الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وقد فرضه الله _تبارك وتعالى_ في السنة التاسعة من الهجرة على الصحيح من أقوال العلماء، يقول الله _تعالى_: "وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ" (آل عمران: من الآية97)، وقد افترضه الله _تبارك وتعالى_ على المسلم العاقل البالغ المستطيع في العمر مرة واحدة، وهو من أفضل الأعمال التي يتقرب بها إلى الله _عز وجل_، وقد ثبت عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ أحاديث كثيرة في فضائل الحج نذكر منها ما تيسر، فمنها ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة _رضي الله عنه_ قال: سئل رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ أي الأعمال أفضل؟ قال: "إيمان بالله ورسوله، قيل: ثم ماذا؟ قال: جهاد في سبيل الله، قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور".
وروى البخاري ومسلم من حديث عائشة _رضي الله عنها_ قالت: يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟ فقال _صلى الله عليه وسلم_: "لكن أفضل الجهاد حج مبرور"، وفي الصحيحين كذلك من حديث أبي هريرة _رضي الله عنه_ قال: قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" والحج المبرور هو الذي لا يخالطه إثم، وفي الصحيحين كذلك من حديث أبي هريرة _رضي الله عنه_ قال: قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه" فحري بكل مسلم بعد معرفته بهذا الثواب العظيم والأجر الجزيل للحج فضلاً عن كونه ركناً من أركان الإسلام ألا يفرط فيه أبداً، وألا يتهاون في أدائه فور استطاعته، فالمرء لا يدري ربما يلقى الله في أي لحظة فليغتنم حياته قبل موته، والله المستعان.
هتاف الحجيج:
لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك.
يقول الحق _تبارك وتعالى_: "وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً" (الحج: من الآية27)، قال المفسرون: لما فرغ إبراهيم _عليه الصلاة والسلام_ من بناء البيت أمره الله _عز وجل_ أن يؤذن في الناس بالحج، فقال إبراهيم: يا رب ما يبلغ صوتي؟ فقال الله _تعالى_: أذن وعلي البلاغ، فصعد إبراهيم أبا قبيس – جبل بمكة – وقال: أيها الناس إن ربكم قد بنى بيتاً فحجوا، فأسمع أصلاب الرجال وأرحام النساء ممن سبق في علم الله الأزلي أن يحج فأجابوه لبيك اللهم لبيك.
وقوله: "رِجَالاً" أي: مشاة، وقد حج إبراهيم وإسماعيل ماشيين وحج الحسن بن علي _رضي الله عنه_ خمساً وعشرين حجة ماشياً والنجائب تقاد معه، وحج أحمد بن حنبل - رحمه الله – ماشياً مرتين.
موقف وعبرة:
خرج جعفر الصادق للحج، فلما أراد أن يلبي تغير وجهه وارتعدت فرائصه، فقيل له: ما أصابك؟ فقال: أخاف أن أسمع غير الجواب!
وقال عبد الله بن الجلاء: كنت بذي الحليفة وشاب يريد الإحرام، فقال: يا رب أريد أن أقول لبيك اللهم لبيك، وأخشى أن تجيبني لا لبيك ولا سعديك يردد ذلك مراراً ويبكي، ثم قال: اللهم لبيك ومد بها صوته وخرجت روحه _رحمه الله_.
ووقف الفضيل بن عياض بعرفة والناس يدعون وهو يبكي بكاء الثكلى المحترقة: فلما كادت الشمس أن تسقط قبض على لحيته ثم رفع رأسه إلى السماء، وقال: واسوءتاه منك وإن عفوت!!
قصة بناء البيت:
جاء إبراهيم _عليه السلام_ بهاجر وابنها إسماعيل، وهي ترضعه حتى وضعهما عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء، فوضعهما هنالك، ووضع عندهما جراباً فيه تمر وسقاء فيه ماء ثم مضى إبراهيم منطلقاً فتبعته أم إسماعيل، فقالت: يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء؟ فقالت له ذلك مراراً، وجعل لا يلفت إليها، فقالت له: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذن لا يضيعنا، ثم رجعت فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية، حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ثم دعا بهؤلاء الكلمات ورفع يديه، فقال: "رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ" (إبراهيم:37)، وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء حتى إذا نفد ما في السقاء عطشت وعطش ابنها، وجعلت تنظر إليه يتلوى فانطلقت كراهية أن تنظر إليه فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها، فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحداً فلم تر أحداً، فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها، ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي، ثم أتت المروة فقامت عليها فنظرت، فلم تر أحداً ففعلت ذلك سبع مرات، قال ابن عباس: قال النبي _صلى الله عليه وسلم_: "فذلك سعي الناس بينهما – فلما أشرفت على المروة سمعت صوتاً، فقالت: صه – تريد نفسها – ثم تسمعت، فإذا هي بالملك عند موضع زمزم فبحث بعقبه – أو بجناحه – حتى ظهر الماء، فجعلت تحوضه بيدها فشربت وأرضعت ولدها، فقال لها الملك: لا تخافوا الضيعة، فإن ها هنا بيت الله يبنيه هذا الغلام وأبوه، وإن الله لا يضيع أهله" رواه البخاري في صحيحه في كتاب الأنبياء.
ما أعظم التوكل على الله، وما أجمل الإذعان لأمره _تبارك وتعالى_، ها هي هاجر _عليها السلام_ تتعرض لمحنة شديدة، ولكن يقينها بالله لم يتزعزع حتى جاء الفرج من الله وتفجرت ماء زمزم، وصارت هاجر وولدها إسماعيل وذريته أمة كبيرة العدد، وصار من نسله الشريف خاتم الأنبياء والمرسلين _صلى الله عليه وسلم_ لقد أصبحت تلك الأسرة الصغيرة المباركة نواة الحياة وأصل العمران في هذا المكان، وتمر الأيام حتى يأمر الله _تعالى_ إبراهيم _عليه السلام_ ببناء البيت العتيق_ ويستجيب الله _تعالى_ لدعوة إبراهيم _عليه السلام_ فهوت القلوب إلى هذا البيت، ورزق أهله من الثمرات، وظل البيت العتيق تحوطه عناية الله على مر الأزمان محفوظ الحرمة، ومحوط بالإجلال والإكبار والشموخ على مدى الدهور والأجيال.
شكرا لتواجدك زائر نورت الصفحة فلسطين : اذا أحبك مليار مسلم فأنــــــا منهــم 00
وان أحبك شخص واحد فهو أنــــــــــا 00
وان لم يحبك أحد فاعلمي أننى قد مت 00من هنا يمكنك مراسلة الادارة