تل أبيب- قال مؤسس موقع ويكيليكس الالكتروني جوليان أسانج إن تسريب الوثائق السرية في الشهور الماضي كان بمثابة وقود أشعل الثورات العربية، وأنه سينشر قريبا 6000 وثيقة سرية تتعلق بإسرائيل وتلقي الضوء على محاربة البرنامج النووي الإيراني واغتيال عماد مغنية والتعاون المخابراتي بين إسرائيل ودول عربية عديدة والتحريض ضد مواطني العرب في الدولة العبرية وغيرها.
وقال أسانج، في مقابلة أجرتها معه صحيفة (يديعوت أحرونوت)، إنه "بدلا من قضاء الوقت في حرب ندافع فيها عن سمعتنا الحسنة، قررنا إشعال ثورة في الشرق الأوسط"، وأنه "في دول مثل تونس ومصر كانت جميع العناصر لصنع الثورة متوفرة، ومساهمتنا كانت بتجفيف الأشجار تمهيدا لإضرام النار بالموقدة".
وأضاف أسانج "لدينا 6000 وثيقة سرية تتعلق بإسرائيل ونعتزم نشرها قريبا" وكان هذا على ما يبدو ما دفع إلى تسريب مضمون بعض الوثائق إلى (يديعوت أحرونوت) التي ستنشر تقريرها الجمعة بينما حصلت يونايتد برس انترناشونال على هذا التقرير الخميس.
ويشار إلى أن صحيفة (هآرتس) نشرت الخميس أيضا مضمون وثائق مسربة حصلت عليها من "ويكيليكس".
وبشأن تأثير (ويكيليكس) على الثورات العربية قال أسانج إنه "تحدثنا مع عدد كبير من الأشخاص الذين شاركوا في الثورات الأخيرة أو غطوها إعلاميا وبالإمكان القول إن محور الزمن سار كالتالي: في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر (الماضي) بدأ ويكيليكس في نشر وثائق وزارة الخارجية الأمريكية مع شركاء من وسائل الإعلام وبينهم الصحيفة اللبنانية (الأخبار) وصحيفة مصرية".
واضاف إن "الأخبار نشرت مواد وصلت من دول شمال أفريقيا شملت تونس والسعودية ولبنان، وفي رد فعل على ذلك تمت مهاجمة موقع الصحيفة الالكتروني بوحشية والحكومة التونسية منعت مشاهدته في تونس وكذلك منعت ويكيليكس، وكل من حاول الدخول إلى موقع الأخبار كان يوجه إلى موقع إباحي سعودي، نعم يوجد أمر كهذا، وبعد أن نجح الموقع في التغلب على الهجوم تسلل إليه قراصنة كمبيوتر ومحو كل المعلومات المتعلقة بنشر البرقيات في 'الأخبار'.
وقال أسانج ردا على سؤال عمن فعل ذلك إنه "برأيي أن مستوى الذكاء في الهجوم يدل على أن القراصنة كانوا مدعومين من جهاز استخبارات لدولة متطورة، إما وكالة الأمن القومي الأميركي أو (وحدة الاستخبارات العسكرية) 8200 الإسرائيلية أو السعوديين الذين لديهم حافزا كبيرا للغاية لمنع نشر المواد".
وأضاف إن رد الفعل على مهاجمة موقع (الأخبار) كان قيام قراصنة كمبيوتر مؤيدين لـ(ويكيليكس) بتوجيه كل من حاول دخول الموقع الالكتروني للحكومة التونسية إلى موقع ويكيليكس.
وتابع أسانج إن "بعض البرقيات التي نشرناها بحثت مطولا في الاستخدام السيئ للقوة من جانب الرئيس التونسي (المخلوع زين العابدين) بن علي وعائلته، وتم نشر هذه المواد بين المواطنين التونسيين وسببوا عاصفة لكن الأهم من ذلك هو أن البرقيات المسربة أظهرت أنه في حال نشوب نزاع مسلح بين الجيش وعائلة بن علي فإن الولايات المتحدة ستقف إلى جانب الجيش وهذا لفت بالتأكيد انتباه الجيش والدولة كلها".
وقال مؤسس (ويكيليكس) إن الموقع الالكتروني سينشر في المرحلة المقبلة وثائق تتعلق بدول.
وقال إنه لم يطللع بعد على "البرقيات الداخلية لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي أي ايه) ووكالة الأمن القومي الأمريكي (ان اس ايه) وجهاز الأمن الروسي والموساد أيضا، وعندما ننفذ كل هذا سنقول إننا أنجزنا شيئا".
ويذكر أن الوثائق التي سربها (ويكيليكس) حتى الآن وأظهرت تخوف دول عربية من إيران وبرنامجها النووي أثارت ردود فعل إيجابية في إسرائيل، وبخاصة من جانب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.
وقال أسانج إن "عليّ أن أقول إني فوجئت من قوة رد الفعل الإيجابي في إسرائيل وبخاصة من جانب رئيس حكومتكم"، لكن على ما يبدو أن سعادة إسرائيل بالوثائق التي تسربت كانت سابقة لأوانها.
واضاف أسانج إنه كان حذرا بتسريب مواد سرية بشأن إسرائيل في المراحل الأولى من التسريبات وذلك لكي لا يثير غضب اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة.
رغم ذلك أشار إلى أنه تم تسريب وثائق تضمنت معلومات حول إسرائيل لكن وسائل الإعلام الكبرى تجاهلتها وإحدى هذه الوثائق هي برقية "تصف لقاء مندوبين أمريكيين مع مسؤولين إسرائيليين قالوا بشكل علني إن السياسة الاقتصادية الإسرائيلية في غزة تقضي بأن يكون مستوى الوضع الاقتصادي في غزة أعلى بقليل من أزمة اقتصادية وإنسانية وبحيث يكون الرأس فقط فوق الماء".
وأضاف أسانج إن "هذا يتناقض تماما مع الادعاءات الإسرائيلية الرسمية بأن الحصار على غزة هدفه منع تهريب الأسلحة فقط وليس له علاقة بالأزمة الإنسانية، ولم تنشر أي وسيلة إعلام كبيرة هذا الأمر ولم تحدث الضجة التي ينبغي إحداثها".
وأكد أسانج أن نشر الوثائق حول إسرائيل "سيكشف تفاصيل ويوفر أدلة على أمور كثيرة كانت حتى الآن بمثابة تكهن أو اشتباه أو أنكم لم تتمكنوا من نشرها بسبب الرقابة العسكرية".
وأوضح أن قسما كبيرا من هذه المواد هو بشأن إيران وتكشف البرقيات معلومات استخبارية كثيرة تتحدث بشأن الحرب في الجانب الاقتصادي ضد البرنامج النووي الإيراني.
ويظهر في إحدى هذه الوثائق أن رئيس الموساد السابق مائير داغان استعرض أمام الأميركيين مواد استخبارية يظهر منها أن الضغوط التي مارستها دول أوروبية على إيران أدت إلى نتائج وأن داغان ادعى بأن هذا دليل على أن لدى إيران حساسية من الضغوط وأنه يجب العمل بحزم ضدها ومن دون توقف.
وستشمل المواد التي سيتم نشرها قضايا إسرائيلية داخلية حساسة وتقتبس إحدى البرقيات رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) يوفال ديسكين يقول لمندوبين أمريكيين إنه "يتزايد الشعور لدى المواطنين العرب في إسرائيل بأنهم منعزلين عن الدولة ويميلون إلى وصف أنفسهم كعرب وأحيانا كمسلمين بدلا من إسرائيليين".
ويهاجم ديسكين أعضاء الكنيست العرب بشدة ويقول إنهم في حالة "مغازلة" مع "دول العدو" وأنهم "لا ينشرون الأفكار والقيم الديمقراطية الإسرائيلية ويستغلون حصانتهم الدبلوماسية".
وادعى ديسكين أن "معظم المشاكل أثارها اللاجئون الذين تم السماح بعودتهم إلى إسرائيل وأحضروا معهم أفكارا سيئة".
وتبين الوثيقة أن ديكسين انتقد الشرطة الإسرائيلية بشدة لأنه "بسبب عجزها اضطر الشاباك إلى التدخل في قضية عزمي بشارة" في إشارة إلى عضو الكنيست بشارة الذي غادر إسرائيل وتشتبه أجهزة الأمن الإسرائيلية بأنه تخابر مع حزب الله خلال حرب لبنان الثانية.
ويظهر من الوثائق أن ديسكين حظي بتقدير كبير من الجانب الأمريكي كما أن رئيس الدائرة السياسية – الأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس غلعاد يحظى بتقدير مشابه من الأمريكيين.
وتناولت وثائق عديدة من التي يعتزم (ويكيليكس) نشرها قضية اغتيال القائد العسكري لحزب الله عماد مغنية الذي اغتيل في شباط/ فبراير العام 2008.
ويتبين من مذكرة كتبت في 18 تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 2006، أي قبل الاغتيال، أن معلومات استخبارية بالغة السرية وصلت إلى الولايات المتحدة أفادت بأن إيران عيّنت مغنية نائبا لأمين عام حزب الله حسن نصر الله.
وتساءلت (يديعوت أحرونوت) فيما إذا كانت هذه المعلومات "قد سرّعت الاستعدادات للاغتيال الذي لا يوجد شك لدى الأمريكيين بأن إسرائيل نفذته".
كذلك تحدثت وثائق بحوزة (ويكيليكس) عن الجنود الإسرائيليين المفقودين في معركة السلطان يعقوب ومساعد الطيار رون أراد والجندي غاي حيفر والجندي الأسير في قطاع غزة غلعاد شاليط وايضا عن الجاسوس الإسرائيلي ايلي كوهين الذي أعدم في دمشق في منتصف ستينات القرن الماضي.
وقالت إحدى البرقيات إن معلومات سرية وصلت إلى الولايات المتحدة تفيد بأن "رجل دين لديه معلومات حول رون أراد ويريد مالا كثيرا مقابلها"، وهذه معلومة من شأنها أن تثير ضجة كبيرة في إسرائيل لدى الكشف عن هذه الوثيقة.
القدس العربي
شكرا لتواجدك زائر نورت الصفحة