خرج الحاكم مع بعض وزرائه متخفيا و سائقا سيارته بنفسه ليتفقدوا أحوال الرعيَّة .أشار عليه أحد الوزراء مُتَملقا بالبدء بالعاصمة فهي واجهة البلاد وصاحبة الأولوية لكن الحاكم أبى إلا أن يبدأ بالريف تلك المنطقة المنسيَّة , لم يعترض الوزراء فهذا ديدنهم .
و في طريق عودتهم بعد أن رأى ما لا يُفرح و لا يسر , و في أحد الأزقَّة الضَيِّقة وإذا بحمار يتمدد في وسط الطريق , أطلق الحاكم آلة التنبيه ليوقظ الحمار إن كان نائما لكن الحمار رفع رأسه قليلا ثم أعادها كما كانت مُصِراً على موقفه و ظلَّ ممددا نظر الحاكم خلفه كي يتراجع لكنه تذكَّر أنها ستكون أول مرة في حياته و أمام مَنْ ! ! أمام حمار !! بعد أن تركها لغيره , هذه ليست للحكام .
نظر حوله علَّه يجد مخرجاً لهذا المأزق فلم يجد إلا إزاحة الحمار عن الطريق أشار عليه وزير آخر بإعدامه فهم أصحاب خبرة مع المعارضين.
رد الحاكم : و هل تريد أن تُألب علينا جمعيات الرأفة بالحيوان و نوصم بالقتلة .
إذاً ما العمل ؟ هذا الذي يحكم شعبا بأكمله و لم يعرف التنازل قط ,
أيعجز أمام حمار!!
طلب من أحد وزراءه أن يترجل و يحاول مع الحمار , لكنه فشل رغم كل الركل و الضرب , طلب من الوزير الآخر أن يحاول فهو من الريف و هو الأجدر و الأكفأ بالتعامل مع الحمير , لكنه فشل أيضاً .
و أمام فشل الوزراء و إصرار الحمار رأى الحاكم أن لا بُدَّ من التدخل شخصياً فهذه العقدة لا يحلها إلا المحنكين و أصحاب الخبرة الطويلة أمثاله .
نزل الحاكم من السيارة و أسقط في أذن الحمار بعض الكلمات فإذا به ينهض و يفتح الطريق أمام الحاكم و من معه .
ازداد الوزراء إعجابا بالحاكم فهو المُلهَم الذي لا يُقْهَرْ .
نطقوا بصوت واحد : سيدي كيف استطعت إقناع الحمار ؟؟
رد الحاكم مزهوَّاً : أنا أتغلَّبُ على البشر أصحاب العقول , هل سأعجز أمام حمار!!
بالله يا سيدنا و ملهمنا و منارة الضالين لشعبنا , ماذا قلت له ؟؟
قال الحاكم : هل ستقبلون ما قلت له بلا عصبية و بروح رياضية أو حقد على معشر الحمير ؟
نعم سيدنا علمنا بما تجود به علينا و كلنا آذانٌ صاغية .
رد الحاكم بكل هدوء :
قلت له إذا فتحت لنا الطريق , سأمنحك حقيبة وزير في التشكيلة الوزارية القادمة .
عذاب ان تحب
وعذاب ان لا تحب
والعذاب الاكبر ان تحب بلا امل