بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي يعيش هذه الايام افضل ايامه في الحكم. فقد نجح في تعطيل مفاوضات السلام، والحفاظ على الائتلاف الداعم لوزارته في الكنيست، والاكثر من ذلك انه استأنف الاستيطان في الاراضي المحتلة بالبدء في بناء ستمائة وحدة سكنية تحت سمع العالم وبصره.
ويبدو ان جميع هذه 'الانجازات' لا تشفي غليله، فهو ما زال يطلب المزيد من التنازلات، ويملي العديد من الشروط على 'شركائه' في العملية السلمية المقبورة، اي السلطة الفلسطينية ورجالاتها.
بالأمس وفي خطبة القاها في مؤتمر انعقد في القدس المحتلة حول 'مستقبل الشعب اليهودي' بمشاركة زعماء اليهود من كافة انحاء العالم، قال نتنياهو 'ان السلام ممكن، ولكنه يتطلب تنازلات ليس فقط من الجانب الاسرائيلي وانما من الجانب الفلسطيني ايضا'، واضاف 'ان اعتراف الفلسطينيين باسرائيل كدولة يهودية، هو الدليل الوحيد على استعدادهم للسلام'.
في الماضي كان الاسرائيليون يطالبون العرب بالاعتراف باسرائيل وحقها في الوجود، وعندما فعل العرب ذلك من خلال القبول بقرار مجلس الامن الدولي رقم 242، بدأ الاسرائيليون يطالبون بالمفاوضات، وعندما تحققت لهم مطالبهم هذه، اخترعوا صيغا مثل الارض مقابل السلام، وعندما حصلوا على السلام تشبثوا بالارض، وهكذا.
نتنياهو، وفي ظل سلطة فلسطينية متخاذلة، ربما سيحصل على ما يريد في نهاية المطاف. فقد اصر على المفاوضات المباشرة وجاء من يرضخ لمطالبه، وأصر على استئناف الاستيطان في الاراضي المحتلة ولم نر مظاهرة احتجاج واحدة في رام الله.
السيد ياسر عبد ربه بدأ التهيئة للقبول بمطالب نتنياهو هذه، فقد قال ما معناه انه يريد خريطة بحدود دولة اسرائيل اليهودية هذه قبل الاعتراف بها. واضاف بان قيام الدولة الفلسطينية على الاراضي المحتلة عام 1967 هو شرط لبحث اي امور اخرى.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس قال في لقاءات مع قيادات اليهود في واشنطن ونيويورك ان السلطة اعترفت باسرائيل، ولا اعتراض لديه حول اي اسم تطلقه على نفسها. وذهب الى ما هو ابعد من ذلك عندما قال انه مستعد لإنهاء جميع المطالبات بالحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، مقابل التوصل الى تسوية تؤدي الى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة.
هذه التنازلات التي اقدمت عليها السلطة جاءت بنصائح من الامريكيين والاوروبيين، وهي بمثابة تمهيد للسلطة الفلسطينية للقبول بشروط نتنياهو ومطالبه حول الاعتراف بيهودية اسرائيل.
لا نعرف من الذي اعطى للرئيس عباس والسيد عبد ربه الحق بتقديم مثل هذه التنازلات، او اطلاق بالونات الاختبار هذه. ولا نعرف لماذا يصمت الشعب الفلسطيني على هذا التوجه الخطير للتفريط بحقوق اجياله.
نتنياهو يتحدث بثقة، ويفرض شروطه بقوة، لانه يعرف، ان طرفا فلسطينيا يدعي تمثيل شعبه مستعد للتجاوب مع طلباته مهما بلغت المغالاة فيها، هذا اذا لم يكن نتنياهو قد اتفق مسبقا مع السلطة على مطالبه هذه في مقابلاته مع قيادتها في الغرف المغلقة.
القدس العربي
شكرا لتواجدك زائر نورت الصفحة