ان يعتذر المجلس الاعلى للقوات المسلحة رسميا عن الاعتداءات غير الاخلاقية التي طالت المتظاهرات على يد عناصر الشرطة العسكرية خلال اضطرابات شارع قصر العيني قبل ايام فهذه خطوة غير مسبوقة، ولكن هذا الاعتذار لا يكفي طالما ان المسؤولين عن تعرية الفتيات وخدش حيائهن لم يقدموا الى محاكم عادلة لتلقي العقاب الذي يستحقونه.
شاهدنا جميعا افلاما حية وزعتها وكالات انباء عالمية محترمة، لجنود يجردون احدى المنقبات من ملابسها وينهالون عليها ضربا وسحلا وهي بملابسها الداخلية، وهو امر يعتبر ذروة البشاعة والخروج عن قيم الاسلام والاخلاق العربية.
ويأتي هذا الاعتداء بعد ارتكاب جنود اهانة اخلاقية اكبر اثناء ثورة ميدان التحرير عندما لم يتورعوا عن اجراء فحوص لعذرية فتيات شاركن في الثورة المصرية ضد نظام الرئيس حسني مبارك وبطانته الفاسدة.
صحيح ان رئيس هيئة القضاء العسكري اكد اجراء محاكمات لافراد من الجيش في واقعتي فحص العذرية واحداث ماسبيرو، ولكن هذه الممارسات الغريبة عن اخلاق وتقاليد وعقيدة الشعب المصري، التي تعارض بشدة انتهاك الاعراض، ما كان يجب ان تحدث من الاساس، وان تتكرر في تعرية الفتاة المنقبة امام الجميع في الميدان العام.
المرأة المصرية التي لعبت دورا بارزا ومتميزا في الثورة، وجنبا الى جنب مع الرجل، لاطاحة نظام ديكتاتوري فاسد تستحق التكريم لا المساس بشرفها واهانة كرامتها وسحلها بطريقة مهينة ومقززة، وبصورة احدثت حالة من الغضب في مختلف انحاء مصر في اوساط النساء والرجال على حد سواء.
نتفق مع السلطات المصرية في رفضها تدخل السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الامريكية في الشؤون الداخلية المصرية بانتقادها لعملية السحل هذه، ليس لاننا نعارض هذه الانتقادات وانما لان السيدة كلينتون لم تدن مطلقا الانتهاكات الاسرائيلية الاجرامية لكرامة الاسيرات الفلسطينيات في السجون والمعتقلات الاسرائيلية.
من المؤسف والمؤلم ان ممارسات الجنود المصريين مع الفتيات المتظاهرات بطريقة حضارية سلمية، والمس بشرفهن، هي التي سمحت لوزيرة الخارجية الامريكية بالتدخل في الشؤون الداخلية المصرية وبمثل هذه الطريقة السافرة.
السيدة كلينتون هي آخر من يحق له الحديث عن انتهاكات حقوق الانسان، والنساء خاصة، لان حكومتها انتهكت اعراض النساء العراقيات في الفلوجة وغيرها من المدن العراقية، ولا ننسى فضائح سجن ابو غريب، والاعتداءات الجنسية على المساجين فيه من رجال المقاومة العراقية.
هذه الاخطاء الكارثية التي يرتكبها الحكم العسكري ورجاله في مصر تؤكد مجددا مشروعية المطالب بعودة العسكر الى ثكناتهم وتسليم الحكم الى رئيس مدني وحكومة منتخبة في اسرع وقت ممكن.
القدس العربي
شكرا لتواجدك زائر نورت الصفحة