نحن نقول عن واحد أنه أتفه من ذبابة .
هل فكرت ماذا يمكن أن تصنع ذبابة ؟!!
ان ذبابة واحدة تافهة يمكن أن تحمل على أرجلها الدفتيريا و السل و الدوسنتاريا وشلل الأطفال و الكوليرا ، ويمكنها أن تبيد أمة وتفني جيلاً وتقلب دفة النصر في معركة .. تفعل كل هذا و هي ذبابة .
ان ميكروباً لا يُرى بالعين قتل في سنة 1919 أكثر من عشرين مليون ضحية .
*****************
ليس هناك اغرب من عادة شرب الدخان.
إن يصرف رجل عاقل نقوده فى احراق بعض المخلفات واستنشاق دخانها اللاسع الخانق الكريه.
يدخن ويسعل ويبصق ، ثم يعود فيبتلع الدخان ويسعل ويبصق . ويقول بصوت اجش مشروخ انه يشكو من برد مزمن . وانه لهذا السبب قد استبدل الدخان الانجليزى بالدخان التركى.
ثم ينفث حلقات الدخان وهو يحملق فى الفراغ وفمه مفتوح ، وقد وضع ساقا على ساقا ، وسبح بخياله فى حاله انعدام وزن لا يفكر فى شىء . مشهد كاريكاتورى من مسرح لا معقول .
قصه بلهاء من خمس دقائق تبدأ بشطة عود كبريت ثم حركات استعراضيه من رجل عجيب يأخذ اوضاعا بهلوانيه فى كرسيه ويسترخى ويسرح ويشفط وينفخ ويسعل ويبصق .
ونفهم من القصه انه يدفع من قوته وقوت عياله فى سبيل هذا الدخان ، ثم يعود فيدفع مرة اخرى ليعالج نفسه من هذا السعال والدخان ، ثم يعود فيدفع مرة ثالثه لينظف اسنانه من اوساخ هذا الدخان ، ثم يروى لنا انه قرأ فى المجله عن تسبب التدخين فى السرطان وفى نفس الصفحه قرأ اعلانات عن فوائد التدخين.
فإذا سألته ماذا ستفعل ؟
وقال لك سأستبدل لفافة التبغ بالسيجار ، او السيجار بالشيشه ، او الشيشه بالجوزة .
وتراه يصوم عن الاكل ولا يستطيع ان يصوم عن السيجاره.
وتراه يستمر فى الإنتحار الصغير كل يوم فيلقى بنقوده وصحته فى البحر، ويقف يتفرج على الأثنين يغرقان وهو يسعل ويبصق ويلهث .
رجل مخبول تماما.
ولكن هذا المخبول هو كل الناس.
كل الناس ينتحرون لسبب غير مفهوم.
العمله الصعبه التى تنفق فى استيراد التبغ والسيجار والعسل فى العالم كافيه لحل مشاكل المجاعه والفقر والجهل والمرض.
والإنسان المجنون ابتكر وسائل انتحار اخرى غير التبغ . مثل الأفيون ، والحشيش ،والكوكايين ، والهيرويين ، وعقار الهلوسه والخمور بأنواعها .
ولم يكتف بهذا فأخترع اسلحة القتل السريع الأكيد مثل الرصاصه ، والقنبله ، والغاز السام.
ثم عاد فأبتكر الأعذار والمبررات الجاهزة للقتل . مثل الصراع الطبقى ، وتغيير التاريخ ، وإنقاذ الحريه.
والحريه ذاتها كانت دائما هى المخدر الأكبر.
المدخن يقول لك : انا ادخن لأنى حر.
ومدمن المخدرات يقول لك : انا حر
والذى يطلق اول رصاصه يطلقها ليكون حرا.
ودائما الحرية هى اول ما تجهز عليه هذه الأسلحة.
ودائما الحريه هى الضحيه.
والإنسان القاتل والمقتول هما الضحية.
****************
هل فكر أحدكم أن يدخل بيت النمل ؟
صدقوني إنها ستكون زيارة مثيرة .. أكثر إثارة من الصعود إلى الفضاء والتجول على القمر .
إن النمل حشرة صغيرة جداً لا تزيد على ملليمتر و مع ذلك فهي مهندسة معمارية عظيمة ، تبني القلاع و الحصون ، و الغرف والدهاليز
و المخازن ، و تهندس بدرومات كاملة تحت الأرض .
و هناك نوع من النمل يمارس الزراعة .. فيزرع نبات عيش الغراب ، ويجلب له السماد من الأوراق المتعفنة .. ثم يحصده عند نضجه ويخزنه في مخازنه .
و هناك نوع آخر من النمل .. كيميائي متخصص .. يمضغ الخشب ويحوله إلى نوع من الكرتون ، ثم يبني من هذا الكرتون طرزاً هندسية معمارية عجيبة .
و هناك نوع ثالث من النمل الأفريقي يبني بيوتاً تشبه المسلّات ، ثم يحقق لها نوعاً من تكييف الهواء بفتح نوافذ سفلية لإدخال الهواء البارد ، و نوافذ علوية لإخراج الهواء الساخن .
ويعيش هذا النوع من النمل حياة طبقية عجيبة.. فنجد فيه الملكة والأميرات و الضباط ولكل منهما مساكنه الخاصة وباقي الخلية من العمال البروليتاريا تشتغل بلقمتها .
وهناك نوع أخر من النمل المحارب المقاتل الذي يهجم في جيوش مثل التتار على هذه القصور فيقتل الجيش والحراس ويستولي على مخازن الطعام والتموين وينقل البيض ويتعهده في بيته حتى يفقس ويخرج منه النمل الصغير فيجعل منه خدماً وعبيداً في مملكته.
وهناك نوع آخر من النمل يعيش على الرعي ..
فيرعى قطعاناً من حشرة المن ويحلبها ويعيش على افرازاتها السكرية.
وللنمل لغة يتخاطب بها ..
وبدون هذا التخاطب ما كان يمكن أن يوزع الوظائف ويقيم نظاماً اجتماعياً تتباين فيه الاختصاصيات.
وعلماء البيولوجيا يقولون ان النمل يتخاطب عن طريق القبلات.. بلغة كيميائية خاصة يفرزها مع اللعاب.. وبدل الحروف المنطوقة هناك درجات وأنواع مختلفة من المذاق
وللنملة عقل تدبر به حياتها
فهي تجمع في الصيف وتدخر للشتاء . . وتدبر ميزانية مجتمع كبير من النمل بلا عدد في مواجهة ظروف من البرد والجفاف بالغة الصعوبة..
وأعجب ما في عالم النمل أن هناك نوعاً يرفض الحياة في مجتمع ونظام وخلايا ويختار أن يضرب في الآفاق ويهيم .. كل حشرة تهيم وحدها .. تسكن كل ليلة داخل ورقة ذابلة فإذا طلع النهار هجرت مسكنها ورحلت إلى مسكن آخر .
وهكذا تقضي حياتها تتنقل كل ليلة من جرسونيرة إلى جرسونيرة بلا مسؤوليات وبلا أعباء مثل حياة الهيبيين .
عالم مدهش
صدقوني ستتعلّمون الكثير إذا دخلتم بيت النمل
كتاب رائع انصحكم بالاطلاع عليه