بدأ البيت الابيض أمس اتصالات بزعماء يهود امريكيين ليُجندهم هم ومنظماتهم ليدعموا جهود الادارة لاحراز موافقة من مجلس النواب على عملية عسكرية في سورية، لكنهم لا يسارعون الآن الى الانضمام للمعركة.
رغم يوم عطلة ‘الليبر دي’، بدأت أمس محادثات مباشرة بين موظفين كبار في الادارة والقيادة اليهودية، أُسمعت فيها رسائل الرئيس اوباما ووزير الخارجية كيري عن مركزية اسرائيل في تقديرات الادارة الامريكية. وأكد الموظفون كلام اوباما وكيري عن أن فوزهما في التصويت في مجلس النواب ضروري لمنع انتشار سلاح كيميائي قد يُعرض اسرائيل للخطر، ولردع ايران وحزب الله. ‘لا أعتقد أن اعضاء مجلس النواب سيريدون التصويت على نحو يُعرض اسرائيل للخطر’، قال كيري.
ويتجه وزير الخارجية الامريكي نفسه الى مشاعر الذنب التاريخية عند المجتمع اليهودي، بالمقارنة التي يُجريها بين النظام السوري والمانيا في الحرب العالمية الثانية، وبين الاسد وهتلر وبين عدم فعل الادارة آنذاك ازاء كارثة يهود اوروبا وصمت القيادة اليهودية في الولايات المتحدة، كما يُفهم ضمنا وبين المعارضة الحالية لعملية في سورية. أفادت جهات في الادارة الامريكية صحيفة ‘نيويورك تايمز′ بأن ‘الايباك أصبحت تضغط في مجلس النواب الامريكي لأجل عملية موجهة على الاسد’، لكن اشخاصا في المجتمع اليهودي تحدثوا مع صحيفة ‘هآرتس′ قالوا إنه لم يُبت الى الآن بقرار مُلزم. وعبر هؤلاء الاشخاص عن قلق للمكان المركزي الذي تعطيه الادارة لاسرائيل في النقاش العام وعن خشية من أن تكون اسرائيل ومؤيدوها معا قد حُشروا بين المطرقة والسندان، في حال سيخسرون معها في كل حال. ‘اذا أيدنا الرئيس فسنغضب الجمهوريين ونبدو مثل مُهيجي حرب’، قال أحد القادة أمس لصحيفة ‘هآرتس′. ‘واذا تنحينا جانبا ولم نفعل شيئا فسنُحدث قطيعة مع الادارة لن تُنسى سريعا’.
تجري الحملة الدعائية في المجتمع اليهودي موازية للاتصالات المباشرة التي بدأ يجريها البيت الابيض أمس لمشرعين كبار، وفي مقدمتهم السناتور الجمهوري جون ماكين الذي نافس اوباما في الرئاسة في 2008. ويطلب ماكين بعكس أكثر المُشرعين، من اوباما أن ينفذ عملية عسكرية واسعة أكثر طموحا من هذه المخطط لها تفضي الى اسقاط الاسد.
توجد تقديرات مختلفة لنسب القوى في التصويت المتوقع في الاسبوع القادم، ويستيقن مراقبون سياسيون من أن الصراع لم يُحسم بعد. إن الادارة الامريكية تولي موقف الجماعة الموالية لاسرائيل أهمية كبيرة، بل قد تكون حاسمة: فقد قال موظف رفيع المستوى في الادارة أمس لصحيفة ‘نيويورك تايمز′، إن جماعة الضغط الموالية لاسرائيل هي مثل ‘غوريلا وزنها 800 باوند في الغرفة’، أي أنها عامل تأثيره أكبر من كل عامل آخر في المحيط. لكن القادة اليهود في نيويورك وواشنطن لا يسارعون الى الوقوف علنا وراء الادارة أو الى استعمال جماعة الضغط الموالية لاسرائيل ‘الايباك’ لمصلحته، لاسباب مختلفة أُثيرت أمس في المحادثات العاجلة التي تمت بين الطرفين.
إن العلاقات الاشكالية في الماضي ايضا بين اوباما ونتنياهو ومؤيديه في القيادة اليهودية لها دور في التردد. إن بعض الجهات ترفض تعزيز مكانة اوباما السياسية وتتمنى هزيمته، في حين لا تستيقن اخرى تصميمه على الهجوم على سورية، حتى لو حصل على تفويض من مجلس النواب، وتخشى وضعا تضيع فيه الجماعة اليهودية اعتمادا على اجراء لن يتم آخر الامر.
قد يستطيع اليهود استعمال رأس السنة ذريعة لتأخير جوابهم، لكن يوجد من يُقدرون أنهم سيضطرون آخر الامر الى دعم الادارة ولو لابراء الذمة. ‘لا شك في أنه اذا رفض مجلس النواب عملية في سورية فلن يضر ذلك باوباما فقط، بل بمكانة ردع الولايات المتحدة وقوتها في العالم كله’، قال أمس لصحيفة ‘هآرتس′ شخص رفيع المستوى في الجماعة اليهودية. ‘إن من يعلن أنه يؤيد اسرائيل لا يستطيع أن يتنحى جانبا ويُمكّن من حدوث شيء كهذا’.
هآرتس العبرية
شكرا لتواجدك زائر نورت الصفحة