أولاً : الصرامة والشدة :
يعتبر علماء التربية والنفسانيون هذا الأسلوب أخطر ما يكون على الطفل إذا استخدم
بكثرة ... فالحزم مطلوب في المواقف التي تتطلب ذلك ، .. أما العنف والصرامة
فيزيدان تعقيد المشكلة وتفاقمها ؛ حيث ينفعل المربي فيفقد صوابه وينسى الحِلْم
وسعة الصدر فينهال على الطفل معنفا وشاتما له بأقبح وأقسى الألفاظ ، وقد يزداد
الأمر سوءاً إذا قرن العنف والصرامة بالضرب ...
وهذا ما يحدث في حالة العقاب الانفعالي للطفل الذي يُفِقْدُ الطفل الشعور بالأمان
والثقة بالنفس كما أن الصرامة والشدة تجعل الطفل يخاف ويحترم المربي في وقت
حدوث المشكلة فقط ( خوف مؤقت ) ولكنها لا تمنعه من تكرار السلوك مستقبلا .
وقد يعلل الكبار قسوتهم على أطفالهم بأنهم يحاولون دفعهم إلى المثالية في السلوك
والمعاملة والدراسة .. ولكن هذه القسوة قد تأتي برد فعل عكسي فيكره الطفل
الدراسة أو يمتنع عن تحمل المسؤوليات أو يصاب بنوع من البلادة ، كما أنه
سيمتص قسوة انفعالات عصبية الكبار فيختزنها ثم تبدأ آثارها تظهر عليه مستقبلاً من
خلال أعراض ( العصاب ) الذي ينتج عن صراع انفعالي داخل الطفل ..
وقد يؤدي هذا الصراع إلى الكبت والتصرف المخل ( السيئ ) والعدوانية تجاه
الآخرين أو انفجارات الغضب الحادة التي قد تحدث لأسباب ظاهرها تافه .
ثانيا : الدلال الزائد والتسامح :
هذا الأسلوب في التعامل لا يقل خطورة عن القسوة والصرامة .. فالمغالاة في
الرعاية والدلال سيجعل الطفل غير قادر على تكوين علاقات اجتماعية ناجحة مع
الآخرين ، أو تحمل المسؤولية ومواجهة الحياة ... لأنه لم يمر بتجارب كافية ليتعلم
منها كيف يواجه الأحداث التي قد يتعرض لها ... ولا نقصد أن يفقد الأبوان التعاطف
مع الطفل ورحمته ، وهذا لا يمكن أن يحدث لأن قلبيهما مفطوران على محبة
أولادهما ، ومتأصلان بالعواطف الأبوية الفطرية لحمايته، والرحمة به والشفقة عليه
والاهتمام بأمره ... ولكن هذه العاطفة تصبح أحيانا سببا في تدمير الأبناء ، حيث
يتعامل الوالدان مع الطفل بدلال زائد وتساهل بحجة رقة قلبيهما وحبهما لطفلهما مما
يجعل الطفل يعتقد أن كل شيء مسموح ولا يوجد شيء ممنوع ، لأن هذا ما يجده في
بيئته الصغيرة ( البيت ) ولكن إذا ما كبر وخرج إلى بيئته الكبيرة ( المجتمع ) وواجه
القوانين والأنظمة التي تمنعه من ارتكاب بعض التصرفات ، ثار في وجهها وقد
يخالفها دون مبالاة ... ضاربا بالنتائج السلبية المخالفته عرض الحائط .
إننا لا نطالب بأن ينزع الوالدان من قلبيهما الرحمة بل على العكس فالرحمة مطلوبة
، ولكن بتوازن وحذر. قال صلى الله عليه وسلم : " ليس منا من لم يرحم صغيرنا
ويعرف حق كبيرنا " أفلا يكون لنا برسول الله صلى عليه وسلم أسوة ؟
ثالثا: عدم الثبات في المعاملة :
فالطفل يحتاج أن يعرف ما هو متوقع منه ، لذلك على الكبار أن يضعوا الأنظمة
البسيطة واللوائح المنطقية ويشرحوها للطفل ، و عندما يقتنع فإنه سيصبح من
السهل عليه اتباعها ... ويجب مراجعة الأنظمة مع الطفل كل فترة ومناقشتها ، فلا
ينبغي أن نتساهل يوما في تطبيق قانون ما ونتجاهله ثم نعود اليوم التالي للتأكيد على
ضرورة تطبيق نفس القانون لأن هذا التصرف قد يسبب الإرباك للطفل ويجعله غير
قادر على تحديد ما هو مقبول منه وما هو مرفوض وفي بعض الحالات تكون الأم
ثابتة في جميع الأوقات بينما يكون الأب عكس ذلك ، وهذا التذبذب والاختلاف بين
الأبوين يجعل الطفل يقع تحت ضغط نفسي شديد يدفعه لارتكاب الخطأ .
رابعا : عدم العدل بين الإخوة :
يتعامل الكبار أحيانا مع الإخوة بدون عدل فيفضلون طفلا على طفل ، لذكائه أو جماله
أو حسن خلقه الفطري ، أو لأنه ذكر ، مما يزرع في نفس الطفل الإحساس بالغيرة
تجاه إخوته ، ويعبر عن هذه الغيرة بالسلوك الخاطئ والعدوانية تجاه الأخ المدلل
بهدف الانتقام من الكبار، وهذا الأمر حذرنا منه الرسول صلى الله عليه وسلم حيث
قال : عليه الصلاة السلام " اتقوا الله واعدلوا في أولادكم"
================================================
والآن أعرني سمعك وقلبك وأقرأ بهدوء واستنبط ما بين السطور يا رعاك الله
كيف تدمر مستقبل طفلك ؟!
هل تكذب أمام طفلك لتتهرب من سؤال محرج طرحه عليك ؟
هل تقنعه ببعض الأساطير والخرافات المتوارثة لكي ينفذ لك طلبا مثل أن يخلد إلى النوم أو يتناول طعامه بهدوء ؟
هل توجه له الشتائم كنوع من التدليل له ؟
هل تأمره بترك أمر ما ثم يراك تفعله دون إيجاد مبرر لذلك ؟
هل تستخف بعقلية طفلك وتقول أنه صغير ولا يفهم شيئا ؟
إذا كنت قد أجبت بنعم على الأسئلة السابقة فأحييك عزيزي القاريء ... لقد اعترفت صراحة بمشاركتك الفعالة في تدمير حياة طفلك ومستقبله ...
نعم أنت بفعل هذه الأمور تُدمر مستقبل طفلك دون أن تشعر .
للأسف تنتشر هذه العادة السيئة في مجتمعاتنا الشرقية ألا وهي معاملة الأطفال وكأنهم لا يفقهون شيئا مما نفعله أو نقوله نحن الكبار ... وهذا الاعتقاد أثبت خطأه الطب النفسي الحديث ... فالطفل في سنين عمره المبكرة يكون متلقٍ بالدرجة الأولى ويختزن كل ما يراه أو يسمعه بداخله وحسب طاقة إدراكه ، ولعلنا نتعجب إذا ما علمنا أن للأطفال خيال خصب وقدرة واسعة على ربط الأحداث ببعضها البعض لاستنتاج ماهو غير مفهوم بالنسبة لهم ... فلا تحاول أبدا أن تستهين بقدرة طفلك العقلية على فهم الأمور وتفسيرها ، ولا تتجرأ عليه بأن تعامله بمبدأ أنك الأكثر ذكاء وهو الأقل ذكاء لأن العكس هو الصحيح تمام ... نعم طفلك أذكى منك ولكنه يفتقد خبرتك في الحياة ليس إلا ....
إذا كذبت على طفلك سيعلم بطريقة أو بأخرى ... فلا تحزن إذا اكتشفت يوما أنه بدأ بالكذب عليك ، حاول ألا تستخدم الكذب معه بل ابذل قصارى جهدك محاولا تبسيط المعلومة أو الحقيقة لطفلك ، فهذا سيكون افضل بكثير من اكتشافه لكذبك فيما بعد .
إذا كنت تتشاجر أنت والأم أمامه بشكل مستمر ... فتوقع أن يكون مصير طفلك أحد الأمرين : إما أن يتملكه الخوف الشديد فينشأ جبانا ومنعزلا عن المجتمع ، أو أن يختزن مشاعر الانفعال بداخله ويبدأ في التعبير عنها وتنميتها خلال مراحل عمره المختلفة حتى تراه يتعارك مع أحد أقرانه ويفخر بأنه قد أذاه بشدة ... حاول ان تكون مشاكلك الزوجية مقتصرة عليك أنت وزوجتك بقدر الإمكان حتى لا يتفاعل معها طفلكما بشكل سيء .
إذا كنت تداعب زوجتك أما طفلك الصغير بحجة أنه لا يعي ما يحدث ... فلا تحزن إذا بدأت أخلاقه في الانحراف مبكرا ورأيته يمارس هذه الأفعال مع ابنة الجيران أو زميلة الدراسة ... الثقافة الجنسية يجب أن يبدأ الطفل في تعلمها منذ صغره ولكن بكميات معلوماتية تتناسب مع عمره وإدراكه للحقيقة حتى لا تكون معلوماته مشوهة عند الكبر نتيجة لما رآه وسمعه عن طريق الخطأ .
وأخيرا إذا كنت تحب طفلك فعلا حاول أن تجنبه الأخطاء التي وقع فيها أبويك أثناء قيامهما بتربيتك حى لا يُعاني مستقبلا مما عانيته أنت .
أما النصيحة الذهبية فهي أن تحاول مصادقة طفلك ... فالصديق في كثير من الأحيان يكون له دورا فعالا أكثر من الأب ...
....