تاريخ التسجيل : 20/10/2012 عدد المساهمات : 8 الجنس : العمر : 36 الموقع : بيت عنان العمل/الترفيه : محاسب نقاط : 44113
موضوع: والله ليتمن هذا الأمر .. ولكنكم تستعجلون ! 17/01/13, 03:37 pm
لم يفتر المشركون عن إيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته، منذ أن صدع بدعوته إلى أن خرج من بين أظهرهم، وأظهره الله عليهم، ومع ما له صلى الله عليه وسلم من عظيم القَدْر والمنزلة، إلا أنه قد حظي من البلاء بالحِمْل الثقيل، والعناء الطويل، منذ أول يومٍ صدع فيه بالدعوة، فكانت فترة رسالته صلى الله عليه وسلم وحياته سلسلة متصلة من المحن والابتلاء.. فما وهن لما أصابه في سبيل الله، بل صبر واحتسب، وأعطى أصحابه القدوة في التحمل والصبر، والثبات على دين الله والدعوة إليه، وربَّاهم على ذلك.
ومن ثَمّ فقد تحمل الصحابة -رضوان الله عليهم- من البلاء العظيم ما تنوء به الجبال، وبلغ بهم الجَهْد ما شاء الله أن يبلغ، لكنهم ثبتوا، وضربوا لنا المثال في الصبر والثبات، ومِنْ هؤلاء الرجال الذين رباهم النبي صلى الله عليه وسلم خباب بن الأرت رضي الله عنه..
في صحراء مكة، التي كانت تلفح بالحر الشديد، كان خباب لا يزال دون العشرين من عمره، وهو من أوائل من آمن بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم، وأظهر إسلامه، وكان -رضي الله عنه- مولى لأم أنمار بنت سِباع الخزاعية، فلما علمت بإسلامه عذَّبته بالنار، وكانت تأتي بالحديدة المحماة فتجعلها على ظهره ورأسه، ليكفر برسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يكن يزيده ذلك إلا إيمانًا. وكذلك كان المشركون يعذبونه فيلوون عنقه، ويجذبون شعره، وقد ألقوه على النار، ثم سحبوه عليها، فما أطفأها إلا شحم ظهره.
وقد تحدث خباب -رضي الله عنه- عن بعض ما كان يلقى من المشركين من سوء معاملة، ومساومة على الحقوق حتى يعود إلى الكفر، فقال -فيما رواه البخاري-: "كنت قينًا (حدادًا) في الجاهلية، وكان لي على العاص بن وائل السهمي دَيْن فأتيته أتقاضاه، فقال: لا أعطيك حتى تكفر بمحمد. فقلت: والله لا أكفر حتى يميتك الله ثم تبعث. فقال: وإني لميت ثم مبعوث؟ قلت: بلى. قال: دعني حتى أموت ثم أبعث فسوف أُوتي مالاً وولدًا فأقضيك (أعطيك)، فأنزل الله: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَدًا} [مريم: 77] إلى قوله: {وَيَأْتِينَا فَرْدًا} [مريم: 80].
قول خباب: "والله لا أكفر حتى يميتك الله ثم تبعث". قال ابن حجر: "مفهومه أنه يكفر حينئذ، لكنه لم يُرِدْ ذلك؛ لأن الكفر حينئذٍ لا يُتصور، فكأنَّه قال: لا أكفر أبدًا".
ولما زاد ضغط المشركين وتعذيبهم للمسلمين المستضعفين، شكا خباب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟ قال صلى الله عليه وسلم: كان الرجل فيمن قبلكم، يُحفر له في الأرض فيجعل فيه، فيُجاء بالمنشار فيوضع على رأسه، فيشق باثنتين وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون» (البخاري).
وفي رواية أحمد قول خباب: (شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، فقلنا: يا رسول الله، ألا تستنصر الله تعالى لنا؟ فجلس محمرًا وجهه...).
وهذا الأسلوب في الطلب من خباب -رضي الله عنه- حين قال: "ألا تدعو لنا؟ ألا تستنصر لنا؟" يوحي بما وراءه، وأنه صادر من قلوب أتعبها العذاب، وأنهكها الجهد، وهدتها البلوى، فهي تلتمس الفرج العاجل، وتستبطئ النصر فتستدعيه، ومع ذلك احمرَّ وجهه صلى الله عليه وسلم، وقعد من ضجعته، وخاطب أصحابه بهذا الأسلوب القوي المؤثر، ثم عاتبهم على الاستعجال بقوله: «ولكنكم تستعجلون»؛ لأنه صلى الله عليه وسلم يريد أن يربي أصحابه على أن قبْل النصر البلاء والصبر..
إن من يتأمل ذلك الموقف الذي كان يعيشه خبّاب بن الأرت -رضي الله عنه- يدرك أن له من المبررات الكثير، لكن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يربي الصحابة -ومن يأتي بعدهم- على الصبر والثبات وعدم الاستعجال، وعلى التأسي بالسابقين من الأنبياء والمرسلين وأتباعهم، الذين تحملوا الأذى في سبيل الله، وضرب لهم الأمثلة في ذلك. كما كان صلى الله عليه وسلم يملأ قلوبهم بالتعلق بما أعدَّه الله في الجنة للمؤمنين الصابرين من النعيم، وعدم الاغترار بما في أيدي الكافرين من زهرة الحياة الدنيا.
ومع ما هم فيه من شدة وبلاء، فتح لهم صلى الله عليه وسلم باب البشرى والأمل في التطلع للمستقبل الذي ينصر الله فيه الإسلام، ويذل فيه أهل الذل والعصيان، فقال: «والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون».
ولم تكن هذه البشارات وغيرها التي يبشر بها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه - مخفية مستورة، بل كانت معلنة مكشوفة، يعلمها الكفرة، كما كان يعلمها المسلمون، حتى كان الأسود بن المطلب وجلساؤه إذا رأوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تغامزوا بهم، وقالوا: قد جاءكم ملوك الأرض الذين يرثون كسرى وقيصر، ثم يصفرون ويصفقون.
ولم يزل الرسول صلى الله عليه وسلم يغذي أرواح أصحابه بمعاني الإيمان، ويزكي نفوسهم بالقرآن، ويحدو بنفوسهم إلى منازل سمو الروح وحسن الخلق، ويأخذهم بالصبر على الأذى والبلاء، والصفح الجميل، حتى ازدادوا ثباتًا على الدين، وتحليًا بالصبر، وعزوفًا عن الشهوات، وحنينًا إلى الجنة.
وإذا كان الاعتداء والإيذاء قد نال رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، فلم يعد هناك أحد هو أكبر من الابتلاء والمحنة، وتلك سُنَّة من سنن الله في خَلقه، وعلى ذلك ربَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه..
عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قلت: يا رسول الله، أي الناس أشد بلاء؟ قال: «الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلبًا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة» (ابن ماجه).
ومن ثَمّ فلا ينبغي للمسلم أن يضعف إذا ما عانى شيئًا من المشقة والابتلاء، في طريق سيره ودعوته إلى الله، فقد سبقه في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فلا يستعجل الثمرات والنتائج، وليعلم أنه كلما اشتد الظلام أوْشك طلوع الفجر، وكلما ازدادت المحن والابتلاءات، قرُب مجيء النصر، قال الله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214].
مارات سافين عناني أمير
تاريخ التسجيل : 30/12/2008 عدد المساهمات : 5681 الجنس : العمر : 43 الموقع : في الأمة الأسلامية العمل/الترفيه : سري للغايه المزاج : في إنتظار المجهول نقاط : 65760 وسام المصمم المميز وسام العضو المميز على لوحة الشرف أحترام قوانين المنتدى :
موضوع: رد: والله ليتمن هذا الأمر .. ولكنكم تستعجلون ! 17/01/13, 08:29 pm
بارك الله بك وجعل الاجر في ميزان حسناتك
[center] .
انتماء الاداره
تاريخ التسجيل : 29/12/2008 عدد المساهمات : 2839 الجنس : العمر : 54 الموقع : فلسطين العمل/الترفيه : Teacher المزاج : +GOOD نقاط : 64377 وسام المشرف المميز أحترام قوانين المنتدى :
موضوع: رد: والله ليتمن هذا الأمر .. ولكنكم تستعجلون ! 17/01/13, 11:52 pm
مشكور والى الامام بالتوفيق....
إذا كنــتَ تخطـط لعـام فـأزرع الأرز وإذا كنـتَ تخطـط لعشريـن عـام فأزرع الشجـر وإذا كنـتَ تخطـط لمائـة عـام فـعـلـّم الـنـاس ,,!!
الفرق بين الأحرار والعبيد ؛ هو أن الأحرار يدافعون عن أفكار مهما كان الأشخاص الذين يحملونها ،، في حين أن العبيد يدافعون عن أشخاص مهما كانت الأفكار التي يحملونها !!
القدس المدير العام
تاريخ التسجيل : 22/12/2008 عدد المساهمات : 11769 الجنس : العمر : 59 الموقع : بيت عنان العمل/الترفيه : مزارع وبائع متجول المزاج : حسب الوضع نقاط : 98183 أحترام قوانين المنتدى :
موضوع: رد: والله ليتمن هذا الأمر .. ولكنكم تستعجلون ! 17/01/13, 11:57 pm
تاريخ التسجيل : 28/08/2011 عدد المساهمات : 3067 الجنس : العمر : 44 الموقع : رام الله العمل/الترفيه : ربة منزل المزاج : حسب الظروف نقاط : 52718 أحترام قوانين المنتدى :
موضوع: رد: والله ليتمن هذا الأمر .. ولكنكم تستعجلون ! 18/01/13, 02:30 pm
موضوعك غاية في الروعة جزاك الله خيرا وفي ميزان حسناتك انشاء الله سلمت على الموضوع القيم والى الامام
الشيخ زياد جمهور عناني اصيل
تاريخ التسجيل : 16/02/2011 عدد المساهمات : 259 الجنس : العمر : 47 الموقع : القدس - بيت عنان العمل/الترفيه : امام مسجد ابو ايوب الانصاري نقاط : 50750 أحترام قوانين المنتدى :
موضوع: رد: والله ليتمن هذا الأمر .. ولكنكم تستعجلون ! 25/01/13, 06:46 am
بارك الله فيك يا مجاهد على هذا الموضوع القيم وفقك الله لما يحبه ويرضاه
غريب المشرف العام
تاريخ التسجيل : 04/03/2010 عدد المساهمات : 1031 الجنس : العمر : 67 الموقع : الاردن العمل/الترفيه : رئيس الرقابة المالية / وزارة الطاقة / عمان المزاج : شعور دائم بالغربة نقاط : 55152 نقاط التميز : المشرف العام
أحترام قوانين المنتدى :
موضوع: رد: والله ليتمن هذا الأمر .. ولكنكم تستعجلون ! 25/01/13, 09:06 pm
بارك الله فيك يا مجاهد
موضوع رائع ويستحق الاحترام كاتبه والى الامام
ووالله ليتمن هذا الامر بعز عزيز او بذل ذليل
تقبل مروري واحترامي اخي مجاهد
دولة جنين عناني أمير
تاريخ التسجيل : 09/10/2010 عدد المساهمات : 6229 الجنس : العمر : 29 الموقع : jordan العمل/الترفيه : Student المزاج : good good نقاط : 60611 . أحترام قوانين المنتدى :
موضوع: رد: والله ليتمن هذا الأمر .. ولكنكم تستعجلون ! 25/01/13, 09:40 pm
يا رب في ميزان حسنااااااتك
مشكور وربي يجزيك الفردوس
المينا ب يــــــــــــافا مشتاقلي سوارك عكا تشهدلي جبال الكرمل تندهلي عودي يـــــــــــــــــــــا أغلى حبيـــــــــــــب