لو أبصر المرء عيوب نفسه لا نشغل بها عن عيوب الناس؛ لأن المرء مطالب بإصلاح نفسه أولاً
و سيسأل عنها قبل غيرها، وقد قال الله تعالى: (كُلُّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) (المدثر/ 38).
وإذا كان العبد بهذه الصفة – مشغولاً بنفسه عن غيره – ارتاحت له النفوس، وكان محبوباً من
الناس، وجزاه الله تعالى بجنس عمله، فيستره ويكف ألسنة الناس عنه، أما من كان متتبعاً عيوب
الناس متحدثاً بها مشنعاً عليهم فإنه لن يسلم من بغضهم وأذاهم، ويكون جزاءه من جنس عمله
أيضاً؛ فإن من تتبع عورات الناس تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته.
وقد يكون انشغال العبد بعيوب الناس والتحدث بها بمثابة ورقة التوت التي يحاول أن يغطي بها عيوبه وسوءاته.
يقول الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم: والشخص الذي يرى صورة نفسه صغيرة جداً تجاه دائماً يضخم عيوب الآخرين.
والإنسان – لنقصه – يتوصل إلى عيب أخيه مع خفائه، وينسى عيب نفسه مع ظهوره ظهوراً مستحكماً لا خفاء به.
إن الانشغال بعيوب الناس يجر العبد إلى الغيبة ولابدّ، وقد عرفنا ما في
الغيبة من إثم ومساوئ يتنزه عنها المسلم الصادق النبيل.
كما أن الانشغال بعيوب الناس يؤدي إلى شيوع العداوة والبغضاء بين أبناء المجتمع