تقاسيم جاسر العناني بقلم : سعادة أبو عراق

السلام عليكم

اخوتي اعزائي الكرام

شخصيه مرموقه لها وزنها في المجتمع

نفتخر بوجوده بيننا

وهو الصديق والاب والاخ لجمعينا هنا

الـــــ د جاسر العناني

ومن خلال تصفحي على النت والبحث عن هذه الشخصيه والتي احب ان اتابع كتاباته

من خلال البحث على جوجل

توصلت لاعتراف جميل للتعرف على شخصيته من اناس مقربين له

اليكم ................

تقاسيم جاسر العناني
بقلم : سعادة أبو عراق

كما هي فكرتي عن معظم المبدعين ، أن لكلِ موهبةٍ رئيسية ملحقاتها ، وهذه الملحقات هي ما تشكل نمط الشخصية الفنية ، كما يتفق مع معتقدي انه لا يوجد إنسان لم يكتب شعرا ، جيدا أو رديئا ، ابتداءً من بيت واحد من الشعر إلى عدة دواوين
تبادر ذلك إلى ذهني وأنا أقرأ تقاسيم الدكتور جاسر العناني ، فها هو فاجأنا بأنه شاعر أيضا ، فوق ما أتحفنا به من دراسات قانونية عن القدس والاستيطان ، حيث بدا مناضلا قانونيا ،ومفكرا استراتيجيا ، وها هو يفاجئنا بديوان شعري ، هو كما أتصور ، لم يخطط أن يكون شاعرا ، ولم يكتب لكي يصدر ديوانا ، انه كان يكتب مشاعره فقط ، ولكن تجمعت القطرات وصارت جدولا .
وكما هي طبيعة الشعر الذي يمسك دائما بما هو ذاتي في النفس ، يتحسس المناطق المؤلمة والمعتمة ، فالمرء لا يستطيع أن يكون موضوعيا حينما يكتب عن خصوصية انفاعلاته ، لذلك اخترع الشعر ، الذي نسمع من خلاله انين وجعه وآهات نبضه ، يعبر عن نفسه ، ويدخلنا دون أن نشعر باقتحامه لوجداننا ، ولا نمانع نحن المتلقين أن يخربط لنا أفكارنا وحياتنا ، أننا نستقبله على أثير الخيال ،ويدخل من أبواب عواطفنا ويجعل كل قول فيه ممتعا لإحساسنا ،
وبما أننا لا نختلف في دواخلنا وآمالنا وآلامنا ومشاعرنا ، فإننا نجد الشاعر يكتب عما يخالجنا نحن القراء أو السامعين من أحاسيس ، فإذا بنا أصدقاء له دون أن ندري ، لأنه ناب عنا بكتابة مشاعرنا
هكذا كان شعوري وأنا اقرأ تقاسيم الدكتور جاسر العناني ، فأول ما لفت نظري هو تأثره بمحمود درويش ، ليس باقتباس النصوص ، إنما في بناء المعنى غير التقليدي ، بعيدا عن المباشرة والخطابة والمحسنات اللفظية كما في قصيدة اعتراف
أنا الآخر الذي ضاع خبزه
وأكلت قوته الرياح
أنا الآخر الذي بقي منتظرا
في الموانئ والمطارات
يراود الوقت للوصول إلى الصباح

وملاحظة أخرى يجب أخذها في لاعتبار ، انه سك في معظم قصائده سبيل قصيدة النثر التي لم أغبطه عليها كثيرا .
نعود إلى الديوان وإلى ترتيبه للقصائد حيث لم يرتبها على نهج معين تاريخيا أو حسب الموضع أو حسب الطول أو الأهمية ، جعلني أقوم عنه بترتيبها في مجموعات حسب الموضوع ، ليسهل علي تناولها ، ذلك أنه ينقلنا من الغزل الرقيق إلى القضية الفلسطينية الذي يتناولها على اكثر من صعيد كالشتات ومشاعر الانكسار والشهداء إلى البلدانيات كبيت عنان وسنجل ودمشق ، إلى قصائد كتبها للنشاطات التربوية في تربية الرصيفة ، إلى ضراعته وتدينه وتقريعه لشيوخ الوعيد والتهديد
ولعل الوقوف على بعضها يجعلنا أكثر تلمسا وتذوقا لجماليات القصائده

فها هو يعبر عن الحب في أكثر من أسلوب ، كالأسلوب المباشر ، حيث نجده كعمر بن أبي ربيعة يتباهى بنفسه ويغوي حبيبته
يا شمس الكون
ويا سيدتي
فأنا أحلى عشاق الدنيا
وأنا ارفل في ثياب البسمة
من زنبفة
تحمل ثياب البشرى

وبلجأ إلى الأساطير الموروثة ليعمق تعبيره
إليك فراش الحقل يجيء مرايا
بالورد الراقص يا ميداس
أراود بوصلة القبطان
عن أحلى جزر فيها العشق حمام
إليك أشكّل ظلي ألف حصان
يرمي الورد سهاما يا طروادة
إني العاشق والأسوار سوار

و كثيرا ما يتحف القارئ بالصور الشعرية المبتكرة
خذني إليك وأطبق علي رموش العين
دعني اقرأ أشواقا
أو لعل إلي يجيء الحمام بأحلى الكلام
يقرأ بين يديك قوافي الغرام

كما يستعمل الطبيعة في غزله
لعينيك يمطر الغيم ويخضر الشجر
لعينيك يأتي العيد ويشع القمر
لعينيك ينهمر الكون موسيقى
ويغني بلبل وكنار

وما اكثر ما يتغزل بالعيون
لعينيك أهد ي نسيم الصباح
وأفرش شمسي وغيمي بساطا
وأيضا يقول
لعينين عاشقتين
يخضر مرج الزهور
يحلو الهوى والحلم ينبت في الصدور

اما القضية الفلسطينية فهو يتناولها على أكثر من صعيد وأكثر من شكل وأسلوب، فمنها ما جاء على شكل تراجيديا ملحمية
تزدحم أفواج
والريج تؤاكلهم وتأكلهم
ويدي فيها وشم
فيها جلجاميش يشرب كأس الذكرى
فيها قيصر فيها كسرى
فيها ملح الدمع
على قبر الاسكندر
فوق حصان الذكرى
يصهل كنت أنا ، كنت أنا
لو أني ما كنت أنا

أما قصيدة قف مكانك فهي كلام في المآساة الفلسطينية ، ونلمس فيها النفس الدرويشي
قف مكانك فالريح مقبرة
والبحر تابوت مقامر
قف مكانك فالمدى مُدى
فلا تغامر
والرجوع يعني انك تنبش في المقابر
والميل إلى اليمين او الشمال
يعني أن تناور
قف مكانك صابرا
فالصبر قد يمحو الكبائر

أما قصيدة نبؤة فهي ملحمة على شكل اوبرينت من عدة مشاهد ، يحكي تاريخ القضية الفلسطينية

فالمشهد الأول يرسم انتشار الفلسطينيين في الأصقاع العربية
أرض الله واسعة
لن تموتوا
أمامكم القفار فاعملوا
ماءَ ينبجس الصخر
زيتا تنبع الأرض
ويورق العوسج قمحا
وفي الليل تسامرنا الثريا
لا تحزنوا واشكروا الله على نعمائه
أنفتح لكم باب الرزق وحمل همكم غيركم

اما بعد حرب ال67
تنافخت الفرسان
وهتفنا بملء صدورنا
وظننا انه الخلاص
إن بعض الظن إثم
إنه وسواس
وقالوا أما الآن لا صلح ، لا تفاوض ، لا اعتراف
سنبدأ حرب الاستنزاف
لا صوت يعلوا فوق صوت المعركة
محظور رفع الصوت في الأذان وحتى في الزفاف

وختام النبؤة كان
امافي الوطن على أبواب البيوت الحراس أعينهم سهام
تطارد الأحلام وما بين الرموش
يعدون المواليد
لكن هناك نساء في البرية
في أيديهن أطفال وخيول وعلى الألسنة لاءات من وعد الشمس الآتي

وفي الديوان قصيدة عمودية مهداة للشهداء ، وهي قصيدة عالية السبك ذات قافية رنانة ، وهي قصيدة سماعية
لك الثريا لك المجد و الألق لك القوافي وقوس الغار والعبق
أقدمت وغيرك خائف دنف أعطيت وغيرك مانع قلق
أضأت للسارين عتم ليلتهم وأسرجت للفرسان خيلك البلق
صدقت وعدا ما كنت ناكثه دأب الكرام إذا ما عاهدوا اصدقوا

هناك تقد لاذع للتيارات لدينية في قصيدة بعنوان إفك
يبيعون الجنة
يحرسون العذاب وهم وحدهم للحق مالكون

وفي قصيدة دعاء يبتهل
بكل ذنوبي إليك أجيء
وحب لنورك في عمق قلبي
ما خالط ظنا ولا راود فكري

أما بعد فلا يمكننا حيز الوقت من أن نتوقف عند كل قصيدة ، ففي كل قصيدة شيء يقال ، ولا مانع أن نشير إلى قصيدتين عن بيت عنان وأخرى عن دمشق وعن وسنجل ، وقصيدة عن الأسرى

وليسمح لنا الدكتور أن ابدي ملاحظات وجدتها شائبات قدحت بعض الشيء في بعض القصائد ، وهي
1- النثرية التي كانت تتسلل إلى بعض قصائده ،فكانت كالمطبات الهوائية ، تجعل من طيران القارئ أو السامع مطّربا ، وقد اعذره لأنه احتذى بها قصيدة النثر.
2- التقديم والتأخير في صياغة بعض الجمل إذ قدم المفعول على الفعل ، مثل ماءً ينبجس الصخر ، زيتا تنبع الأرض إلى أعناقنا تأتي الآلئ ، ذلك انه لم يكن مجبرا على هذا التعقيد اللفظي
3- اسقط بعض أدوات الربط في قوله (على أبواب البيوت الحراس أعينهم سهام )، والأصل على أبواب كانت أعين الحراس سهاما
4- بعض الاستطرادات والزيادات التي لا تثري المعني مثل(تطارد الأحلام ومابين الرموش )، فالمعنى اكتمل بجملة(تطارد الأحلام) ،أما ( وما بين الرموش ) صارت ثقلا على الجملة