ليمونة نائل
بقلم : الداعي بالخير صالح صلاح شبانة
صورة من قصص النضال
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]بدأت قناة عوده الفضائية الفلسطينية عظيمة ، شامخة القامة سامقة ، بدت وكأنها تختزن كل ما نمتلك من ذاكرة وحاضر ومستقبل ، وهي تنقل لنا أبهى وأعظم الصور الوطنية والتراثية وهما تخرجان من بوتقة واحدة ، كتوأمين سياميين لا ينفصلان ، وأي عملية جراحية لفصلهما تؤدي الى موتهما وفي أحسن الأحوال لأحدهما ...!!!
عودتنا منذ ميلادها المجيد ان تقدم لنا كل ثري وثمين ، وهي لا زالت بطور التجربة ، ولا زالت بحاجة الى دعم وطني كامل ، مادي ومعنوي ، ومن لديه وثائق وكنوز أن يخرجها ليراها ويسمعها الناس من خلالها ، ريثما تقف ويشتد عودها ويصلب ، وقد بدأ فنيا وبالعطاء، فهي متواجدة على كل ربوع الوطن والديرة ، وها هي تنشر ترثنا لكل الفلسطينيين والعرب في كل أصقاع الأرض ، وهي فلسطينية عربية اسلامية بامتياز شديد ....!!!
استوقفتني وتأملت كثيرا بطريقة تعبير الفلسطيني عن حبه للوطن والأرض ، ومن خلال برنامج بث عن الأسير الحر بأذن الله تعالى ، (نائل البرغوثي) الذي يقضي حكما بالسجن المؤبد ، وهو بمثل سني تقريبا ، كان ثائرا متمردا ، لا تهزه الريح ، وحتى يبقى وكأنه لم يغادر قريته الحبيبة (كوبر) ، وهي من أعمال مدينة رام الله ، كان لي شرف زيارتها سنة 2000 م وتصوير برنامج لقناة الشرق في ديوان البراغثة هناك ، وفرصة لأتعرف الى أهلها وسماع قصيدة سيارة أبو عماد ، وهي كاريكاتير ساخر رائع ، وأهلها مثل كل أهلنا في فلسطين ، عظماء من عظمة الوطن والأرض هناك ..!!
المهم بثت قناة عودة فيلما تسجيليا عن الأسير الحر نائل البرغوثي وهو من مواليد 1957 ، أي أبن 53 عاما ، عاشت حسرته في قلب امه وأبيه ، وماتا ولم يتحقق حلم حريته ، ولم تحتفل أمه احتفالها الحلم بعودته ... وتفاصيل انسانية كثيرة تجعل القلب الحجر يشرق بالدموع كلما احتضن سمعه مزيد من الذكريات .. !!
وحياة شعبنا مأساة نقهرها بالصمود والتحدي والأمل بيوم النصر والكرامة ، وانجاز وعد الله على لسان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ...!!!
ولكن أطرف ما لفت نظري بسرد سيرة الأسير المضيئة بالحلم الفلسطيني الزاهر ، أنه طلب من أهله أن يزرعوا بأسمه شجرة في كل مناسبة ، وهناك شجرة الليمون ، شجرة نائل ، حيث كانت المرحومة امه ترعاها ولا تسمح لأحد أن يقوم بذلك سواها ، وتجلس تحتها تحدثها وتناجيها ، كأنها تحدث نائل الأسير ، وتغني لها عن نائل ، حتى ماتت رحمها الله تعالى ، ولكن أكثر ما لفت نظري ، أن نائل كان يرسل للشجرة ماء وترابا من كل سجن ينقل اليه ، ليعيش في عروقها ، بل وأوصى أهله أن يأخذوا لها من كل بلد في فلسطين حفنة تراب ، حتى تبدو وكأنها تعيش على كل الأرض الفلسطينية ...!!
سيرة مضمخة بالعطر ومشرقة بالنور رواها للفلسطينيين والعالم شقيقه وشقيقته ، وبثتها قناة عوده الشابة الفلسطينية الأمل التي تحمل على عاتقيها أقدس مهمة ، وهي الذاكرة الفلسطينية الخالدة ، فقد كان قادة العدو يراهنون على تذويب الذاكرة بقولهم : (الكبار يموتون ، والصغار ينسون) ، ومن هذا ومن أجله جاءت عوده ، وستبقى ان شاء الله ، واذا لم تكمل المشوار ، أو اذا اغتيلت مثل من سبقوها ، فدمها في عنق كل فلسطيني ...!!!
كل التحيات لكل الأسرى الأحرار ، الذين آثروا الموت في سجون العدو ، يقبرون أحياء ، ولم يهادنوا ، في حين الذين يخونون الوطن يعيشون بالأموال الطائلة ، والحياة الناعمة ، ولكنهم الى الذاكرة الخالدة للأمة التي لا تنسى أبطالها الشرفاء ، ولا أمواتها الشهداء ، وتحفظهم في قلبها في سجلات الشرف والتي تقارب القداسة ، في حين تلك الطغمة الخالدة يعيشون كلابا ويموتون كلابا ، وليتهم يبعثون كلابا ، فيكونون ترابا كما البهائم والتي هي أشرف منهم وأعظم منزلة ، ولكنهم يخلدون مع المنافقين والكفار في أسفل سافلين ..!!
طوبى لك يا نائل البرغوثي ولكل الأسرى العظماء ، والرحمة للشهداء الأبرار ، والموت للخونة الأنذال ، وان حَبسوا أجسادكم ما حَبسوا أرواحكم ، ولا أعادوا خيال أحدكم حيث يهيم الى ما شاء الله لصاحبه ، ولا حبسوا ارواحكم العظيمة ، فأنتم الأسود السادة ، وهم الثعالب المرعوبة ، رغم كل الحديد والسلاح ، لأنكم أصحاب حق وهم أراذل ، عابرون غير دائمين ودولتهم الى زوال ..!!
ليمونة نائل البرغوثي بعد أن اشتهرت من على قناة عوده أصبحت شجرة كل الأسرى الأحرارالفلسطينيين وصار من واجب كل فلسطيني أن يحضر لها حفنة تراب وشربة ماء ، لأنها شجرة فلسطينية بالأجماع ...!!!
وكل التحيات لقناة عوده الفضائية التي تشمخ وتتعملق ، وقامتها تعلو كل يوم حتى تعانق
الغيوم ويتحمم رأسها الطاهر من المطر الذي لم تعتصره الديم بعد ...!!!
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]الداعي بالخير
صالح صلاح شبانة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]منتديات سنجل الباسلة
الموقع الشخصي للكاتب والباحث صالح صلاح شبانة