتعد الوصفة وهي من حديقتها أو صيدليتها....!!!!!
أم فخري خبيرة بعلاج الثواليل ، وهي لا تستعمل الجراحة ولا العقاقير، إنما بحبة شعير تقوم بفرك وإخفاء الثالول حتى تزيله عن الوجود ، ثم تضع عليه الملح فيذهب للأبد...!!
قد يكون مستغربا بأن تعالج بهذه الطريقة ولكن الأغرب أن الأطباء يرسلون لها مرضى لعلاجهم....!!!

بدأت أم فخري مشوارها من حيث انتهت إحداهن ، فقد كانت تحمل سرا، وأثناء احتضارها أعطت أم فخري السر، وانتقلت إلى جوار الله ، وحافظت أم فخري على السر إلى أن يشاء الله، فهي تحفظه في صدرها ، لم تنطق به أبدا لأي مخلوق، لقريب أو إلى بعيد!!
أم فخري تقوم بغسل الأموات، فالمغسل يجب أن يكون أمينا، لا يحدث إلا عن الخير، فإن رأى خيرا وحسنا بشر به، وإن رأى سوء كتمه .. !!

وهي تحفظ هذه الأمانة مع أنها صعبة جدا، قلما يستطيع امرئ أن يحمل هذا السر ، فكيف إن كان صاحب السر الثقيل امرأة ..!!

كان الله بعونها ..!!
أم فخري مثل السنديانة العتيقة ، تفتح أبوابها لكل الناس ، أجرها الدعاء الحسن ، وتعالج لوجه الله تعالى ، لا تريد من الناس لا حمدا ولا شكورا، فهي لا تكاد تعرف النوم .. بين عدد كبير من الأبناء والبنات والأحفاد وفي مخيم الوحدات، وشؤون البيت والأسرة ومعالجة الناس سيما إذا استثنينا الثواليل وعلاجها بالشعير والملح بعد قراءة آيات كريمة مخصوصة وأدعية عليه...

هي علاجات نفسية ، تضيء نفوسهم المعتمة وتفتح لهم النوافذ المغلقة لينظروا إلى الفضاء الرحب ، وتذوب الترسبات الأخرى وتتلاشى..!!

الحاجة أم فخري تجربة إنسانية تراثية تاريخية متراكمة تقرأ فيها كل صفات التاريخ فتسعد في مجلسها ، تأمرك بالخير وتنهاك عن المنكر، تتجلى آيات الله على يديها فهي تحقق أشياء اقرب إلى الخيال، وقد لا تكون العبرة بالشعيرة، فلو قررت أنا ، أو أنت مثلا معالجة الناس على طريقتها ، قد لا ينفع ذلك وافشل من حيث نجحت .. لأني احمل الفكرة العملية ولكن لا احمل الروح .. وقد لا يتم الشفاء إلا بالروح .. لذلك تنجح من حيث تفشل وسائل طبية معروفة .. فالله عز وجل يضع سره في اضعف خلقه فيكون قويا بإذن الله ....!!!!

تحية إلى السنديانة العتيقة .. الحاجة أم فخري ، وأطال الله بعمرها وقوى قلبها وأغناها عن شحن البطارية ، لأجل ما تقدم من خير ومعروف ، وجعل ذلك في ميزان حسناتها إن شاء الله تعالى ..!!!

موضوع: رد: السنيانة العتيقة 16/03/10, 05:43 pm

يعطيك العافيه على مجهودك ابو صلاح
بانتظار جديدك دوما
دمت بخير

شكرا لتواجدك زائر نورت الصفحة

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

فلسطين : اذا أحبك مليار مسلم فأنــــــا منهــم 00

وان أحبك شخص واحد فهو أنــــــــــا 00

وان لم يحبك أحد فاعلمي أننى قد مت 00

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

» المسحّراتي... جزء من مذاق خاص لرمضان في القدس العتيقة..!
» اقلام حرة وحدها تحكي الحقيقة، حارات القدس العتيقة
» صورة للتحدي الفلسطيني في حواري القدس العتيقة ( لن تمّروا )