تحت شعار القدس عاصمة الثقافة انطلقت في بيت لحم فعاليات تم توصيفها بأنها ثقافية، وتوافق مع انطلاقها الإعلان عن انطلاق مشاريع توصف بأنها ثقافية وفنية، رصدت لها ملايين الدولارات بما يشمل خمسة ملايين دولار من السلطة الفلسطينية، وإزاء انطلاق هذه الفعاليات الاحتفالية،
نبين التالي:
إن قضية القدس هي قضية عسكرية تتعلق باغتصابها من قبل كيان يهود الذي لا يفقه إلا لغة الجيوش والقتال، وإن تحويل نشاطات الدفاع عن القدس إلى نشاطات ثقافية ومحاولات عرض القضية ضمن المحافل الدولية وعلى أسس الشرعية الدولية هي خداع وتضليل وبعثرة للجهود بغير جدوى، بل وتوجيه لها بما يصب في مشاريع التسوية على أساس الاعتراف بدولة الاحتلال.
وكذلك إن الثقافة التي تنتمي إليها القدس هي ثقافة الإسلام وحضارته وتاريخه الجهادي، وهي تنبثق عن وحي الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلّم، وليست الثقافة حفلات رقص وأمسيات فنية تعقد تحت حراب الاحتلال، وتعمل على تمييع مفاهيم المسلمين.
وكذلك إن تضييق الحصار الاقتصادي على أهل فلسطين والتضييق عليهم في صرف الرواتب وسبل العيش في مقابل صرف الملايين على مثل هذه النشاطات ليؤكد أن الأموال في فلسطين هي أثمان سياسية تدفع أو تمنع لأجل المواقف والمصالح السياسية.
وإن هذا المهرجان وهو يحمل شعارا برّاقا قد يجتذب للوهلة الأولى بعض البسطاء، هو في الحقيقة قد صمم ليستقطب شخصيات عربية رسمية وأخرى ثقافية لحضوره عبر نوافذ سفارات "العدو"، حيث لا يمكن الدخول لأراضي الضفة الغربية من البلاد العربية إلا بعد الحصول على تأشيرة دخول من سفارات دولة يهود، وهذا السلوك يتضمن الاعتراف بذلك الاغتصاب، وهو بالتالي نوع من أنواع التطبيع مع دولة الاحتلال، يسهم في تحقيق أهداف دولة يهود في مد الجسور إلى شعوب الأمة الإسلامية ليصبح وجود كيان يهود وجودا طبيعيا مقبولا عند أهل المنطقة، وليس كيانا منبوذا يجب خلعه.
وإن ذرائع القائمين على تنظيم هذا الاحتفال باطلة: فقضية فلسطين ليست قضية جدار ولا مشكلة حصار، حتى نقول أن زيارة القدس تسهم في التصدي للجدار وفك الحصار. وإن التطبيع مع المحتل مذموم لدى كل أمة احتلت أرضها مهما كانت الغايات، وإن هذا التقزيم لقضية فلسطين يُمعن في دحرجتها نحو مزيد من السقوط، ولن يسهم أبدا في نقل القضية إلى مستوى الحل الجذري الذي يستوجب تضافر جهود الأمة من أجل إيجاد أجواء جهادية في العالم الإسلامي تؤدي إلى تحريك الجيوش نحو فلسطين فتنقذ فلسطين كل فلسطين من براثن اليهود.
وإن القدس تنتظر الفاتحين، وهي بالتالي تلفظ كل المطبّعين. وشتان بين نهج الفاتحين ونهج المطبعين، ومن هنا ندعو الأمة الإسلامية إلى رفض جميع أشكال التطبيع وعدم المشاركة في النشاطات التطبيعية، بل وأن تقوم بواجبها من نصرة العمل لتحرير جيوش الفاتحين من قبضة السلاطين حتى يتم دخول القدس دخول عزة وكرامة، وتعود كما بشّر الرسول صلى الله عليه وسلم عاصمة لدولة الخلافة القادمة.