الكاتب: واصف عريقات
يصمد وقف اطلاق النار اذا ما أقرت القيادة الاسرائيلية وفي مقدمتهم ثلاثي الخسارة نتنياهو وباراك وليبرمان بهزيمتهم واذا ما صدقوا موفاز عندما قال عملية عامود السحاب لم تحقق اهدافها، وإذا ما استوعبوا ما جاء في التقرير الذي نشرته صحيفة الديلي تليغراف البريطانية بعنوان"نتنياهو يواجه واقعا جديدا على حدوده" ونضيف له واقع مشاركة كل الفصائل الفلسطينية في الميدان وفي غرفة العمليات المشتركة واحتضان الشعب في غزة للمقاومة وتضامن الشعب والقيادة في الضفة الغربية وتجاوز الإنقسام والتصدي بحزم لقوات الإحتلال وتصعيد المواجهة معها وكذلك تضامن فلسطينيي ال48 والشتات وإسناد مصري ومؤازرة عربية جزئية ودعم إسلامي (تركي ايراني)، وإذا ما شكلت لجنة تحقيق وتوصلت للإخفاقات الجديدة التي سجلت على جيشهم وقيادتهم وأقرت بقدرات المقاومة الفلسطينية التي حطمت قدرة الردع عندهم وأنشأت معادلة عسكرية جديده طالت البعد الاستراتيجي والعقيدة العسكرية والأمنية وحطمت مناعتهم وأظهرت عدم قدرتهم على الدفاع عن حدودهم وفشلهم في وقف اطلاق الصواريخ، واستهداف للذراع الطويلة التي اصبحت مهددة بل واسقاط بعضها، وعجز جيشهم عن شن الحروب البرية كما اعترف وزير حربهم باراك بصعوبة ذلك وقساوة الرد المتوقع، وإذا ما أيقنوا بأن امكانية هزيمتهم اصبحت وشيكة، وأن المقاومة الفلسطينية فرضت معادلات جديدة وغيرت من قواعد العمل العسكري وأدامت تحليق صواريخها في سماء فلسطين المحتلة وقصفها للأهداف الصهيونية باقتدار طال العمق الاستراتيجي قرب ديمونا وتمكن بنك الأهداف الفلسطيني من شل الحياة العامة في فلسطين المحتلة وأوقع الخسائر ولم يعد الألم مقتصرا على الفلسطيني بل اصاب الكل الاسرائيلي وأصيب الملايين بالهلع، ودحر فيما سمي (بنك الأهداف الاسرائيلي) مسلسل جرائم الاحتلال حيث قتل الأطفال والنساء والشيوخ والصحافيين والإعلاميين والمسعفين، وقوبل القصف على غزة ورفح وخان يونس وجباليا بقصف على تل ابيب وبئر السبع وغوش عتصيون وهرتسليا وريشون لتسيون، وفشل الاحتلال اضافة لخسارته السياسية في حربه النفسية والإعلامية والأخلاقية بارتكاب المزيد من جرائم الحرب.
وفي الحرب الإلكترونية التي جاءت بمشاركة عربية واسلامية حيث استهدفت الحملة باعترافهم ضباط الجيش والمواقع التجارية العسكرية والحكومية (موقع وزارة الخارجية ورئيس الدولة ورئاسة الوزراء) وخلق اختناقات مرورية عبر 40 مليون محاولة استهداف مما ساهم في تنظيم حرب نفسية مضادة شملت الشبكة الإجتماعية وعلى رأسها الفايسبوك والتأثير على الرأي العام الإسرائيلي والدولي عبر نشر الحقائق والصور وفضح جرائم الإحتلال، كما سجل خلال العدوان فضيحة اعلامية وتفوقت عليها اجهزة الإعلام الفلسطينية والعربية والإسلامية من خلال نشرها للحقائق وتواصلها مع مسرح العمليات باقتدار ومهنية ونقلها المباشر للأحداث ودحض اكاذيب قيادة الإحتلال وجيشه مما دفعهم لاستهداف الصحافيين والإعلاميين، اضافة الى الخسائر الإقتصادية لا سيما وانهم اعترفوا بان كلفة اعتراض القبة الحديدية للصواريخ الفلسطينية 25 – 30 مليون دولار، هذا عدا عن الخسائراليومية في المجالات الأخرى.
ولا يصمد وقف اطلاق النار وهذا ما يستوجب الحيطة والحذر، إذا ما عدنا لتاريخ الاتفاقيات المماثلة منذ فجرالصراع مع الإحتلال بزمنه البعيد، وكذلك القريب ومنها حيله وخداعه واعتداءاته المتكررة والتي لم تتوقف منذ العدوان على غزة عام 2008 – 2009 الذي بدء باستهداف جماعي للشرطة، وحدث هذا مؤخرا في العدوان الأخير على قطاع غزة أيضا في 14 تشرين الثاني 2012 الذي استند الى الخدعة والتضليل ومحاولة تحقيق الصدمة والرعب باغتيال الشهيد احمد الجعبري، وقبلها وفي موقف مماثل وعلى زمن رئيس وزرائهم مناحيم بيغن الذي اراد تعزيز موقعه الانتخابي وأمر بشن عدوان على قوات م. ت . ف في جنوب لبنان عام 1981 بلغ ذروته يومي27 ، 28 نيسان واستمر حتى الأول من حزيران في محاولة لتقطيع الاوصال عبر قصف معظم الطرق الرئيسية والفرعية والجسور والمستودعات والمواقع ومحطات توليد الكهرباء ومصادر المياه، وكان الشاهد الاول على هذا العدوان وفد الكتاب والصحافيين الفيتناميين الذي وصل في مطلع ايار الى بيروت للمشاركة بيوم عيد العمال العالمي وضم فان تو ممثلا عن اتحاد الكتاب الفيتنامي والعقيد الصحافي لي كيم ويعمل بصحيفة الشعب (كوان دو نهان زان) ثاني اكبر صحف فيتنام ومؤلف كتاب رفاقنا في السلاح"الفلسطينيون".
وفي 3 حزيران 1981 تم التوصل لوقف اطلاق نار بين م . ت . ف واسرائيل عبر أمين عام مجلس الامن الدولي كورت فالدهايم مع الاعتراض على دور الوسيط الأمريكي فيليب حبيب، وكان ذلك بهدف التغطية على قصف مفاعل العراق النووي يوم 7 حزيران 1981، وفي 10 تموز 1981 خرق وقف اطلاق النار الأول مع الفلسطينيين وشن الجيش الاسرائيلي عدوانا كبيرا على المواقع والتجمعات الفلسطينية في الجنوب اللبناني استمر حتى 24 تموز حيث تم التوصل لوقف اطلاق نار جديد، وقد تمكنت المدفعية الفلسطينية وبحسب اعترافاتهم المنشورة في كتاب رافائيل اسرائيلي
P. L. O. in Lebanon selected documents)) من قصف 33 مستوطنة 88 مرة ب 1230 قذيفة مدفعية ثقيلة ومثلها صواريخ بعيدة المدى، وسميت بحرب مبارزة المدفعية برعت خلالها المدفعية الفلسطينية رغم تواضع امكانياتها، سرعان ما نكثت اسرائيل الإتفاق وخرقت وقف اطلاق النار الثاني من جديد ونفذت عمليات عدوانية ضد المواقع الفلسطينية بلغت ذروتها في اجتياح جنوب لبنان يوم 6 حزيران عام 1982 فيما سمي بعملية سلامة الجليل التي بدأت باغتيال ضابط المدفعية الشهيد نجم بدران من كوبر قضاء رام الله في محاولة فاشلة لاصطياد ضباط المدفعية اثناء القيام بواجب العزاء، وتوغلت القوات الاسرائيلية ووصلت بيروت وحاصرتها، واستمر الحصار مدة 88 يوم صمدت خلالها المقاومة الفلسطينية اللبنانية المشتركة وسطرت صفحات نضالية مجيدة.
لا غرابة في ذلك فهذا هو تواصل الأجيال واستمرار النضال وهذه عظمة الشعب الفلسطيني، وتلك هي السمات الاسرائيلية.
خبير ومحلل عسكري
شكرا لتواجدك زائر نورت الصفحة