في خضم إضرابه المتواصل عن الطعام منذ 78 يوماً، ورغم الحالة الحرجة التي يمر بها، لم يغفل الأسير طارق قعدان من بلدة عرابة جنوب جنين أن يخص ابناءه وبالتحديد ولده البكر خالد والمصاب بمرض الضمور العضلي برسالة وجهها له عبر محاميه الخاص، فيما ذكر شقيقه معاوية أن هذه الرسالة هي من أكثر رسائل شقيقه إيلاماً وتأثيراً في نفوسهم، وأنها تفيض بمشاعر الحنان والأبوة.
وبدأ قعدان رسالته مخاطباً ولده خالد قائلاً: " ولدي الحبيب خالد، اسمح لي أن أهدي اليك جوعي، وبعضاً من سخونة دموعي، وزفراتي المتعبة. ليس ثمة جهد مبدع أهديك إياه، أو إنجاز أنجزته في حياتي لأقدمه إليك يا ولدي الحبيب. ماذا عساي أن أهديك، وكثيراً ما يستهل الأدباء والشعراء والكتاب والمبدعون والمؤلفون والنحات والنساج والصّناع إعمالهم وإبداعاتهم ومؤلفاتهم وإنتاجهم وإسهاماتهم بتوقيع أسماءهم أسفل إهدائاتهم وتقديم ما أبدعوه وما برعوا به لآبائهم وأبنائهم، وأنا أتساءل طوال حياتي السالفة من أيام متعاقبة وسنوات ممتدة على مدار ما يزيد عن الأربعين خريفاً، ماذا أمكنني أو يمكنني أن أقدم لأبنائي وأي بصمة أوجهد يمكن أن أؤثرهم فيه أو يستأثروا فيه كتركة وميراث يفاخرون به أقرانهم".
وتابع قائلاً:" هل أجد الجواب الواضح والجريء لسؤال يؤلمني بشكل موجعٍ ونازفٍ طوال هذه السنوات الممتدة، وقد يصعقني به أحد أطفالي الخمسة يوماً ما، ليقول لي ما طبيعة عملك يا أبي، وأي شيء أنجزت، وأين ملابس عملك، ولماذا لا تخرج في الصباح لعملٍ تقضي فيه وقتك !؟ ولماذا يا أبي لا تجعلني كزملائي في المدرسة لا أحتار عند سؤالي عن طبيعة عملك أسوة بكل الطلاب، فهذا أبوه طبيب وذاك مهندس وهذا وهذا ... ، وأحسب نفسي حين سؤال اطفالي لي سأجيب بأسئلةٍ أخرى طالما دارت في ذهني، لأقول لهم ماذا أجبتم أنتم، وهل أنتم مقتنعون بي كأب وبالطريق الذي اخترت!؟ ".
وأكمل قعدان مخاطباً أبناءه " أبنائي، أعمارنا تسير شئنا أم أبينا، والحياة تمضي بكل مراحلها، فلا بدّ من أن نختار كيف نمضي في حياتنا وأي الطرق نختار سعياً للوصول نحو هدفا المنشود فلسطين".
وختم قعدان رسالته مخاطباً ولده خالد " اعلم يا خالد أني غبت عنك في مرحلة خطيرةٍ وبعد اكتشاف مرضك بوقت قصير وفي مرضك المعذب هذا يا خالد لا أملك يا حبيبي ومهجة قلبي غير دعائي في سجني ولا أملك أن أهديك في اضرابي هذا سوى جوعي تصميمي وعزمي ويقيني وثقتي بالله ودعائي إياه بأن يكون ناصري ومخلصي من محنتي، وأن يكون شفاؤكَ عوضاً لي عن ألمي ومعاناتي، حتى أعود إليك حاملاً بجعبتي أملاً بحياةٍ ملؤها الحب والحنان لك ولإخوتك، واسلم لأبيك".
يذكر ان الأسير قعدان يخوض إضراباً مفتوحاً عن الطعام منذ 27-11-2012 برفقة الاسير جعفر عز الدين إحتجاجاً على قرار الإعتقال الإداري الصادر بحقهم لمدة ثلاث شهور والذي يأتي بعد أن تم اعتقالهم عشية انتصار المقاومة في معركة "السماء الزرقاء" في نوفمبر من العام الماضي.
شكرا لتواجدك زائر نورت الصفحة