هجرة الشباب الفلسطيني للخارج...أسباب مقنعة ومستقبل مظلم
التاريخ: 1430-2-10 هـ الموافق: 2009-02-04 15:15:20
طولكرم ـ وكالة قدس نت للأنباء
يعاني الشباب الفلسطيني ـ الذي يشارك كافة أبناء شعبه همومه اليومية ـ من أزمة حقيقية جعلته يستسلم للإحباط واليأس ويصبح لقمة سائغة للمؤامرة الإسرائيلية التي تم التخطيط لها منذ سنوات عدة والتي تهدف إلى دفع الكفاءات الفلسطينية ـ والتي تعتبر العنصر الفعال في عملية البناء والعطاء ـ للهجرة القسرية في ظل الأوضاع السائدة من أجل إفراغ الوطن من الهوية الفلسطينية وتحقيق المطامع.
ونتيجة عدم الاستقرار السياسي وانعدام فرص العمل وتدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية وغياب أجواء الأمن والأمان المستقبلي خاصة بعد العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة والذي ألقى بظلاله على المواطنين وأوضاعهم المعيشية إضافة إلى حالة التشرذم والانقسام الداخلي والتي أثرت سلبا على الكل الفلسطيني أصبحت المناخات مهيئة للشباب الفلسطيني للهجرة في ظل توفر أسباب وعوامل مقنعة ومشجعة على الهجرة .
ورغم المخاطر الجسام التي تنطوي على الهجرة إلى الخارج إلا أن الفكرة لا تزال تسيطر على غالبية الشباب الذين قاموا باللجوء للدول الأوروبية للحصول على تأشيرات للهجرة لأمريكا وكندا والنرويج أملا في إيجاد ملاذا آمنا يضمن لهم حياة هادئة ومستقرة بعيدا عن الحصار والإغلاق والدمار والخراب الذي يطاردهم باستمرار حتى في أحلامهم .
ويعتبر الشاب عبد الرحمن عمر من مخيم طولكرم والذي يعمل مهني في مجال الألمنيوم واحداً من الشباب الذين قرروا بالفعل الهجرة ولعدم توفر تكاليف السفر بسبب ضيق الحال وعدم توفر فرص للعمل قرر بيع قطعة أرض ورثها عن والده بحوالي 6آلاف دينار أردني من أجل تأمين احتياجاته ومستلزماته وزوجته وعائلته لحين اللحاق به حيث استقراره في النرويج .
وعن الأسباب التي دفعته للهجرة إلى النرويج أكدت زوجة الشاب عبد الرحمن خلال حديثها لـ"قدس نت" أنها تنتظر ببالغ الشوق التمكن من اللحاق بزوجها لأن الحياة في فلسطين الذي يخنقها الجدار والحصار وقلة العمل لم تعد ممكنة على حد تعبيرها، مضيفة أن شقيقها وزوج أختها قدموا تأشيرات للهجرة لأن لقمة العيش صعب تأمينها ..على حد قولها.
ولا يختلف الشاب هاني ابراهيم عن نظيره عبد الرحمن حيث ينتظر وبفارغ الصبر تأشيرة " فيزا " حتى يتمكن من الهجرة لكندا وذلك لصعوبة وضعه حيث لا يزال ينتظر فرصة عمل لأكثر من تسعة أعوام على الرغم من حصوله على شهادة علمية في إحدى الجامعات الفلسطينية في تخصص برمجة الكمبيوتر.
وقال الشاب هاني "لم يأل جهداً للحصول على وظيفة تضمن له الاستقرار لكن محاولاته باءت بالفشل نتيجة الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي أشعرتنا بالإحباط والتفكير بالهجرة لتأمين مستقبلنا المظلم خارج الوطن.
من جهته أكد د. لؤي شبانة رئيس جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني لمراسلتنا أن أسباب الهجرة تكمن في ثلاث عوامل أهمها الوضع السياسي وحالة الانقسام الداخلي والتي أثرت بشكل مباشر على الشعب الفلسطيني وبخاصة فئة الشباب ، مشيراً إلى أن 85% من الشباب يفكرون بالهجرة.
وأضاف " أن السبب الثاني يكمن في الوضع الاقتصادي الحرج وعدم وجود فرص عمل للشباب وأمل لنفاذ اقتصادي ، معتبراً ذلك عاملاً أساسي أثر على فئة الذكور، مشيراً إلى العامل الثالث وهو عزلة الشباب وإقصاؤهم عن المشاركة السياسية والاجتماعية والسياسية. مبيناً أن معدلات هجرة الشباب في قطاع غزة أعلى من مدن الضفة الغربية، مشيراً إلى أن ذلك يرتبط بسياسة الانغلاق والفلتان السياسي والأمني وضعف القدرة الاقتصادية .
وحول الخطورة التي تنطوي على هجرة الشباب الفلسطيني أوضح د. لؤي شبانه بأن فلسطين لا تمتلك مصادر مالية وأن العنصر الأساسي هو العنصر البشري والذي يعتبر الاستثمار الأساسي. مؤكداً أن هجرة الشباب تؤدي إلى افتقار المجتمع الفلسطيني لعناصره وكفاءاته العلمية.
وأشار إلى أن الاحتلال الاسرائيلي وسياساته ساهمت في خلق نزعة لدى الشباب الفلسطيني بالهجرة مؤكدا أن حالة الانقسام والفرقة الداخلية هي العنصر الأساسي في التفكير بالهجرة .
وحول الإحصائيات المتوفرة لهذا العام أكد د. لؤي شبانه أن موضوع الهجرة يأخذ وقتا طويلا حيث ينفذ المسح كل سنتين مرة واحدة ، متطرقاً إلى أن نسبة الشباب الذين فكروا بالهجرة خلال إحصاءات العام الماضي بلغت 35% من الشباب .
ودعا د. شبانه إلى تعزيز تمسك الشعب بأرضه من خلال خلق بيئة اجتماعية وسياسية تمنح الشباب الأمل في حياة أفضل ، مطالباً بتعزيز الوحدة الوطنية بين مختلف فئات الشعب الفلسطيني وحل الأزمة السياسية وتحسين الأوضاع الاقتصادية وخلق بيئة اقتصادية داعمة لبقاء المواطن الفلسطيني وتعزيز صموده.