الناصرة ـ االقدس العربي يعكف رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، في هذه الأيام على إعداد زيارته المرتقبة للولايات المتحدة الأمريكيّة الشهر المقبل، ويستشف من تصريحاته وتصريحات الساسة الآخرين أنّ الدولة العبريّة تقوم بتصعيد حدّة لهجتها. فعلى سبيل الذكر لا الحصر، قال نتنياهو إن بقاء إسرائيل مُتعلق بقوة جيشها، مشيرا الى ان وجود الشعب الإسرائيلي في أرضه منوط أيضًا بقدرته على الدفاع عن نفسه أمام التهديدات الخارجية، وأشار إلى أنه واثق تماما ان الجيش الإسرائيلي يسعى إلى خلق الأجواء المريحة والحياة الهانئة للإسرائيليين.
من ناحيته قال وزير الأمن الإسرائيلي ايهود باراك إن إسرائيل تقف الآن أمام تهديدات لم تتعرض لمثلها منذ إعلان وثيقة استقلالها، مشيرًا إلى أن ذلك يتطلب البقاء في حالة اليقظة، والقدرة على اتخاذ القرار الصائب وقت الحرب، وأضاف ان الحرية لا تعطى إلا لمن يستطيع الدفاع عن نفسه، والجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية المُختلفة هي التي تدافع عنا، وهي التي تسمح لنا بتنسم حريتنا، على حد تعبيره. بدوره، وضع رئيس هيئة الأركان في جيش الاحتلال الجنرال بيني غانتس رئيس حكومته ووزير أمنه في صورة آخر التطورات على الصعيد الأمني والعسكري، وأطلعهما على أهم التحديات التي يقف أمامها الجيش، وقال إن جيشه وقف خلال الأسابيع الأخيرة أمام تحديات أمنية كبيرة ومختلفة، وإنه يسعى إلى تقييم الموقف في هذه الأثناء، مشيرا إلى أن جيش إسرائيل يعرف تماما كيف يواجه هذه التحديات ويعرف كيف يعيد الأمن والهدوء إلى البلدات الإسرائيلية.
ولا يمكن قراءة هذه التصريحات بمعزل عن زيارة نتنياهو إلى واشنطن الشهر القادم، حيث سيُلقي خطابين أمام الكونغرس وأمام السنات، وهي المرّة الثانية التي تتم دعوته لإلقاء خطاب أمام صنًاع القرار الأمريكيين، إذ أنّ المرّة الأولى كانت في العام 1996، عندما انتخب لرئاسة الوزراء لأوّل مرّة.
وبحسب المحللين السياسيين في الدولة العبرية فإنّ الزيارة المذكورة تعتبر فائقة الأهمية للولايات المتحدة الأمريكية، وأشارت التسريبات إلى أن موعد الزيارة خلال الفترة الممتدة من يوم 18 ـ 24 أيار (مايو) 2011 القادم، وتقول التسريبات بأن جدول أعمال زيارة نتنياهو لأمريكا سيتضمن الآتي: عقد لقاء مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إضافة إلى لفيف من كبار المسؤولين في البيت الأبيض والبنتاغون ومجلس الأمن القومي الأمريكي. إلقاء خطاب أمام جلسة الكونغرس الأمريكي حول سياسة الشرق الأوسط إضافة إلى عقد اللقاءات مع كبار رموز الكونغرس الديمقراطيين والجمهوريين ولجان مجلس النواب ومجلس الشيوخ المعنية بالشأن الشرق أوسطي.
جدير بالذكر أنّ منح نتنياهو فرصة لإلقاء خطاب في الكونغرس يحمل في طيّاته أبعادًا كبيرة، ذلك أنّ الكونغرس يمنح رؤساء الدول الصديقة فقط فرصة من هذا القبيل، بالإضافة إلى ذلك، ستشمل الزيارة إلقاء خطاب أمام مؤتمر لجنة الشؤون العامة الأمريكية ـ الإسرائيلية (الإيباك).
هذا، وأشارت المصادر الإسرائيليّة، نقلاً عن بعض المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين الرفيعي المستوى، بأن نتنياهو سوف يركز في زيارته على البنود الآتية: التفاهم حول الحل النهائي لأزمة الخطر الإيراني، التقييم النهائي للتغييرات السياسية الجارية في منطقة الشرق الأوسط، التفاهم حول كيفية تحديد الأسلوب النهائي لتحقيق السلام بين إسرائيل وجيرانها في المنطقة.
وقالت المصادر، بحسب صحيفة 'يديعوت أحرونوت' العبريّة إنّ زيارة نتنياهو لأمريكا قد حدد موعدها في هذه الفترة على أساس اعتبارات أنه بحلول النصف الثاني من الشهر القادم سوف تكون الأمور قد انجلت في المسرح الشرق أوسطي المضطرب حالياً، مجموعة من الخبراء الإسرائيليين قد ظلوا يعملون بالتعاون مع ديوان نتنياهو لجهة وضع التصور النهائي لقيام دولة فلسطينية على 50 بالمئة من مساحة الضفة الغربية، تحت مبررات موازنة دواعي الأمن القومي الإسرائيلي، بحيث تقوم الدولة الفلسطينية على خمسين بالمئة من أراضي الضفة وتحتفظ إسرائيل بالـ50 بالمئة المتبقية من الضفة لمقابلة وموازنة دواعي الأمن، على حد تعبير المصادر ذاتها.
وأشارت المصادر أيضا إلى أن دوائر اللوبي الإسرائيلي المعنية بالعلاقات الأمريكية ـ الإسرائيلية، تتوقع بأن الفترة القادمة سوف تشهد نقلة نوعية جديدة في طبيعة وخصوصية هذه العلاقة، وفي هذا الخصوص أشارت المصادر الوثيقة الصلة بالدبلوماسي الأمريكي الرفيع المستوى دنيس روس، بأن التطور الجديد سوف يتضمن تعميق التدريبات العسكرية الأمريكية ـ الإسرائيلية المشتركة بما يؤدي إلى انضمام قوات البلدين ضمن كيان عسكري واحد يعمل خلال فترات الحرب على غرار نموذج (قوة المهام الخاصة المشتركة). هذا، وأضافت تسريبات المصادر العسكرية الأمريكية والإسرائيليّة المتطابقة بأن النقلة النوعية الجديدة في علاقات التعاون العسكري الأمريكي ـ الإسرائيلي قد جاءت على خلفية تفاهم وزير الدفاع الأمريكي الأخيرة مع نظيره وزير الأمن الإسرائيلي الجنرال إيهود باراك، وذلك خلال زيارة غيتس الأخيرة إلى إسرائيل، وأكدت المصادر بأن أجندة لقاء غيتس ـ باراك قد تضمنت تفاهماً إسرائيلياً ـ أمريكياً حول الآتي: التطورات والتحديات الجديدة المتوقعة في مسارح المواجهات العسكرية الشرق أوسطية، ملف البرنامج النووي الإيراني، الأوضاع الأمنية على طول خطوط الحدود الإسرائيلية، التطورات العسكرية الجارية حالياً في ليبيا.
وأشارت المعلومات إلى أن الجنرال إيهود باراك، قد تفاهم مع غيتس لجهة التأكيد على أن التحديات الأمنية الجديدة التي تواجه أمن إسرائيل سوف يتمثل أبرزها في: حصول خصوم إسرائيل على التكنولوجيات المتطورة، تزايد القوى المتطرفة التي تستخدم العنف المرتفع الشدة، القدرات النووية والصاروخية، إضافة إلى وجود الدول الفاشلة، والدول الداعمة للإرهاب. هذا، وكما هو واضح بالنسبة لرموز اللوبي الإسرائيلي فإن التعاون الأمريكي ـ الإسرائيلي في مجال تبادل المعلومات الاستخبارية، والمساعدات المالية والعسكرية والدعم السياسي الدبلوماسي لم تعد أموراً كافية لأمن إسرائيل، وبالتالي فإن بناء قوة المهام الخاصة المشتركة الأمريكية ـ الإسرائيلية سوف يمثل حصان الرهان الجديد لأمن إسرائيل، كما أكدت المصادر السياسيّة والأمنيّة في تل أبيب.
شكرا لتواجدك زائر نورت الصفحة