تفجيرات بوسطن التي استهدفت سباقا ماراثونيا، وادت الى مقتل ثلاثة اشخاص واصابة المئات، اثارت حالة من الذعر في مختلف انحاء الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها الاوروبيين، وبريطانيا على وجه الخصوص، التي تستعد لتنظيم حدثين مهمين: الاول هو جنازة السيدة مارغريت ثاتشر التي ستنطلق صباح اليوم، والثاني ماراثون لندن يوم الاحد المقبل.
الرئيس الامريكي باراك اوباما تابع الحدث عن كثب، واكد انه عمل ارهابي، وتوعد بملاحقة الجهة التي تقف خلفه وتقديم المتورطين الى العدالة لمواجهة القصاص الذي يستحقونه.
اجهزة الاعلام العالمية التي غطت هذا الحدث بكثافة، لم توجه اصابع الاتهام الى تنظيم ‘القاعدة’ او اي منظمة او جماعة اسلامية، حتى لا تكرر خطأ مماثلا ارتكبته عندما وقعت تفجيرات اوكلاهوما في الوسط الامريكي، وتبين ان من يقف خلفه مواطن امريكي ينتمي الى جماعة يمينية متطرفة، ولكن بعض الاطباء لمحوا الى ان العبوات الناسفة تضمنت بعض المسامير والقطع الحديدية، في اشارة مقصودة الى جهة شرق اوسطية.
من السابق لاوانه اطلاق العنان للتكهنات او تحديد اي جهة يمكن ان تكون متورطة، داخلية او خارجية، لكن الافراط الرسمي الامريكي في استخدام طائرات بدون طيار (درونز) في اكثر من بلد عربي واسلامي خلق اعداء كثيرين للولايات المتحدة، خاصة ان هذه الطائرات التي ازداد استخدامها بشكل مكثف، وتعتبر من اكبر انجازات ادارة الرئيس اوباما، قتلت حتى الآن في افغانستان وباكستان واليمن ما يقرب من الخمسمئة انسان، معظمهم من الاطفال والنساء.
عودة الاعمال الارهابية الى الولايات المتحدة، وفي مثل هذا الظرف الحرج الناجم عن ازمة اقتصادية متفاقمة، نبأ مرعب بالنسبة الى العالم الغربي وساسته، لانها تعني، اي الاعمال الارهابية، ليس قتل الابرياء فقط، وانما تخصيص ميزانيات ضخمة لمواجهة الارهابيين، سواء كانوا امريكيين او اجانب.
مكتب التحقيقات الفيدرالي الامريكي (اف. بي. آي) يتولى التحقيق وجمع الادلة لمعرفة الجهة التي تقف خلف هذين التفجيرين، ولكن تأكيد رئيس المكتب ‘بالذهاب الى آخر الارض لملاحقة مرتكبي الهجوم’ يوحي بالاشارة الى اصابع خارجية.
لم تعلن اي جهة مسؤوليتها عن هذا الهجوم، وقد جرت العادة ان يتم الاعلان عن المسؤولية في غضون 36 ساعة او اكثر قليلا، وهوية هذه الجهة ستثير حالة من الارتياح في اوساط عربية واسلامية، اذا كانت امريكية، وقد تعيد اشعال الحرب على الارهاب مجددا اذا كانت اسلامية بشكل او بآخر في منطقة مضطربة اساسا، وتشهد تدخلا امريكيا عسكريا وسياسيا بصورة مباشرة او غير مباشرة.
هذه التفجيرات وان كانت خسائرها البشرية والمادية متواضعة بالمقارنة مع تفجيرات مماثلة، فانها تعيد التأكيد بان الارهاب واعمال العنف ما زالا السلاح الاخطر في مواجهة العالم الغربي، وان آلاف المليارات التي جرى انفاقها، سواء في الحروب او في تشديد الاجراءات الامنية داخليا وخارجيا فشلت فشلا ذريعا في مواجهة هذا الخطر والقضاء عليه، الامر الذي يتطلب مراجعة جديدة ومعمقة لكل هذه الاجراءات.
القدس العربي
شكرا لتواجدك زائر نورت الصفحة