منذ أن وعيت في هذه الدنيا وأنا أحلم بالعيش في مدينة
رسمتها بتقاسيم أقرب للخيال مما هو في الواقع
رسمت فيها معالم لصبية لا تعرف معنى الدموع
لشباب يافع يحمل طموحا يجعله يحلق بعيدا عن الشهوات وعن المعاصي
ليس لديه الوقت لذلك فهو منشغل بتحقيق كل ما تمنى
وحين يتعب يجد لذة الاستمتاع بذلك التعب
لأنه يرى حلمه يتحقق يوما بعد يوم
لشيخ جلس يتأمل فيما حققه في شبابه وهو يجني ثمار ما زرع
ويراقب أبناءه وهم يطمحون ويأملون ويسعون لتحقيق كل ذلك كما فعل هو
وهو يراقب أحفاده والفرحة تزهو في وجوههم
فعلا هذا ما تمنى ولقد تحقق
مدينة كنت أظن أنها يجب أن تكون كذلك
مدينة فخورة بأبنائها وبأمجادها وبكل ما فيها
ولكن للأسف
المدينة الفاضلة حلم
حلم يأبى أن يتحقق
اختلط فيها الحابل بالنابل فلم تعد تفرق بين الحق والباطل
صبية أبكاهم الخوف وآخرون أبكاهم الجوع
وآخرون أبكتهم الحروب وآخرون ...
شباب تتحطم أحلامهم وطموحاتهم على صخور واقع مرير
فهناك دائما من يقف بالمرصاد ضدهم
المنفعة الخاصة وفقط.. أنا وبعدي الطوفان
منطق يجعل من هذا الشباب عبارة عن بركان خامد
على أهبة الاستعداد في أي لحظة إلى الانفجار
وعندما ينفجر.... تلاحقه آلاف.. بل ملايين التساؤلات
لماذا حدث هذا..؟ وكيف حدث هذا..؟ ومن أحدث هذا..؟
ولا أحد يسأل نفسه.. ترى هل شاركت أنا في هذا..؟
فلربما أشعل النار فتيل من يدي.. حتى وإن لم أقصد إشعاله
ولكني شاركت بشكل أو بآخر