من الحكم العامة في الحياة، والتي تنفع الإنسان في كل المجالات، وكل الظروف تلك الحكمة التي تقول:
“إختر معاركك بحكمة”.
فهذه المقولة نافعة في تربية الأطفال، كما هي نافعة في مسألة النجاح أيضا..
إن كثيرا من الناس لا يختارون معاركهم الحقيقية، فيتورطون في معارك جانبية، وينشغلون بها عن الفرص الهائلة التي تتقاطر عليهم كل يوم..
وفي الحقيقة فإن هناك أمورا مهمة تستحق خوض المعركة من أجلها، فبالتأكيد هناك بعض الأوقات التي لا بد وأن تجادل أو تقاتل فيها من أجل شيء تؤمن به. ولكن الكثيرين يجادلون، أو يقاتلون على كل شيء من دون تمييز، أو على أمور لا ترتبط بهم وهم يحولون بذلك حياتهم إلى سلسلة من المعارك على أمور تعد نسبيا من صغائر الأمور. إن هناك قدرا هائلا من الإحباط في مثل هذا النوع من المعارك، لأنها تمنعنا من خوض معاركنا الحقيقة.
وقد يقول قائل: ماذا أعمل ما دامت الحياة ليست كما أريدها؟
والجواب: إذا كان هدفك أن يكون كل شيء في صالحك، فإن أقل خلل في خططك سوف تحوله إلى أمر ذي بال كبير. وفي ذلك وصفة للتعاسة والإحباط والفشل.
إن الحياة نادرا ما تكون دائما على الحال التي نريدها، كما أن الآخرين لا يتصرفون بالطريقة التي نرغبها. وبين لحظة وأخرى، تكون هناك جوانب من الحياة نرغبها ولا يرغبها الآخرون أو العكس، وسوف يكون هناك دائما من يختلف معك، أو من ينجز الأمور بشكل مختلف عنك، وكذلك تكون هنالك أمور تنجح فيها. وإذا ناضلت ضد مبادئ الحياة تلك، فستقضي معظم حياتك وأنت تخوض المعارك الفاشلة.
ولكي تنجح في حياتك فإن عليك بوعي وإدراك تلك المعارك التي تستحق الدخول فيها وأيها يفضل تجنبه. وإذا لم يكن هدفك الأساسي أن تتم الأمور على خير وجه ولكن أن تحيا حياة خالية من التوتر نسبيا، فستجد أن معظم المعارك تبعدك عن الشعور بالطمأنينة.
فهل من المهم مثلا أن تصطدم بشخص ما لأنه ارتكب خطأ طفيفا؟
هل يهم تفضيلك لمطعم معين إلى الدرجة التي تستحق أن تجادل بشأنها؟
هل يبرر خدش باسيارة أن ترفع دعوى على من تسبب فيه إلى المحكمة؟
هل يجب أن تناقش مسألة رفض جارك ركن سيارته على جانب آخر من الشارع على مائدة العشاء مع عائلتك؟
إن هذه الأمور والآلاف غيرها من الأمور الصغيرة هي ما يقضي الناس حياتهم في التطاحن بشأنها.
إن النجاح في الحياة يتطلب منك أن تعرف ماهي المعارك التي يجب عليك أن لا تخوضها، كما يتطلب منك أن تعرف المعارك التي يجب عليك أن تخوضها.
وتذكر أن لك حياة واحدة على هذه الأرض فإذا صرفتها على معارك تافهة، فلن تملك فيها فرصة أخرى لكي تصرفها على معارك هامة.