أيام من حياة عادية جدا, وقائع معاشة

تعالوا نحكي عن نفسنا ،عن حبنا ، عن فرحنا ،عن حزننا،
نحكي الحياة
بتفاصيلها
نحكي عن الناس، عن آلامهم و أحلامهم،عن بطولاتهم و هزائمهم، عن
مخاوفهم ....
نحكي عن كل شيء المهم نحكي بصدق



و سأبدأ الحكي
بحكاية خديجة ،النادلةو الطفلة الأم.

خديجة، الطفلة الأم ، عاشت طفولة قاسية
، أب يحترف القمار وأم مغلوبة على أمرها ، تشتت الأسرة وخديجة في عز المراهقة، لم
تجد غير الشارع مأوى، حاولت أن تعيش و لو بالحد الأدنى ، لكن الواقع غير ذلك، ففي
غياب من يحميها، أو يؤازرها على الأقل وجدت نفسها فريسة لأولاد الشوارع،وتجار اللحم
البشري، فصارت أما بالرغم عنها و حتى دون اختيارها.
صار لها ولد ، سألتها ذات
يوم عن أبيه فقالت : لا أعرفه، أنا مريم العذراء، لكن أكيد أن ابني لن يكون
رسولا.
عرفت خديجة وهي طفلة ، كانت أسرتها قبل تشتتها تسكن غرفة في إحدى دور
الحي، وأعرفها اليوم كنادلة بمقهى الحي،
قلت لها لم عدت إلى الحي ، ألا يضايقك
الماضي هنا ، فقالت: أنا هنا لا أحس بأي حرج ،الكل يعرف تفاصيل حياتي و ليس عندي ما
أخبئه ، عندما أخرج من الحي لا أطيق نفسي لأني أكون دائما مضطرة للكذب حتى أبدو
بشكل مقبول،
ثم تنهدت بعمق ورمت من داخلها نفسا مثقلا بكل جراح الماضي و تابعت:
هنا أحس أني وسط أهلي، رغم أنهم قساة معي كثيرا.
باستطاعتي أن أهاجر وأبيع جسدي
وأعيش أحسن ، لكني أرفض أن أقوم بدور الجارية، أريد أن أعيش و أحس بوجودي كإنسان
،ولذلك اخترت السكن و العمل بين أبناء حيي، أريد أن أتبث لهم أنني لا أختلف في شيء
عن أمهاتهم و أخواتهم،
قد يكون الماضي مؤلم لكنه لم يكن من تدبيري، كنت أنا
الضحية فلم يحولونني إلى جلاد؟
خديجة صارت بالنسبة لي ضمن برنامج حياتي اليومي
، كل يوم أقتطع بعض الوقت و أجلس في مقهى الحي، وغالبا وقت الظهيرة حين تكون المقهى
فارغة ، أطلب قهوتي ،تأتيني بها، ثم تجلس بجانبي ، تقول لي : والدي وأقول لها
ابنتي، تآلفنا وساد بيننا حوار محترم لا يخلو من طرافة و دفء ، تحب ابنها بجنون ،
عليه تصرف كل ما تتقاضاه كأجر عن عملها نادلة. سألتها ماذا ستقول له عن
أبيه؟
ثارت في وجهي و قالت:
وأين أبي أنا ؟ ما فائدته؟ ما دوره ؟ أليس الأحسن
لو لم أعرفه؟ على أي، له أب بيولوجي وهذا يكفي . فأغلب الآباء بيولوجيون فقط.
ثم
ابتسمت و أردفت: أتقبل أن تكون أباه؟
فقلت لها : لم لا تتزوجين؟
ضحكت بأعلى
صوتها ثم قالت: وما فائدة الزوج هو أيضا لن يكون إلا بيولوجيا. واستمرت في الضحك ثم
قامت تلبي طلب زبون.

مشكور عصفور

مشكور مارات

مشكور صقر الحج على المرور