حاجتنا إلى التربية الذاتية
التربية الذاتية عمل ملحٌّ لكل مسلمٍ؛ حتى يصل إلى مرضاة الله، ويتخلَّص من آفات النفس، ويتمكن من إصلاحها، ويصلَ إلى المستوى اللائق بالمسلم الذي يسعى للتمكين لدين الله، وهي طريق مهمٌّ لكل مَنْ يسعى لإصلاح ذاته، وتطوير شخصيته؛ حتى يصل للشخصية الإسلامية التي نريد تكون أسوةً حسنة للجماهير.
والسؤال الآن: لماذا نحتاج للتَّربية الذاتية؟
أولاً: قلَّة المربِّين، وكثرة الجماهير العائدة إلى الله:
في هذه الصَّحوة الإسلامية أقبل الكثيرُ من الجماهير على طريق الهداية، وعجَز الدعاة عن استيعاب كل هذه الجماهير؛ فالمربِّي له وقت محدود، وطاقة محدودة، ولن يستطيع متابعة جميع المربَّيْنَ، فيحتاج كل مسلم لتربية نفسه؛ للوصول إلى المستوى الحسن من إصلاح نفسه، فيلزم من كل مسلم لم يتوفر له مربٍّ أمين أن يسعى هو لتربية نفسه؛ فهو أدرى بمداخل نفسه وعيوبها ومفاتحها.
ثانيًا: عدم توفُّر التربية الجماعية دائمًا:
التربية الجماعية هي وسيلةٌ حسنة لمواجهة الفتور والكسل؛ فالمرء حينما يكون مع إخوانه يسعى سعيًا حثِيثًا في الأعمال الصالحة، فإذا توارَوْا عنه أصابه الكسل، لكنَّ التربية الجماعيَّةَ قد لا تُتاح للمرء دائمًا؛ فقد يعيش في قرية نائية بعيدًا عن إخوانه، وقد يكون في موضع القدوة، فيحتاج لتزكيةِ نفسِه، فحينئذٍ وجب على المسلم السعيُّ لتربية نفسه بنفسه؛ لأنه هو المسؤول الأوَّلُ يوم القيامة عن نفسه.
ثالثًا: الاستفادة من القدرات البشرية النافعة:
فمن نعمةِ الله على أمَّتنا: توفُّرُ الأعداد الكثيرة من الشباب، وهم سواعد البناء لأمَّتنا، وهم يملكون الكثير من القدُرات والإمكانات والطاقات، وهذه القدرات لو استطعنا أن نستغلَّها لاستطعنا أن نحقِّق الكثير من النتائج المذهلة، التي تساعد الأمة على تقدُّمها، وهي اليوم تمكث في مؤخِّرة العالم، إنَّ وجود التربية الذاتية هو سبب مهمٌّ للإفادة من هذه القدرات والطاقات التي تضيعُ هدْرًا دون فائدة، بل إن لم نستفدْ منهم قد يتحوَّلون إلى معاولِ هدمٍ للمجتمع، وما حصل في الشهور التَّالية بعد الثورة في مصر ليس عنَّا ببعيد.
رابعًا: مواجهة الشَّهوات، وسبل الانحراف:
فالشَّهوات اليومَ أصبحت كالسيل العارم، وبعض وسائل الإعلام الغربي فتحت لنا غُرَفَ نومهم؛ لتُوقظ الشهوات النائمة عند شبابنا، وتحرِّك الغرائز الساكنة عند فتياتنا، وتزداد خطورة الشهوات، خاصَّةً مع توفُّرِ سبل المعصية وتيسُّرِها، فالمسلم يحتاج للتربية الذاتية؛ حتى يصل للمناعة الذاتيَّة التي تُعينه - بإذن الله - على التصدِّي لهذه الأعاصير المدمرة من الشهوات.
خامسًا: التخلُّص من العيوب الشخصية:
النفس البشرية قد لا تخلو من العيوب، والنفس ستبقى على عيوبها، ما لم نسعَ لإصلاحها عن طريق التربية الذاتيَّة، والتخلُّصُ من العيوب الشخصية ليسَ بالأمر السَّهل، فيحتاج للمجاهدة والتربية الذاتيَّةِ؛ حتى يحققَ ذلك.
هذه بعضُ الأسباب التي تدْعونا بقوة للحرص على هذا الموضوع[1]، وتدفعُنا بشدَّةٍ للحرص على هذه الوسيلة الراشدة التي تمكِّنُنا من إخراج أفضلِ ما في أنفسِنا؛ لعلَّ اللهَ يرضى عنا.
[1] من المحاضرات التي استفدت منها في هذا المقال: محاضرة الشيخ محمد صالح المنجد - حفظه الله - "أقبِلْ على النَّفس"، ومحاضرة للشيخ محمد الدويش - حفظه الله - "التربية الذاتية" - فبارك الله فيهما وفي جهودِهما.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Social/0/61890/#.UnX1JJMhNCo.facebook#ixzz2jZ2vOMiv