أركان البيت العناني القديم
بنيته و تقسيماته و استخداماته و أجزاءه و أثاثه و أدواته و أجواءه الاجتماعية .
القسم السفلي من البيت - التسوية الأرضية
كان للقرية شأن عظيم في تربية الحيوانات و تدجين الطيور فيما مضى ، وكانت الثروة
الحيوانية في الماضي من مظاهر الثراء و الجاه و امتلكها الجميع دون استثاء من فقير
و غني و كانت المنازل القديمة في القرية تبنى على اساس أن الحيوانات لها حصة
في المنزل و كانت معظم المساحات في الطبقات الأرضية في منازل أهالي البلد تخصص
لهذا الغرض و ما يتبقى من مساحات خصص لاغراض مرتبطة بذلك الغرض مثل تخزين التبن و
ادوات الحراثة من محاريث ( تسمى عند اهل البلد فرود ) و عصي و ألواح الدراس و السناكير
و رحال و الحبال و الزراد و مقادم وشواعيب
و أدوات الحذو من المسامير و المطارق و الحذوات وسكاكين و أدوات الفلاحة من فؤوس و
عتلات و مهدات و كريكات و طواري و مشوط ارض و مطارق و بلطات و مقصات قنابة و مناجل
و بعض الأدوات المنزلية من غرابيل و سلال قش و طواحين و حجارة ملح وطاولات الدواب .
و كان اهل البلد يربون البقر و الحمير و البغال و الفرس و قطعان الماشية من أغنام و
نعاج و أحيانا قليلة الإبل ، و لم يخل بيت من خم للطيور الداجنة من دجاج و حمام و
فر و حبش. .
الطبقات العليا في البيت
غلب على البيوت أن تكون من طابقين ووقلما زادت عن ذلك ، و أسموها- علية - كانت مقسمة الى حجرات تسكنها عائلات نووية مكونة
من الأب و الأم و الابناء و تنتمي الى العائلة الممتدة المكونة من عدة عائلات
نووية يكون الجد هو المتحكم و صاحب الكلمة و الشأن على الكل و هو وجهة العائلة و
المتحدث باسمها و لا يخرج عن طوعه أحد من أبناءه .
أما مكان النوم فهي الأرضيات العليا التي سميت
- الراوية - و التي تفرش بالحصير المصنوع
من القش و من ثم الجنبيات المحشوة بالقطن أو الملابس القديمة أو الصوف و من
ثم توضع الوسائد و من ثم الأغطية الصوفية و القطنية و أما الأسرة أو التخوت
فكانت قليلة و أن وجدت في بيت فهي لرب الاسرة فقط . وعندما يستيقظ أفراد
الأسرة مع طلوع الفجر كانت النساء و البنات توظب الفرش و تضعه في مكان مخصص لهذا
سمي - المرتشس - .
الإنارة
إنارة البيت كانت بالفوانيس الزيتية أو المعبأة بالكاز و كان لها فتحة صغيرة أعلى الغرف
قرب السقف تسمى - الطاقة - أو تعلق أو
تربط ، و في النهار كانت تستخدم الإنارة الطبيعية بفتح الشبابيك و الفتحات و
الطاقات و الأبواب و جميعها كانت مصنوعة من الخشب و قليل كان الزجاج و كانت مفاتيح
البيوت كبيرة الحجم بمقبض شبه دائري ملئ اليد و يربط بزرد صغير و يخصص له علاقة
بالقرب من الباب الرئسي وكانت تنسخ منه نسختان واحدة للوالدة ( الختيارة )
تضعه في- العب - و هو جيب للتخزين في اعلى
ثوب المرأة و واحدة للوالد( الختيار)
توضع الجيب .
السقف أو السطوح
السطح أو السقف كان له دور حيوي في المنزل فكان بمثابة موضع تجفيف الطعام و هي الطريقة
الكثر استخداما لحفظ الطعام في ذلك الوقت بجانب التمليح و النقع بالزيت و التخليل
، جداتنا كن لا يهدر شيئا من المحاصيل، فقمن بتجفيف التين و تحويله الى قطين
و تجفيف العنب و تحويله إلى زبيب و تجفيف البندورة و المشمش و البرقوق و البامية و
قرون الخروب لتحويلها إلى مشروب الخروب و اوراق اللوف و السماق و الزيتون و
تحويله إلى مملوح و تجفيف بعض الأعشاب الطبية مثل الزعتر و الميرمية و
الزعتمانة و البابونج و حصى البان و الجعدة ثم تخزن هذه الأعشاب في البيت في موضع
يسمي - الخابية -
و كذلك أستخدمت جداتنا الأسقف ( لتشميس ) الفرش و تجفيف الملابس و أستخدمها أجدادنا
للنوم صيفا و لجمع مياه الأمطار و تخزينها في الآبار أسفل البيوت شتاءا .
قاع الدار :
كان بمثابة غرفة الجلوس حيث كانت تمضي العائلة معظم وقتها صيفا و تقوم بأعمالها
اليومية من طبخ و غسل و تنظيف أدوات و خصصت بتلك الساحات أو الأروقة أماكن
للحيوانات و أستقبل الضيوف في صحن البيت أو الحوش و كانت هذه الساحات تستخدم شتاءا
لإيقاد النيران في الكوانين الفخارية قبل أن تدخل إلى البيوت و كان يخصص مكان - للموقدة - وهي مطبخ المنزل و مكان الخبز و صنع انواع
الحلويات مثل الزلابية و الهريسة والمهلبية و المطبق و الدبس و المربى ( التطلي )
و عصير الخروب و خبز المخمر و قلي المشاط و العجة و العوامة و طحن الحبوب و تذرية
المحاصيل ، و كانت أدوات الطبخ و الخبز و الطحن كثيرة من قدور و مقالي و - رظف - (
حجارة كروية صغيرة تجمع من الأودية توضع في قعر الطابون أو الموقدة ) و طواحين و
جرار فخارية للزيت و الدبس و المربى و الأعشاب المجففة و الماء ، و إيضا الصاج و
السكاكين و الموس و البلطات .
استخدمت كذلك للتحطيب و صنع الصابون البلدي بزيت الزيتون و ربط الحيوانات و ذبحها و سلخها
وللعب الأطفال و تناقل الأخبار وللتسامر و العزف على اليرغول والربابة و الطبلة و
الدبكة للرجال و السحجة و الطبلة و الزغاريت للنساء ( داخل البيوت )في ليالي
الأفراح و للعزاء في الأتراح ، مع حرص أهل البلد الشديد على عدم اختلاط الرجال بالنساء
كون أهالي القرية محافظين متمسكين بالأعراف الاجتماعية و السترة و الدين و الاخلاق
العليا.
مواد بناء البيوت
كانت من الحجارة الكلسية المزية ذات اللون الفخاري التي كان يقطعها أهل البلد من
الأراضي الصخرية المجاورة بأدوات بسيطة من شوك و يزامين و عتلات و تنقل على ظهور
الحيوانات إلى موقع البناء ، دعمت الجدران الحجرية بصبة من خلط التربة السمقية
بالشيد و هو نتاج حرق الصخور لعدة ايام في الآتون ( اللتون حسب لفظ أهل البلد ) و
خلط المزيج أحيانا بقطع الفخار و القرميد المطحون لإعطاء المبنى تماسكا إضافيا،
أما السقف فكان يجتمع على بناءه كل رجال و نساء القرية لجمع الحجارة و رفع الطين و
بني على شكل عقد أو تقاطع قوسي ، و اعتبر سقف البيت بمتابة مناسبة اجتماعية تستوجب
المباركة و الزغاريد و اعداد الولائم و السمر ليلا وكان دور النساء بالاضافة في المساعدة
بجلب مواد البناء صنع الطعام للرجال يوميا من أشهى الوجبات في البلد مثل المناسف و
القدور و المشاوي و الكرشات و المفتول و المسخن و الركاك ( الرشتة ) و الدوالي و
المحاشي و الفتة و الكراديش وغيرها.
لوازم البيت و ملحقاته
لم يخل بيت في البلد
من بعض اللوازم الضرورية للحياة اليومية من الصابون البلدي منزلي الصنع و لعب
الأطفال مثل الدحاديل و الطابات القماشية و حبال اللعب و الأقواس المصنوعة من
العصي و الأسهم و المقليعة و الشاعوب و الطبلات المصنوعة من جلود الحيوانات
و كذلك أدوات الزينة للنساء مثل المكاحل النحاسية و المشوط المصنوعة من العظم
و البقل و الوكاه كذلك المباخر النحاسية والسواحل و الأباريق النحاسية و
الصناديق الخشبية التي استخدمت كخزانات للملابس و للصيغة الذهبية و الأموال و
أوراق العائلة مثل كواشين الأرض و عقود الزواج و الكتب التي كانت نادرة و ثمينة في
ذلك الوقت و أدوات الحياكة و التطريز و التحف الثمينة و سجادات الصلاة ، و لم يخل
بيت من زير فخاري ضخم للشرب و فوقه طاسة معدنية للشرب و إبريق للوضوء و لجن معدني
للاستحمام ولغسل الملابس و مكانس مصنوعة من نبتة المكنس أو نبتة النتش أو السنام
بحث و اعداد الاستاذ ناصر جمهور