«كارلوس الثعلب» يرفع دعوى قضائية لحماية صورته
طالب من سجنه في باريس مُعِدّي فيلم وثائقي عنه بمراجعة المحتوى قبل عرضه
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]باريس: إدوارد كودي *
قبل أسامة بن لادن بوقت طويل، كان إليتش راميريز سانشز، المعروف باسم «كارلوس الثعلب»، أشهر شخصية إرهابية في عصره، حيث برز على الساحة بواقعة احتجازه لأحد عشر وزيرا للنفط من الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) كرهائن عام 1975، وعزز شهرته بشن مزيد من الهجمات الدموية في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي. كان راميريز، الذي وصفه الروائي روبرت لودلوم بأنه «الرجل الأكثر خطورة في جميع العصور»، الموضوع الرئيسي للكثير من الكتب والأفلام على مدار العقدين الفائتين، التي لم يكن معظمها يحتوي على إطراءات. بيد أنه على ما يبدو عازم على المحافظة على صورته حتى من داخل زنزانته بأحد السجون بباريس، حيث رفع دعوى قضائية ضد شركة إنتاج فرنسية تصور فيلما وثائقيا عن حياته وأسطورته، مطالبا بإدلاء رأيه في الصورة النهائية.
وقالت المحامية إيزابيل كوتان - بير، محامية راميريز وزوجته أيضا، إن راميريز قد طالب شركة «فيلم إن ستوك» للإنتاج الفني بأن تسلمه النسخة الأصلية من الفيلم الوثائقي بمجرد الانتهاء منه، وأن تمنحه ثلاثة أشهر لمراجعة المحتوى وإدخال التعديلات عليه. وأضافت في مقابلة أجريت معها أن ما عدا ذلك يعد انتهاكا لحقوق الملكية الفكرية الخاصة به وبـ«سيرته الذاتية».
وقالت كوتان - بير إن الفيلم الوثائقي الذي يجري تصويره لصالح شبكة تلفزيون «كانال بلوس» الفرنسية من المحتمل أن يكون فيلما دعائيا إذا لم تُمنح هي وزوجها الحق في الإشراف على دقة محتواه. وقالت إن تصريحات المنتجين تشير إلى أنهم يعتزمون تجسيد راميريز على أنه المحرض وراء هجمات إرهابية لم يُدَن فيها، مما يعد انتهاكا لحقه في افتراض البراءة. وأضافت كوتان - بير، التي تزوجت راميريز من خلال مراسم عقدت في السجن: «إن ذلك زائد عن الحد».
وقال ريتشارد مالكا، محامي شركة الإنتاج الفني، أمام إحدى المحاكم في باريس في أثناء جلسة استماع بشأن القضية في الثالث عشر من يناير (كانون الثاني) الحالي، إنه لم يحصل أي سياسي فرنسي أو أي شخصية عامة أخرى على الحق بمراجعة فيلم يجسد حياته. وأضاف أن منح راميريز هذا الحق من شأنه أن يحرم الشركة من حرية التعبير التي يكفلها الدستور. وقال القضاة إنهم سيصدرون حكمهم في الرابع من فبراير (شباط) المقبل.
وقُدم راميريز، الفنزويلي المولد والبالغ من العمر 60 عاما، إلى المحاكمة بعدما ألقت الشرطة الفرنسية القبض عليه عام 1994، بناء على معلومات أميركية، حيث كان يتعافى من عملية جراحية في العاصمة السودانية الخرطوم. وأودع السجن منذ ذلك الحين بعد أن تم نقله سرا إلى باريس على متن طائرة تابعة للحكومة الفرنسية.
وقبل إلقاء القبض عليه كان قد صدر ضده حكم غيابي بالسجن مدى الحياة لقتله اثنين من عملاء الأمن الداخلي الفرنسي وعميلا آخر يعمل معهما بعد أن طرقا باب مخبئه في باريس عام 1975. وقضت محكمة استئناف في باريس قبل ستة عشر شهرا بوجوب مثوله أمام محكمة خاصة لمكافحة الإرهاب بشأن سلسلة من الهجمات الإرهابية في باريس عامي 1982 و1983.
ونفذ راميريز هجماته باسم تحرير فلسطين وضد النظام القائم، وعلى الرغم من أنه اعتنق الإسلام بعد دخوله السجن، فإنه حارب من أجل المبادئ العلمانية اليسارية.
وسُمي راميريز، وهو نجل محامٍ فنزويلي شيوعي، على اسم إليتش لينين. وفي بداية السبعينات التحق راميريز بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهي جماعة يرأسها جورج حبش ساعدت على عمليات اختطاف طائرات. وباعتباره عضوا في العمليات الخارجية للجبهة، قام راميريز ورفاقه باختطاف وزراء لدول أعضاء في منظمة «أوبك» في أثناء اجتماع للمنظمة في فيينا. وفي وقت لاحق من نفس العام حاول راميريز، وفقا للشرطة الفرنسية، إسقاط طائرة إسرائيلية بإطلاق صاروخ محمول على الكتف صوبه من شرفة مطار أورلي.
وعلى الرغم من الحكم الصادر ضده بالسجن مدى الحياة، سعى راميريز إلى مواصلة ممارسة الشؤون العامة، حيث نشر كتابا عن سيرته الذاتية عام 2004، وأرسل خطابا العام الماضي إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما طالبا مساعدته في البحث عن أحد أعوانه، برونو بريجويت، وهو ثوري سويسري داعم للقضية الفلسطينية اختفى عام 1995 عندما كان على متن سفينة متجهة من إيطاليا إلى اليونان.
* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»