د.ناصر اللحام - ان اخلاء قرية باب الشمس بالقوة من جانب قوات الاحتلال يعتبر اكبر ضربة تكسر ظهر اليسار الاسرائيلي ومناصري السلام في العالم ، وتؤكد ان اسرائيل تقمع المسيرات السلمية بأشد مما تتعامل مع الخلايا المسلحة !! وقد كانت فرصة نادرة لمنع الانتفاضة الثالثة او تحويلها الى اقل اصطداما لكن نتانياهو أضاع الفرصة .
وهنا نتحدث عن الاسباب التي تقف وراء ارتفاع أو انخفاض نسبة تأييد الجمهور للمسيرات السلمية تأتي بالاساس من موقف الخصم السياسي منها ,فطالما أن العدو يسعده التظاهرات السلمية , فان الجمهور سينكص عنها والعكس . ولا ننسى أن اشهار السلاح في الانتفاضة الثانية كان مطلباً شعبياَ للرد على المجازر التي ارتكبها جنود الاحتلال بحق طلبة المدارس الذين خرجوا في تظاهرات سلمية أوبالحجارة في أعلى صورها .حتى وصلت نسبة تأييد العمليات الاستشهادية وسط الجمهور الفلسطيني في بعض الاستطلاعات الى 87% وهو رقم غير طبيعي ولا يمكن أن يكون طبيعياً , الا أنه يمكن أن يعبر عن لحظة تطلع معينة عند الجمهور , لحظة يمتزج فيها الرغبة في الخلاص مع التوق للانتقام .
النضالات السلمية (اللاعنف ) لقيت حالة من الاقبال الجيد عند الجمهور في الانتفاضة الاولى , لكن الاحتلال قمعها بعنف ما أشعر الفلسطينين بالخذلان . وقد درس الفلسطينون جيداً تجربة غاندي , ولكن طبيعة الاحتلال وأنه يريد أخذ الأرض وافناء المواطنين الأصليين واللعب على عامل الوقت يدفع بالجمهور الى الاسراع في تأييد امتشاق السلاح .
واختار الفلسطينون أول ما اختاروا طريق اللاعنف , وبغض النظر عن أسباب ذلك الا أنهم عوّلوا كثيراً على مفهوم العدالة واعتمدوا على كونهم ضحايا واصحاب حق , وان الاحتلال غير مشروع وفق قوانين البشرية . ثم ظل الكفاح المسلح حكراً على مجموعات فدائية صغيرة طوال خمسين عاماً , وحين قرر الفلسطينيون الخروج الى الشوارع للتظاهر في العام 1987 رد عليهم حيث الاحتلال بالرصاص ولكنهم صمدوا سبع سنين وقدموا الف وستمائة وثلاثة وسبعين ضحية وفي تلك الفترة اعتقلت قوات الاحتلال أكثر من تسعين ألف مواطن مقابل مقتل ثمانين عسكرياً ومئة وثلاثة وسبعين اسرائيلياً .
معظم الفلسطينين أيدوا العمليات التفجيرية بسبب فقدانهم للأمل السياسي وما أن ينفتح الأفق حتى تتحول نفس النسبة لتأييد التفاوض . مع الاشارة الى أن المشاركين في العمل المسلح لم يشكلوا حتى الان نسبة 5% فقط من الشبان الفلسطينيين كما أن أجهزة أمن السلطة لم تشارك رسمياً في القتال.
وحين وقع ياسر عرفات أوسلو " وأعطى اليهود " 70% من أرض فلسطين التاريخية واعترف لاسحق رابين بان حيفا ويافا وعكا وصور وعسقلان واسدود هي مدن اسرائيلية وجدنا ان الاحتلال رفض ذلك , وقام نشطاء اليمين اليهودي بقتل اسحق رابين !!
باب الشمس ليست مجرد تجربة شعبية فذّة ومذهلة وحضارية ، وانما سلّم كان بامكان الاحتلال ان ينزل من خلاله عن الاشجار العالية ، ولكن نتانياهو ومستشاريه في المكتب كانوا في قمة الغباء ، ولم يقرأوا ان حماس وفتح والسلطة والرئيس والاهالي وجميع الفصائل الفلسطينية ايّدوا باب الشمس ، ولكن الاحتلال هو نفسه الاحتلال في كل العصور ، حمار . لا يفهم بالاشارة وانما يقرع بالعصا .
شكرا لتواجدك زائر نورت الصفحة