حذر افيغدور ليبرمان وزير الخارجية الاسرائيلي يوم امس من عواقب وخيمة اذا ما واصل الفلسطينيون مسعاهم لنيل الاعتراف بدولة في حدود الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967 في منظمة الامم المتحدة الاسبوع المقبل، وفي وقت تواصل فيه الولايات المتحدة الامريكية ضغوطها على الرئيس الفلسطيني محمود عباس لاثنائه عن المضي قدماً في مسعى الاعتراف الدولي هذا من خلال ايفاد مبعوثين امريكيين الى رام الله من اجل هذا الغرض.
لا نعرف ماذا بقي في جعبة ليبرمان من عقوبات يمكن ان يفرضها على الشعب الفلسطيني وسلطته، فالقوات الاسرائيلية تحتل الضفة الغربية والقطاع، وتواصل بناء المستوطنات وتهويد القدس المحتلة، وتفرض تجميداً على اموال السلطة العائدة من الضرائب التي تفرضها اسرائيل على الواردات والصادرات الفلسطينية.
الحكومة الاسرائيلية تمارس ابشع انواع الاذلال والقهر ضد الشعب الفلسطيني، ولم يبق امامها غير حل السلطة، وابعاد الرئيس الفلسطيني من رام الله، واذا فعلت ذلك فانها تقدم اكبر خدمة للشعب الفلسطيني، وتضع حداً لآلامه، ولا نعتقد ان الرئيس عباس نفسه سيكون منزعجاً من هذه الخطوة في حال اقدام اسرائيل عليها.
ويظل موقف الادارة الامريكية اكثر غرابة واستعصاء على الفهم من الموقف الاسرائيلي، فهذه الادارة تحاول جاهدة، وفي الربع ساعة الاخيرة، عرض بعض الافكار على الرئيس عباس من اجل العودة الى مائدة المفاوضات مجدداً، والتراجع عن قراره بالذهاب الى الامم المتحدة.
اكثر من عام والمفاوضات متوقفة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، بسبب اصرار الاخير على المضي قدماً في عمليات الاستيطان، ورفض كل الاستجداءات الامريكية في تجميد مؤقت لعدة أشهر لاستئناف المفاوضات مجدداً.
الخطأ لم يكن فلسطينياً، وانما هو امريكي اسرائيلي بامتياز، وكان معيباً ان يصفق الكونغرس الامريكي وقوفاً اكثر من ستين مرة لبنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل الذي قتل العملية السلمية، واذل الرئيس الامريكي باراك اوباما برفضه جميع توسلاته بوقف توسيع المستوطنات.
الذهاب الى الامم المتحدة للحصول على اعتراف بدولة فلسطينية على حدود عام 1967 لن يؤدي الى قيام هذه الدولة، وسيحقق نصراً دبلوماسياً صغيراً للسلطة ورئيسها هذا اذا لم تستخدم الولايات المتحدة 'الفيتو' مثلما هددت اكثر من مرة. ولكن طالما انها خطوة تزعج اسرائيل فلا بأس بها.
الرئيس عباس يجب ان لا يخضع لمثل هذه التهديدات الاسرائيلية، او للابتزاز الامريكي باستخدام 'الفيتو' وان يمضي قدماً في خططه في هذا الاطار دون خوف او تردد، لان تراجعه تحت الضغوط والتهديدات الامريكية سيكون كارثة عليه وليس على الشعب الفلسطيني. فقد وضع كل بيضه في سلة هذه الخطوة، وليس امامه اي خيار غير المضي فيها حتى نهاية الشوط.
القدس العربي
شكرا لتواجدك زائر نورت الصفحة