قول الله عز وجل في الحديث القدسي:
(الصوم لي وأنا أجزي به)
اختلف العلماء في المراد بهذا -مع أن الأعمال كلها لله تعالى وهو الذي يجزي بها- على أقوال:
أحدها: أن الصوم لا يقع فيه الرياء, كما يقع في غيره.
الثاني: أن الأعمال قد كشفت مقادير ثوابها للناس وإنها تضاعف من عشرة إلى سبعمائة إلى ما شاء الله, إلا الصيام, فإن الله يثيب عليه بغير تقدير.
الثالث: أنه أحب العبادات إلى الله.
الرابع: الإضافة إضافة تشريف وتعظيم، كما يقال: بيت الله, وإن كانت البيوت كلها لله.
الخامس: أن الاستغناء عن الطعام وغيره من الشهوات من صفات الرب جل جلاله, فلما تقرب الصائم إليه بما يوافق صفاته أضافه إليه،
قال القرطبي: "معناه أن أعمال العباد مناسبة لأحوالهم إلا الصيام, فإنه مناسب لصفة من صفات الحق، كأنهيقول: إن الصائم يتقرب إلي بأمر هو متعلق بصفة من صفاتي".
السادس: أن المعنى كذلك, لكن بالنسبة إلى الملائكة؛ لأن ذلك من صفاتهم.
السابع: أنه خالص لله تعالى, وليس للعبد فيه حظ بخلاف غيره, فإن له فيه حظاً لثناء الناس عليه بعبادته.
الثامن: أن الصيام لم يُعبد به غير الله، بخلاف الصلاة والصدقة والطواف ونحو ذلك.
التاسع: أن جميع العبادات توفّى منها مظالم العباد إلا الصوم.
العاشر: أن الصوم لا يظهر فتكتبه الحفظة, كما لا تكتب سائر أعمالالقلوب.
قال الحافظ ابن حجر: "فهذا ما وقفت عليه من الأجوبة, وأقربها إلى الصواب الأول والثاني, وأقرب منهما الثامن والتاسع"