ااحاديث عن وصف الجنة ,
]
الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين و على آله و صحبه أجمعين ...
أما بعد .. فالله سبحانه و تعالى يقول (( إلا من رحم ربك و لذلك خلقهم )) و يقول جل و علا (( وما خلقت الجنّ والإنس إلا ليعبدون )) فالله سبحانه وتعالي يبين لنا في هاتين الآيتين أنه خلقنا لنعبده فنسعد بعبادته فيرحمنا فالله سبحانه وتعالي غني عن تعذيب عباده .. خلقنا ليرحمنا .. و يسعدنا و يسكننا جنته يقول تبارك و تعالى في الحديث القدسي (( أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر )) و يقول سبحانه في محكم التنزيل (( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون )) ..
فالله سبحانه و تعالى أعد جنات عرضها كعرض السماوات و الأرض لمن أطاعه فيما أمر و انتهى عما نهى عنه و زجر ... و جاءت الآيات الكريمة و الأحاديث الشريفة لتصف لنا الجنة و ما فيها من النعيم و تصف لنا الطريق القويم للوصول إلى هذه الجنة ...و لتحثنا على الجد و العمل للوصول إلى الجنة .. قال تعالى : ((سابقوا إلى مغفرة مّن رّبّكم وجنّة عرضها كعرض السّماء والأرض أعدّت للّذين آمنوا باللّه ورسله ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم )) و قال تعالى : ((وسارعوا إلى مغفرة مّن رّبّكم وجنّة عرضها السّماوات والأرض أعدّت للمتّقين ))
و قبل أن نذهب في رحلتنا إلى الجنة لنتعرف أوصافها و طرقها علينا أن ننتبه أنها فوق ما نسمع و نقرأ فكل ما جاء في القرآن الكريم و السنة النبوية المطهرة من أوصاف الجنة و أنهارها و قصورها و طعامها و شرابها .. لا يشبه شيئا من جنسه في الدنيا إلا في الاسم !!
1- أرضها وتربتها
روى الترمذيّ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله ممّ خلق الخلق ؟ قال: (( من الماء)) قلت : الجنّة ما بناؤها ؟ قال)) :لبنة فضة و لبنة ذهب وملاطها المسك الأذفر وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت , وتربتها الزّعفران ,من يدخلها ينعم لا يبأس , ويخلد لا يموت , ولا تبلى ثيابهم ولا يفنى شبابهم)).
فالجنة ليست من الدنيا في شيء فبناؤها من الذهب و الفضة و طينها مسك يفوح رائحة عطرة و إذا تعثرت قدمك بشيء و أنت تسير في الجنة – جعلنا الله من أهلها – فلا تظن أبدا أنها حصاة صغيرة و إنما هي لؤلؤة ثمينة و أما التربة فهي زعفران يبهج المقلتين و يسعد الناظرين ...
2- أنهارها
قال تعالى : (( مثل الجنّة الّتي وعد المتقون فيها أنهار مّن مّاء غير آسن وأنهار من لّبن لّم يتغيّر طعمه وأنهار مّن خمر لّذّة لّلشّاربين وأنهار مّن عسل مّصفّى ولهم فيها من كلّ الثّمرات ومغفرة مّن رّبّهم كمن هو خالد في النّار وسقوا ماء حميما فقطّع أمعاءهم))
و قال تعالى : (( وبشّر الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات أنّ لهم جنّات تجري من تحتها الأنهار كلّما رزقوا منها من ثمرة رّزقا قالوا هذا الّذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مّطهّرة وهم فيها خالدون ))
فأنهار الجنة أربعة نهر من العسل المصفى لا شمع فيه و نهر من الماء الجاري الذي هو ألذ بكثير من ماء الدنيا ستقول لكن هل لماء الجنة طعم خاص ؟! نعم فهو ليس كماء الدنيا دون طعم ! و نهر من لبن لا يفسده لا صيف و لا شتاء بل تشعر و أنت تغترفه من النهر و كأنك تحلبه من ضرع لا ينضب و لا يتغير طعم ما فيه مهما طال الزمن عليه...و أما النهر الأخير فهو نهر الخمر الذي هو ألذ من خمر الدنيا و لا يفتك بالجسد كفتك الخمر الدنيوي و لا يسكر و لا يذهب بالعقل .. قال تعالى : (( لا يصدعون عنها و لا ينزفون )) و قال تعالى : (( لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون))
3- قصورها ومساكنها
قال تعالى ( لكن الذين اتّقوا ربّهم لهم غرف من فوقها غرف مبنيّة تجري من تحتها الأنهار وعد الله لا يخلف الله الميعاد )).
و قال صلى الله عليه وسلم (في الجنّة خيمة من لؤلؤة مجوّفة عرضها ستون ميلا (( .
و من الطبيعي أن الجنة التي يكون ترابها زعفران و طينها مسك أن تكون خيامها لؤلؤا و زبرجدا و قصورها فهي غرف تطل على الأنهار فلا تسمع فيها ضجيج السيارات أو صراخ الأطفال ... و إنما تسمع صوت المياه المترقرقة في أنهار الجنة الأربعة ... قال تعالى : (( لا يسمعون فيها لغوا و لا تأثيما * إلا قيلا سلاما سلاما))
4- الفرش والأواني
قال تعالى : ((متّكئين فيها على فرش بطائنها من استبرق ))
فإذا كانت البطائن من استبرق فما بالك بظاهر الفرش ! و أما عن الأواني : فقال تعالى : (( يطاف عليهم بصحاف من ذهب و أكواب )). و قال تعالى : (( و يطاف عليهم بآنية مّن فضّة وأكواب كانت قواريرا )) . قال الإمام الطبري في تفسير هذه الآية : ( و يطاف على هؤلاء الأبرار بآنية من الأواني التي يشربون فيها شرابهم هي من فضة كانت قوارير فجعلها فضة وهي في صفاء القوارير فلها بياض الفضة وصفاء الزجاج) .5-
5الطعام والشراب
قال تعالى : (( و فاكهة ممّا يتخيّرون * ولحم طير ممّا يشتهون((.
و قال سبحانه : (( وفاكهة كثيرة لامقطوعة ولاممنوعة ))
روى الترمذيّ :عن أنس رضي الله عنه : قال : قال صلى الله عليه وسلم : (( إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلّها مئة عام لا يقطعها اقرؤوا إن شئتم - وظل ممدود ) (
وعن عبد اللّه بن عبّاس رضي اللّه عنهما قال خسفت الشّمس على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فصلّى قالوا يا رسول اللّه رأيناك تناولت شيئا في مقامك ثمّ رأيناك تكعكعت قال (( إنّي أريت الجنّة فتناولت منها عنقودا ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدّنيا))
6- نساؤها
قال تعالى : (( كأنّهنّ بيض مكنون ))
و لنتأمل معا هذه الآيات من سورة الرحمن
و قال تعالى : (( فيهنّ قاصرات الطّرف لم يطمثهنّ إنس قبلهم ولا جآنّ * فبأيّ آلاۤء ربّكما تكذّبان * كأنّهنّ الياقوت والمرجان * فبأيّ آلاۤء ربّكما تكذّبان * هل جزآء الإحسان إلاّ الإحسان * فبأيّ آلاۤء ربّكما تكذّبان )) قاصرات الطرف أي تقصر طرفها على زوجها فلا تنظر إلى غيره و لا تطمح لسواه و هن كما قال تبارك و تعالى : (( عربا أترابا )) عربا تعني غنجات متحببات إلى أزواجهنّ يحسنّ التبعل و نساء الجنة أبكار لم يطمثهن إنس و لا جان و لكن مهما بلغن من الجمال و الروعة فإنهن لن يكن أبدا أجمل من النساء المؤمنات فتلك المرأة التي قامت الليل و صامت النهار و بكت و سجدت و استغفرت في الأسحار و استترت كما أمرها ربها بالخمار لا يمكن أن يساويها الملك العدل بحورية لم تفعل من هذا شيئا و لذلك فخير الحور للرجل في الجنة هي زوجته في الدنيا ....
و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطّلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما و لملأت ما بينهما ريحا )) .
و مهما أطلقنا العنان لخيالنا في تصور هذا الحديث الشريف ... و الحديث التالي أجمل و أروع فكلنا يحب الاستماع إلى الغناء و إلى ما يطرب النفس و ينشيها و لكن شتان بين غناء و غناء و شتان بين مستمع و مستمع .... فمن آثر غناء الدنيا و مغنوا و مغنيات الدنيا فله ما أراد و لكنه يحرم من سماع أصوات لم تسمع الخلائق مثلها ....
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن في الجنة لمجتمعا للحور العين يغنين بأصوات لم يسمع الخلائق مثلها يقلن نحن الخالدات فلا نبيد ونحن الناعمات فلا نبأس ونحن الراضيات فلا نسخط طوبى لمن كان لنا وكنا له )).7-
الخدم والغلمان
قال تعالى ( ويطوف عليهم ولدان مخلّدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا )).
و قال تعالى : (( يطوف عليهم ولدان مخلدون * بأكواب و أباريق وكأس من معين)).
و قال تعالى: ((ويطوف عليهم غلمان كأنّهم لؤلؤ مكنون ))
و روي أن أطفال المشركين الذين يموتون دون سن البلوغ يكونون خدما لأهل الجنة و هؤلاء الغلمان ليس لهم وظيفة إلا خدمة أهل الجنة و لكن قائلا قد يقول : أو ليس كل ما في الجنة قريبا مني و القطوف دانية و الأكواب موضوعة و النمارق مصفوفة فما فائدة الخدم ؟؟ فنقول إن من إكرام الله لأهل الجنة أن خلق لهم خدما فأغلب ملوك الدنيا قد لا يحتاجون لهذه الأعداد الكبيرة من الخدم و لكنه مظهر من مظاهر الترف و التكريم للملك و هكذا حال خدم أهل الجنة ...
- لباسها وزينتها
قال سبحانه و تعالى ( عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلّوا أساور من فضّة وسقاهم ربّهم شرابا طهورا))
روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) ( أهل الجنة جرد مرد - ليس في وجوههم شعر بل شباب – كحل لا يفنى شبابهم ولا تبلى ثيابهم عليهم التيجان و إن لؤلؤة منها لتضيء ما بين المشرق والمغرب (
روى الترمذيّ عن سعد رضي الله عنه : قال عليه الصلاة والسلام))لو أن رجلا من أهل الجنة طلع فبدا أساوره لطمس ضوء الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم(.
9- حال أهلها
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام : (( أول زمرة تلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر لا يبصقون ولا يتمخطون ولا يتغوطون ))
و قال سبحانه : (( تحيّتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين)) وأعظم ثواب أهل الجنة
قال تعالى : (( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة )
أدنى أهل الجنة منزلة
قال صلى الله عليه وسلم : (( أدنى أهل الجنة منزلة الذي له ثمانون ألف خادم و اثنان وسبعون زوجة وتنصب له قبة من لؤلؤ وزبرجد وياقوت كما بين الجابية وصنعاء ().
متى الإسلام فـي الدنيـا يَسـودُ .... ويُشرِقُ بيننـا الفجـر الجديـدُ
متى نستأنـف الإسـلام حٌكمـاً .... سماويـاً تقـامُ بِـهِ الـحُـدودُ
ورايتنـا العُقـاب تعـود يومـاً .... مُرَفرِفَـةً تخـر لهـا البُـنـودُ