دائما ما يثيرني هذا الموضوع خصوصا أنه من المواضيع المهمة في حياتنا والتي تحدد لنا الكثير من خطط طريقنا في النجاح أو الفشل, والذي يشعر
بالحزن أكثر هو أن كثيرا من الناس لا يعرفون هذا الشيء
وهي مسألة القدر
كثير من الأخوة والأخوات يقعون في الأخطاء تلو الأخطاء, أو يعملون عملا ويرون النتائج السلبية, ثم يقولون "هذا القدر"
نقول لهم لماذا إخترت شريك حياتك هذا الشخص غير المناسب لك... يقول هذا "قدري"
لماذا فعلت ذلك أو لماذا فرطت في ذلك, لماذا صدمت بالسيارة, لماذا كسرت هذا الشيء, لماذا رسبت في هذه المادة, بكل بساطة "القدر"
والعذر الأقبح من الذنب عندما يقول لك هذا قدري وليس لي يد به
ولكن أقول, وبشكل عقلاني... إن كان القدر هو من يحركنا, ويحرك تصرفاتنا والأحداث التي تحدث من حولينا, فنحن ليس لدينا دخل في هذه الدنيا,
وليس لأعمالنا نتائج, وبهذه الحالة لماذا نحاسب على أعمالنا إن كان القدر هو من يصنعها؟؟؟
هنا نجد مشكلة, وكون أن هناك مشكلة, فأظن أنها سترتبط بالفهم الخاطئ وليس بالواقع, فالواقع واقع صحيح والله لا يظلم أحدا
ودعونا الآن نقول ما هو القدر
القدر هو علم كاشف..... وليس أمر مجبر..
القدر علم عند الله, فهو الذي يعلم ما في قلبونا, ويعلم ما يحدث في كل لحظة, ويعلم بعلمه الخاص ماذا سيحدث في المستقبل, فكتب لنا ما سيحدث في
المستقبل في اللوح المسطور كشفا للمستقبل الذي هو يعرفه, وليس أنه كتب أشياء أجبرنا بأن نعملها
فهو يعلم أنك ستهمل دراستك, وأن المدرس لن يساعدك, ويعلم أنك بعدها نتيجة لعملك ستحصل على درجة رسوب, فكتب ذلك في القدر لأنه يعلمه, ولم
يكتب في القدر أنك سترسب لأنه يريد أن يجبرك على الرسوب, إنما كتبه لأنه يعلم أنها ستكون هذه نتيجة أعمالك, فأنت رسبت بسبب إهمالك ولذلك كتبت,
ولم ترسب بسبب أنها كتبت
دعونا نضرب مثالا (ولله المثل الأعلى)
أنت مدرس في أحد المواد ولديك عشرة طلاب
قدمت لهم إختبارا في المادة, وجلست على كرسيك وأخذت ورقة وقلم وكتبت توقعاتك عن نتائج هؤلاء الطلاب
فكتبت أن فلان سيرسب.. وفلان ستكون درجته إمتياز, وهذا كذا وهذا كذا
إنتهى الإختبار وإستلمت أوراقهم, وصححتها, ووجدت بعدها أن الدرجات التي كتبتها أنت على الورقة من توقعاتك لطلابك طابقت نفس درجاتهم الحقيقية
فهل في هذه الحالة سنقول أن فلان نجح وفلان رسب لأنك أنت كتبت ذلك في الورقة قبل الإختبار؟؟ لا هم رسبوا بسبب أجوبتهم في الإختبار, أما ما كتبته
أنت في الورقة هو مجرد توقع للمستقبل وليس مجبر لهم..
طبعا يختلف ربنا –جل وعلاه- بكل الإختلاف عن هذا المثل, فأنت كمدرس تتوقع فقط, أما الله فهو يعلم علم يقين كامل بالمستقبل, ولكنه كتبه كشفا
للمستقبل وليس إجبارا لنا
أختم كلامي بقولي
أن أول ما خلق الله من مخلوقاتنا خلق القلم, فقال له "أكتب" فجرى في اللوح المسطور يكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة
فلنكن عقلاء, ولنتحمل عواقب أعمالنا, ولنجتهد لكي نحصل على النتيجة, فلكل سبب نتيجة, ولا نرمي أعبائنا على المجهول... كالعادة