- قال ابن القيم رحمه الله : الله سبحانه وتعالى اختار من كل جنس من أجناس المخلوقات أطيبه واختصه لنفسه وارتضاه دون غيره فإنه تعالى طيب لا يحب إلا الطيب ولا يقبل من العمل والكلام والصدقة إلا الطيب فالطيب من كل شئ هو مختاره تعالى ، وأما خلقه تعالى فعام للنوعين وبهذا يعلم .
· عنوان سعادة العبدوشقاوته فإن الطيب لايناسبه إلا الطيب ولا يرضى إلا به ولا يسكن إلا إليه ولا يطمئن قلبه إلا به.
1- فله من الكلام الكلم الطيب الذي لا يصعد إلى الله تعالى إلا هو وهو أشد شئ نفرة عن الفحش في المقال والتفحش في اللسان والبذاء والكذب والغيبة والنميمة والبهت وقول الزور وكل كلام خبيث .
2- وكذلك لا يألف من الأعمال إلا أطيبها وهي الأعمال التي اجتمعت على حسنها الفطر السليمة مع الشرائع النبوية .
- مثل أن يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا ويؤثر مرضاته على هواه ويتحبب إليه جهده وطاقته .
- ويحسن إلى خلقه ما استطاع ، فيفعل بهم ما يحب أن يفعلوا به ويعاملوه به .
- ولا يناقض لله أمرا ولا نهيا .
3- وله أيضا من الأخلاق أطيبها وأزكاها كالحلم والوقار والسكينة والرحمة والصبر والوفاء وسهولة الجانب ولين العريكة والصدق وسلامة الصدر من الغل والغش والحقد والحسد والتواضع وخفض الجناح لأهل الإيمان والعزة والغلظة على أعداء الله وصيانة الوجه عن بذله وتَذَلُّلِهِ لغير الله والعفة والشجاعة والسخاء والمروءة وكل خلق اتفقت علي حسنه الشرائع والفطر والعقول .
4- وكذلك لا يختار من المطاعم إلا أطيبها وهو الحلال الهنيء المرئ الذي يغذي البدن والروح أحسن تغذية مع سلامة العبد من تبعته .
5- وكذلك لا يختار من المناكح إلا أطيبها وأزكاها.
6- ومن الرائحة إلا أطيبها وأزكاها .
7- ومن الأصحاب والعشراء إلا الطيبين منهم .
· فهو طيب في كل شيئ : فروحه طيب وبدنه طيب وخلقه طيب وعمله طيب وكلامه طيب ومطعمه طيب ومشربه طيب وملبسه طيب ومنكحه طيب ومدخله طيب ومخرجه طيب ومنقلبه طيب ومثواه كله طيب فهذا ممن قال الله تعالى فيه : { الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون } ومن الذين يقول لهم خزنة الجنة : { سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين } وهذه الفاء تقتضي السببية أي : بسبب طيبكم ادخلوها .
· من هو الخبيث ؟ وقال تعالى : { الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات } .. وقد فسرت الآية :
أ ) بأن الكلمات الخبيثات للخبيثين والكلمات الطيبات للطيبين
ب ) وفسرت بأن النساء الطيبات للرجال الطيبين والنساء الخبيثات للرجال الخبيثين .
وهي تعم ذلك وغيره فالكلمات والأعمال والنساء الطيبات لمناسبها من الطيبين .
· والكلمات والأعمال والنساء الخبيثة لمناسبها من الخبيثين فالله سبحانه وتعالى جعل الطيب بحذافيره في الجنة وجعل الخبيث بحذافيره في النار
- فجعل الدور ثلاثة :
1- دارا أخلصت للطيبين وهي حرام على غير الطيبين وقد جمعت كل طيب وهي الجنة .
2- ودارا أخلصت للخبيث والخبائث ولا يدخلها إلا الخبيثون وهي النار .
3- ودارا امتزج فيها الطيب والخبيث وخلط بينهما وهي هذه الدار ولهذا وقع الإبتلاء والمحنة بسبب هذا الإمتزاج والإختلاط وذلك بموجب الحكمة الإلهية .
· السعادة والشقاوة : المقصود أن الله - سبحانه وتعالى - جعل للسعادة والشقاوة عنوانا يعرفان به .
- فالسعيد الطيب لا يليق به إلا طيب ولا يأتي إلا طيبا ولا يصدر منه إلا طيب ولا يلابس إلا طيبا .
- والشقي الخبيث لا يليق به إلا الخبيث ولا يأتي إلا خبيثا ولا يصدر منه إلا الخبيث .
- فالخبيث يتفجر من قلبه الخبث على لسانه وجوارحه .
- والطيب يتفجر من قلبه الطيب على لسانه وجوارحه .
- وقد يكون في الشخص مادتان فأيهما غلب عليه كان من أهلها
اللهم إجعلنا من الطييبين والطيبات