يشاء القدر أحياناً أن يكون الواحد منا بدون آب ونقبل ذلك
ولكن ما لا نقبله أن يكون بدون أم
في بحثنا الدائم عن الوجود نكتشف أن الأرض هي أم البشر
وإذ حاول أو فكر شخص ما مس شىء منها
نتحرك ونتصدى بكل ما أوتينا من قوة للدفاع عنها .
أن الربط القدري ما بين الأم التى تحتضن ذلك الإنسان لمدة تسعة أشهر
وما بين الأرض التى يستقر بها الإنسان لزمن غير معلوم
تثير إهتمام من يفكر
أنه إرتباط يغفل عنه الكثير .
يعش الكثير على هذه الأرض
ثم يدفن فيها
وهو غافل عن الكثير من الأشياء
ونلاحظ الأغلبية في الكون يذهبون ويأتون إلى منازلهم
وهم لا يحملون أي أجندة تتعلق ببناء
وكيفية تحفيز أولادهم على أن يتفكروا
بل يصنعون ما يعاكس ذلك تماماً
حيث يسعون من غير قصد إلى تضليلهم
يرافق ذلك إنتشار مجموعات في المجتمعات
تعمل على زعزعة الثقة عند الأجيال
لأنهم لا يفهمون معنى وجوهر التطور الإجتماعي
المبني على التراكمات الكمية
وما يرافق هذه العملية من تحولات كيفية
فإذا اصطدم الجيل الغلبان بأولائك الحمقى من الشلل
لا بد أنهم سيظنون السوء بأمتهم .
ترى الأغلبية همها أن تلبس وتأكل وتنام
ذائبون في الغفلة ،
بينما لا يبذلون أي جهد بالتفكر لما بين أيديهم وحولهم
وما يشاهدون ويلمسون ويحسون
فلا تجد سوى ثلة قليلة يدعون لذلك
حتى الممارسات اليومية مثل الأكل واللبس
لا تحرك عندهم ما يسمى بالفضول المعرفة
وتجد السؤال مختفي من حياتهم
فالمجتمعات المتقدمة تجد السؤال حاضر بقوة من مقتضيات الحياة اليومية .
يدرب عليه الطفل منذ الصغر
كما جاء في كتاب حتى الملائكة تسأل للكاتب جون لانج
من ماذا صنع الطعام وكيف تزرع تلك البذور
ناهيكم عن النوم الذي يختلس نصف العمر
أننا ننام لساعات طويلة
لا نفكر كيف دخلنا وكيف خرجنا
وماذا كان في سِباتنا ولما سبتنا
وهل هو موت مؤقت أو بروفة لحالة الموت الطويل
إنها غفلة يا أصحابي في الإنسانية ليس عند النوم
بل مجمل الحياة التى يعيشها الإنسان
فالإنسان قد ينسى أنه إنسان
ودليل عندما تراجع التاريخ البشرية
تجد أنهم أناس تمثلوا بأجسام بشر
ولكن أفعالهم لم ترتقي إلى تلك الحقيقة
وأستمروا يتذرع بمفاهيم مغلوطة لا يتبنها ويعمل بها
سوى من أعمت الضلالة عقولهم
وتمسكوا بالجهل والتطرف دستوراً يحكم أعمالهم وتصرفاتهم
من يقوم على مدعاة للحمقى والبلاهة
وأنتموا إليها فتفانوا
لهذا تجد أن صمت العالم المتحضر أمر معيب بكل المقاييس
ولكن الخسارة التى يتكبدها الإنسان
ويكبدها لأخاه الإنسان كبيرة جدا ،
الأمر الذي يأخذك إلى محاولة إيجاد تفسيرات
وقد لا تكفي بل تنتقل بك إلى مواقع التقصي والبحث في التفاصيل والمسببات .
في حين توجد مخلوقات عدة على هذه الأرض
من جماد أخذً حيزاً وهناك أيضاً نبات أخذً حيزاً وينمو
وهناك حيوان أخذً حيزاً ينمو ويتحرك
وهناك إنساناً أخذ حيزاً ينمو ويتحرك
ولكنه يفكر وجميعهم مرتبطين بالزمن البعد الرابع .
القصة تكمن في هذا الجزء
إذ قرر الإنسان التوقف عن التفكير
وتخلى عن عقله يُنزل بنفسه إلى درجة التى هي أقل حسب التدرج
لا أحب أن أسميها بأسمها
ولكن القصد من كتابة الفكرة هي محاولة تنبيش العقل الغير مستخدم عن البعض ،
ووضع الإنسان في المرتبة الحقيقية
والمدهش أنه يحاول جاهداً أن يكون كل شىء
ما عدا الشيىء التى يفترض أن يكون .
تميَزَ الإنسان عن الاخر بأنه يفكر قبل أن يُقدم أو يفعل أي شىء
ويستعين بخبراته ويراجع التاريخ والنصوص
التى تُرشده إلى التصور للطريق الصحيح ،
وتجد البعض من ذهبوا بتفكيرهم
وأستنتجوا بعض التصورات الخاطئة
وأطلقوا على أنفسِهم بأنهم عقلانيون
وهم أكثر الناس إبتعاداً عن هذا المسمى
خاصةً في أوساط من ضللتهم الطرق
ولم نعد نشهد إلا تزاحم في الإقتراحات والإفتراضات
فضاعوا في زحمة التفاصيل لا أول لها ولا أخر .
لعلي أطرح المسألة بهذه الثنائية الحادة ،
فإذا أخذت الطريق إلى عمان
وفي منتصف الطريق تبين من خلال لوحة مكتوب عليها
أن العاصمة الأردنية ضربتها عاصفة ثلجية
والطريق إليها غير نافذ ،
ماذا تصنع ؟
بكل بساطه تلتزم بالتعليمات وتعود من حيث إنطلقت
أما إذا كان (حمار) الذي يسلك الطريق ذاته
بالتأكيد لن يعير أي اهتمام لتك اللوحة
التى تحذر من تلك الثلوج المانعة من الوصول
وسيكمل سيره حتى يمنعه واقع الثلج
ومن ثم يعود من حيث جاء في أحسن حال .
الملفت أنه لم يفقه النص ولا يؤمن إلا بالواقع ، كلام لا لبس فيه
بل يجعلك تذهب طواعيةً مع الذاهبين إلى نظرية المؤامرة ،
عداك أن العلم لا يمكن أن يتناقض مع هذا
ولا يوجد دين يدعوا لعدم التفكر
ولو وجد لكنت أول المتفلتين منه ،
أن التوقف عن التفكر يعمي أصحابه
فيا أصحاب النرجسية متغلفة بتخنة في جلدة الرأس
أرحمونا وأرحموا أنفسكم قبل غيركم
رحمنا الله جميعاً .