ها قد بلغنا آخر المحطات، وآن أوان الجد والاجتهاد، إننا في مرحلة {وَسَارِعُواْ} [سورة آل عمران: 133] و{سَابِقُوا}
[سورة الحديد: 21] فأخرج كل ما بوسعك من جهد فالغنيمة عظيمة، والثمرة
تستحق بذل الغالي والنفيس للحصول عليها، الثمرة هذه المرة (ليلة القدر) {وَمَا
أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ
رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [سورة القدر: 2-5].
فجدَّ واجتهد،
فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله،
وأيقظ أهله [متفق عليه]، وكانت أمنا عائشة تقول: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر
مالا يجتهد في غيره"[رواه مسلم]، فإياك أن تكون من المحرومين
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن هذا الشهر قد حضركم، و فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرمها فقد حرم
الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا محروم» *[الراوي: سعيد المحدث: الألباني - المصدر:
صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 2247- خلاصة الدرجة: حسن].
وكيف لا يُحرم الخير كله؟ وهي أعظم ليالي الدهر، ليلة مباركة العمل فيها يضاعف أكثر من العمل
في ألف شهر، ليلة تضيق فيها الأرض من كثرة الملائكة، ليلة
الشرف من تحرَّاها صارت له المنزلة عند الله، ليلة يباهي الله فيها
الملائكة بعباده الصالحين، وفيها يقدر الله تعالى لملائكته جميع ما ينبغي
أن يجري على أيديهم من تدبير بني آدم ومحياهم ومماتهم إلى ليلة القدر من
السنة القابلة، وهي ليلة سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءا ولا
يحدث فيها أذى، وهي سبب للسلامة والنجاة من المهالك يوم القيامة، فقد قال صلى الله عليه وسلم:
«من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه»