قطاع عريض من الشعب الاردني بكل اطيافه واعراقه ومنابته يكن ودا كبيرا للرئيس الراحل صدام حسين، فهو يجسد الرجولة والشهامة والعروبة بالنسبة اليهم لموقفه الرافض للاحتلال الاسرائيلي ودعمه لاسر الشهداء، ومساعدته للاردن عبر منح نفطية باسعار رمزية، وفوق كل هذا وذاك اطلاق 39 صاروخا على تل ابيب.
وزاد تعلق الشعب الاردني بالرئيس العراقي الراحل عندما وقف وقفة بطولية شجاعة في رأيهم امام المشنقة مرددا الشهادتين والنصر للامة العربية، وتأكيده على عروبة فلسطين من النهر الى البحر.
ومن هنا فمن الطبيعي ان يرفض هذا الشعب اي اساءة للرئيس العراقي الراحل، لكن ما هو غير طبيعي، وغير دبلوماسي، وغير اخلاقي ايضا، ان يقدم موظفون ورجال امن من السفارة العراقية في عمان على الاعتداء على هؤلاء الذين احتجوا على تنظيم السفارة ندوة حول المقابر الجماعية في العراق في عهد النظام السابق.
السفارة العراقية واركانها في عمان تدرك جيدا ان تنظيم ندوة بهذه المناسبة يثير غضب الكثيرين ويشكل اهانة لكرامتهم ومواقفهم ومعتقداتهم السياسية، واساءة لاحد رموزهم القومية والوطنية. واقدامها على تنظيم الندوة او الاحتفال قد يفسر من قبل هؤلاء على انه استفزاز متعمد لهم.
الدبلوماسية الحديثة تتناقض كليا مع الاحقاد الطائفية والثارات والنزعات الانتقامية، وتجسد ازهى صور التسامح واذكى وسائل الاتصال الرسمي والجماهيري، ولكن يبدو ان معظم دبلوماسيي ‘العراق الجديد’ ليست لهم علاقة بمثل هذه المفاهيم العصرية الحديثة، والا لما اقدموا على ما اقدموا عليه من استفزازات في بلد فتح اراضيه وقلبه للاجئين العراقيين الذين تدفقوا بمئات الآلاف الى اراضيه طلبا للامن والامان عندما انهار الامن كليا، واصبحت السيارات المفخخة هي العنوان الرئيسي للبلاد، ونحن نتحدث هنا عن احداث العنف الدامي في عامي 2006 و2007.
الاردن عندما فتح ابوابه للاجئين العراقيين لم يميز بين سني او شيعي، مؤيد لنظام صدام حسين او معارض له، فهؤلاء جميعا وجدوا كل الترحيب من جميع فئات الشعب الاردني.
السيد هوشيار زيباري وزير خارجية العراق كان في قمة الدبلوماسية التي افتقر اليها دبلوماسيوه في سفارة بلاده في عمان، عندما سارع بمهاتفة نظيره الاردني السيد ناصر جودة معتذرا له عن هذا الاعتداء الوحشي، مؤكدا خروج مثل هذه الافعال ‘عن الاعراف والقيم الدبلوماسية’.
الاعتذار وحده لا يكفي الا اذا كان مقترنا باجراءات عقابية اردنية وعراقية في الوقت نفسه، اردنية بطرد جميع هؤلاء الذين اعتدوا على مواطنين اردنيين عبروا عن مشاعرهم واستيائهم بطرق سلمية حضارية، وعراقية بتقديم هؤلاء الى المحاكمة وتجريدهم من صفتهم الدبلوماسية التي لا يستحقونها، وتحويلهم الى وظائف عادية، لان هؤلاء لا يجب تصديرهم الى الخارج لتمثيل بلادهم دبلوماسيا، لانهم لا يجملون صورة بلادهم بل يسيئون اليها ويشوهونها.
القدس العربي
شكرا لتواجدك زائر نورت الصفحة