... كنت وانا فى سن الثامنة أسكن مع اسرتى فى حى شعبى بوسط القاهرة وكنت مغرم بالوقوف فى شباك حجرة ابى لأنه يطل على الشارع فكنت اقضى الساعات وانا سعيد بمشاهدة المحلات والمارة واصدقائى وهم يلعبون .. وكنت دائما ادندن بأغنية المطربة الكبيرة نجاة " مع انها اسمها نجاة الصغيرة " الاغنية كانت بتقول :ـ شباك الامل وفتحته .. والدنيا جناين تحته .
وكان فى الحى رجل شرس فاتح محل بقالة بس كان فى منتهى الغباء والجبروت وغاوى مشاكل وكان اسمه " سيد العجل " وعلشان انا طفل ومش فاهم حاجة كان يحلو لى انا اناديه وانا فى الشباك بصوت عالى " سيد يا عجل .. سيد ياعجل " وكان كل من فى الشارع ينظر لى وهم ميتين من الضحك لان سيد العجل مش هيقدر يعملى حاجة ؟
وفى يوم من الايام وانا راجع من المدرسة وقفت امام دكان سيد العجل واخذت انادى عليه " سيد يا عجل .. سيد يا عجل " فما كان منه الا ان خرج من المحل ورزعنى قلـم على خدى خلانى شفت الوان الطيف وبصراحة من هول المفاجأة لم اصرح ولم ابكى لكنى خدت طريقى للبيت وانا فى حالة ذهول وصمت عجيب حتى قابلنى جارنا الطيب عم عبد العزيز فوجدت نفسى ارتمى فى احضانه وانا فى حالة تشنج وبكاء مرير .. واخذ عم عبد العزيز يطيب من خاطرى ويسالنى
ما لك يا خالد ؟ مين زعلك ؟
فقلت بصعوبة " سيد العجل ضربنى "
ولم يشاء الرجل ان يثقل على بالاسئلة واخذ طريقة الى محل سيد العجل وسأله ضربت الواد خالد ليه ؟
ورد سيد بتبجح :ـ وانت مال أمك .
وراح ضربه بكفة الميزان على دماغة ولأن عم عبد العزيز راجل طيب ومحبوب من الحى كله
قاموا الناس كلهم واصحاب المحلات الاخرى بضرب سيد العجل وبقت معركة كبيرة تم فيها تأديب سيد العجل وسرقة اصناف البقالة من الدكان بتاعة " صحيح لما العجل يوقع تكتر سكاكينه" وامتنع اهل الحى من شراء اى شيىء من سيد العجل حتى بارت تجارته وتقريبا ضرب تفليسة وبعدها بشهور اصيب بالمرض والحسرة واصبح حاله يصعب على الكافر .
المهم .. اصبحت انا بعد اللى حصل معروف فى الحى " بخالد قاهر العجل " وكان اصحابى ينادونى خالد ياقاهر العجل وكنا نضحك كلما تذكرنا الخناقة اللى اندبح فيها سيد العجل وبدات اسير فى الحى كأنى " رومل ثعلب الصحراء فى الحرب العالمية الثانية "
... ومع الايام اختفت كلمة قاهر من النداء واصبحت معروفا " بخالد العجل " كده مباشرة " وبصراحة تعبت نفسيا كلما سمعت اصدقائى يدعوننى للعب بنداء " خالد يا عجل "
وعندما اصبحت فى المرحلة الثانوية الحكاية اتنست واصبحت خالد فقط ولكن ا لان وبعد ان زاد وزنى واصبح كيلو اللحمة بسبعين جنيه اجدنى اترحم على ايام نداء " خالد ياعجل " على الاقل الواحد كان هيبقاله قيمة فى ظل هذا الارتفاع الجنونى لاسعار اللحوم شوف انت بقى الواحد كان يساوى كام دلوقتى .. الله يرحمك يا عم سيد يا عجل ويرحمك ياعم عبد العزيز وقادر يرحمنا من العجول
اللى كاتمة على نفسنا .. قولوا آميييييييييين .
بقلم خالد شوقي " القاهرة "