المحسن الكبير
بقلم : الداعي بالخير صالح صلاح شبانة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]وقفت بدهشة أمام عمليتين للنصب والإحتيال ، الأولى تم استغلال الطيبة والواعز الديني عند المواطنين ، فكانت استغلالا بشعا للعواطف والقيم ، وما تربى عليه الناس من خلق كريم هو السائد عند الغالبية الكبرى بين الناس ، من أبناء شعبنا ، والثانية سببها الطمع والجشع ، وأن نتعلم وندقق قبل أن تغلبنا عواطفنا النبيلة ، أو طمعنا وجشعنا ، فكم من المتصيدين في المياه العكرة ..!!
والآن سأفرد لكم الحكايتان حكاية حكاية ...!!!
فأما الحكاية الأولى وهي من الخبث بمكان قد لا يرقى اليه خبيث ، أنه قد تم ادخال جنازة إلى أحد المساجد للصلاة عليها ، وعندما قدموها للصلاة ، وتقدم الإمام للصلاة عليها صرخ أحد الناس أن له دين على هذا الميت بمبلغ (500) دينار ، فانبرى له رجل وقال : دينه في عنقي ، وبعد الدفن أعطيك شيكا واذهب إلى البنك واسحب المبلغ الذي تريد ، فقال : لا ، أريد المبلغ الآن ولن أسامحه إذا لم يوضع المبلغ بيدي الآن ...!!!
وأمام هذا التهديد بعدم مسامحة الميت رجع الإمام للخلف وامتنع عن الصلاة عليه ، وطلب من أي شخص آخر أن يصلي عليه ، وهنا ثارت الطيبة وعصفت الأخلاق العالية بالناس ، وقاموا على التو بالتبرع وجمع المبلغ وإعطاؤه للرجل ، وتقدم الإمام وصلى عليه بعد أن برأت ذمته ، فيما انسل الرجلان الدائن والذي التزم بالدين على عجل ، يعني (فص ملح وذاب) ، ولم يعثر المصلون لهما على أثر ...ولم يتقدم أحد للنعش لتشييع المتوفى ، وعندما كشف الناس النعش وجدوا المرحوم عبارة عن قطعة خشب ، وأن العملية من ألفها حتى يائها عملية نصب خبيثة أخرجها الشيطان من جرابه ، وأودعها لذلكما الخبيثين ، لعلمهم بطيبة نفوس الناس ، وصفاء نواياهم ، وأن الخير المثمر فيهم سيحقق الأمنية الخبيثة بهما ، وهذا ما حدث فعلا ...!!!
أما الحكاية الخبيثة الثانية ، فقد تردد أحدهم على أحد المساجد ، وصار يصلي الأوقات الخمس جماعة ، وقال للإمام أن أحد المحسنين يريد أن يوزع مادة الكاز (السلعة الإستراتيجية في الأردن التي بلغت السحاب سنة 2007 م) ، على 20-30 أسرة فقيرة ، وطلب منه تحضير الأواني اللازمة لذلك بعد صلاة العصر ، وبالفعل تم ذلك ، وقبل صلاة المغرب استلم الناس أواني الكاز التي تفوح برائحة الكاز البهية ، التي دخلت صنف العطور والمطهرات ، وصارت تباع للتبرك بها ...!!!!
وبعد اسبوع طلب من الأمام أواني لعشرين أسرة على حساب المحسن الكبير ، وتم توزيع الكاز ، حتى صار المحسن الكبير أشهر من نار على علم ، وصار الجميع ينتظر مكرمته القادمة على أحر من جمر النار ...!!!
ولم يطل الأنتظار أكثر من أيام حتى أعلن الرجل أن المحسن الكبير سيتوجه الى الديار المقدسة لأداء مناسك العمرة وأنه يريد تقديم زكاة أمواله غاز يقدمه بلا عدد معين ، ليحمي عظام الناس من هذا البرد القارص ولا يرجو من الناس إلا الدعاء له ، وخلال ساعة من الزمن كانت اسطوانات غاز سكان الحي في شاحنة كانت تقف أمام المسجد ، علما أن اسطوانة الغاز يشتريها المواطن (بـ 43) دينارا أردنيا ، وفي الشتاء حدث ولا حرج ، حيث تنتشر السوق السوداء منذ أكرمنا الله (بالخصخصة التي مصمصتنا مصمصة ، وقرقطت عظامنا قرقطة ، ومرمطتنا في لقمة العيش مرمطة) ، وعندما (نتقت الشاحنة الغاز من حلقها) ، لتعود باسطوانات تنتق الغاز من حلقها ، وراح ذلك الوسيط للمحسن الكبير .. (وهذا وجه الضيف) ...!!!
فانظروا رحمكم الله لهذه الخطة الشيطانية الدنيئة ، ولهذا الإعداد المتقن ، ومع كثيرين سلكوا هذا السلوك عندما أخذوا أموالا من الناس لدفع مرابح خيالية لهم ، وتم الدفع لشهر أو أكثر من المال الذي دفعوه ، وبالتالي هربوا بالمال ... وتركوا الطماعين في حسرة قلوبهم ... وعلى رأي المثل (الكذابين خربوا بيت الطماعين) ، ثم سرقة الناس نهارا جهارا ، وعيونهم تدور في رؤوسهم في محاجرها ...!!!!
إن النصب والإحتيال في تطور مستمر ... والسبب هو الفقر ، وحاجة الناس كما حدث في الحكاية الثانية ، ولكن السيء أن الطمع دخل إلى نفوسهم ، فطمعوا بأكثر من حاجتهم كما في الحكاية الثانية ، فكانت خسارتهم أكبر ، وطمع بعبوة اسطوانة بقيمة ستة دنانير ونصف ، وخسر اسطوانة بقيمة 43 دينارا ...!!!
وفي الحكاية الأولى عزفوا على وتر الإنسانية وبذرة الخير عند الناس ...!!!
هذه الحكايات تنتشر في كل مكان ، ولكن القاعدة الغالبة هي الطيبة والصدق ، ولا ندعو الناس إلى عدم فعل الخير ، ولكن إلى الحذر حتى لا تصبح الطيبة بلاهة ...!!!!
نشرت في جريدة الجزيرة الأردنية في 9/4/2007
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]منتديات سنجل الباسلة