الاسرى بين مطرقة الاحتلال وسندان الاهمال... قبل كل شيئ يجب ان أؤكد ان الافراج عن 104 اسرى ما قبل أوسلو مهم جدا وهو تصحيح لخطأ تاريخي ارتكب بحق الاسرى بعد التوقيع على اتفاق اوسلو بدون ان يتضمن الافراج عن جميع الاسرى على اعتبار ان اتفاق اوسلو شكل منعطفا تاريخيا في تاريخ الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وبالرغم من محاولات الاستدراج لهذا الخطأ في الاعوام التي تلت اتفاق اوسلو مما نتج عن ذلك من اخراج عن اكثر من 9 آلاف اسير فلسطيني الا انها لم ترتقي الى مستوى اغلاق هذا الملف بما يعنيه من تحرير لجميع الاسرى وعلى وجه الخصوص الذين تصفهم اسرائيل بأنه يوجد على ايديهم دماء هذا المصطلح الذي وجد على ما يبدو تفهما بشكل آخر من قبل الطرف الفلسطيني ولا اقول هنا وذلك من اجل الحقيقة أن الجانب الفلسطيني سلم بهذا الشرط او هذا المعيار الا انه كان واضحا ان الجانب الفلسطيني كان يعتقد ان هذا الملف يمكن اغلاقه بمعاهدة سلام والتي كان من المفترض ان تأتي بعد خمس سنوات على اوسلو وعدم الجدية في التعاطي مع هذا الملف كان السبب الحقيقي وراء عدم الافراج عنهم حيث أمضوا اكثر من عشرين عاما وبعضهم اكثر من ثلاثين عاما وهنا يقول قائل أن اتهام الجانب الفلسطيني بعدم الجدية في الافراج عن الاسرى مبالغ فيه وأن الجانب الفلسطيني قد بذل جهد ممكن من اجل الافراج عن الاسرى ولكن الجانب الاسرائيلي لم يبدي اي ليونة بهذا الملف فأسأله هل وصلت الجدية الى مرحلة ربط العملية التفاوضية برمتها بعملية الافراج عن الاسرى كما حصل مؤخرا عندما رفع الأخ أ. مازن هذا الشعار ورأينا جميعا نتيجة ربط الاخ أ. مازن الملف التفاوضي برمته بالافراج عن اسرى ما قبل اوسلو. وهنا نقف جميعا امام هذا التساؤل (كيف يتعامل مفوضنا وقيادتنا مع قضية الأسرى) ؟؟ وما هي درجة اهميتها؟ وهل يدركون أنه بموجب العقد المكتوب بالدم بين الأسرى وقيادتهم السياسية ملزمة ان تعمل فورا وبكل جهد ممكن لاطلاق سراحهم ان وقعوا في الاسرى تماما مثل الاهتمام بأسرهم أن سقط شهداء هذا هو العقد ما بين الجنود وقيادتهم السياسية ولا يحق لاي سياسي ان يتضلل من هذه المسؤولية مهما كانت الظروف والمبررات أما محاولة التعامل مع هذا الملف كملف ثانوي او كحالات انسانية فهذا انتهاك خطير جدا للعقد النضالي والوطني المكتوب بالدم بين الجنود وقيادتهم ولكل مقام مقال فوسائل تحرير الاسرى في ظل استمرار العمليات القتالية تختلف عن وسائل تحريرهم بعد البدء بعملية سياسية فتحرير الاسرى ليس مرهونا بالتوصل الى معاهدة سلام بل هو مرهون بوقف العمليات القتالية اولا ولا اعتقد اننا الآن في ذروة هذه العمليات وثانيا بالبدء بعملية سياسية في مثل هذه الحالات الامر الاول الذي يقدم عليه طرفي النزاع بعد وقف العمليات القتالية هو تبادل الاسرى في حال كان هناك اسرى لدى الطرفين ولكن في حالتنا لا يوجد اسرى الا لدى طرف واحد وهنا هل نستطيع ان نتخيل ان الجانب الاسرائيلي كان من الممكن ان يقدم على الجلوس حول \طاولة المفاوضات وهناك اسير اسرائيلي واحد فقط موجود لدى السلطة الوطنية ولا اقول خمسة الآف اسير بل اسير واحد أجزم ان الجواب هو لا لأن هذه بديهيه تكررت على مدار التاريخ في كافة الصراعات ولا أرى مبررا لهذه اللامبالاة والتي أشعر بها كأي اسير فلسطيني وكأنني موجود في مكان ما وكل ما احتاجه هو توفر الطعام والملبس والمشرب وهذا المكان ممكن أن يكون اي شيئ الا الأسر لدى العدو وكأن وجودنا حيث نحن هو طبيعي ولا توجد مشكلة ملحة وحرجة للعمل على تحريرنا فورا وأنه من الممكن توفير متطلبات الحياة الأساسية لتعزير صمودنا وأ، الاهتمام فقط يندرج وفق الحالات الانسانية لذلك نسمع مرارا وتكرارا اسرى مرضى ،اطفال،نساء،كبار سن وكأن الجريمة ليست الاسر بل ما نتعرض له في الاسر وقضيتنا وقف جدول يذكرنا بوزارة الشؤون الاجتماعية هذا لا يعني انه لا يوجد بعد انساني لقضية الاسرى يجب الاهتمام به على كافة المستويات ولكن لا يجب ان يكون في حالة من الاحوال على حساب البعد الحقيقي وهو البعد النضالي الذي يلزم القيادة السياسية بالوقوف عند مسؤولياتها والتوقف كثيرا قبل البدء بعملية سياسية امام كل اسير لأننا لسنا حالات انسانية ولسنا جملة يتم الحديث عنها بصفة عامة فالخمسة الآف اسير اسماء معروفة وقضايا مختلفة واحكام وسنوات داخل الاسر ولا تملك القيادة السياسية الخيار بالهروب من هذا الملف وبالعودة على ما بدئنا به حول الاسرى ما قبل اوسلو وطريقة الحديث عن هذا الملف فلها بعد آخريختلف عن البعد الايجابي الذي يركز على الخطا التاريخي الذي ارتكب بحقهم فعندما تسمع السياسيين يتحدثون عن هذا الملف على ان اتفاق اوسلو شكل منعطفا سياسيا لمنظمة التحرير الفلسطينية وانه يجب ان تطوى صفحة ما قبل اوسلو فهذا يدفع الى التساؤل ماذا عن الاسرى ما بعد اتفاق اوسلو وأين هم في الميزان السياسي التفاوضي حيث يبدو للوهلة الاولى أن القيادة السياسية ترفع الغطاء عمن اعتقل بعد اتفاق اوسلو وهذا الجانب الخطير لتسليط الضوء على الاسرى ما قبل اوسلو الا ان تسليط الضوء بهذه الطريقة يفهم منه امران خطيران الاول انه لايوجد اسرى الا المئة وأربعة المعتقلون قبل اوسلو وانهاء ملفهم يعني ان القيادة قد قامت بما هو ملقى على عاتقها والثاني كأنه لا شرعية لمن اعتقل بعد اتفاق اوسلو هذان امران خطيران وعلى القيادة السياسية ان تقف وتفكر وتعمل على حل ملف الاسرى ولا يعني تصحيح خطأ تاريخي بحق مئة وأربع اسرى ان ترتكب جريمة بحق خمسة الآف اسير وهناك الكثير الكثير مما تستطيع عمله القيادة السياسية حتى تقوم بواجبها تجاه الحركة الاسيرة وهذا ليس بالمعجزة او بالخيال بل في اطار الممكن ولكنه بحاجة الى قليل من الجدية والاهتمام وعلى سبيل المثال ووفق ما يسمى بمعايير اسرائيلية لا مشكلة حقيقية لدى الجانب الاسرائيلي بالافراج عن اكثر من ثلاثة الآف وخمسمئة اسير فورا وأذكر انه فيما سبق لقد تم الافراج عام 1994 عن خمسة الآف اسير دفعة واحدة فيما بالامكان جدولة من يتبقى من الاسرى بما لا يتعدى نهاية المفاوضات وأذكر ايضا انه وبمجرد اعادة فتح ملف ما يسمى بثلثي المدة والذي توقف لاسباب سياسية سيتم تحرير اكثر من الف اسير من بينهم حوالي الثلاثين اسيرا ممن اعتقلوا قبل اتفاق اوسلو ولكن عدم جدية القيادة السياسية يجب ان تقابلها جدية الحركة الاسيرة والتي يجب ان تعلم القاصي والداني انه لا يمكن تجاوز الحركة الاسيرة وذلك من خلال فعل نضالي يرتقي الى مستوى المطالبة بالحرية وهذا يعني ان تقرع الامعاء الخاوية طبول معركتها في وقت لا يتجاوز شهر سبتمبر/ ايلول الحالي حيث يكون قد تبين مدى جدية المفاوض الفلسطيني بهذه القضية وكل يوم يمر بصمت الحركة الاسيرة سيقابله سنوات في ظلمات الاسر.
الاسير رافت الجوابرة
سجن راعون الصحراوي
شكرا لتواجدك زائر نورت الصفحة