هل تعلم أن الله أمر بالنظر إلي الزناة ؟!
تحديد اللغة▼
هل تعلم أن الله أمر بالنظر إلي الزناة ؟!
هل تعلم أن الله أمر بالنظر إلي الزناة ؟؟!!
أبو عبد الرحمن محمد بن عمران
أخي الحبيب : هي حقيقة والله ، ألا وهي مشروعية النظر إلي الزناة ، وقبل أن أذكر الدليل من كتاب ربنا عز وجل ، أقول :
هل تعلم يا من تُشاهد الصور والأفلام الجنسية ، هل تعلم ماذا يفعل هذا الرجل وهذه المرأة ؟؟ هل تعلم ؟؟
نعم والله إنهما يزنيان ... سبحان الله تعلم !!
حبيبي : أيرضيك سخطه ؟؟!!
أخي الحبيب : قد يكون دار في ذهنك الآن أن قصدي هو أن تُقلب ناظريك علي صفحات الإنترنت وعبر أفلام الجنس وفي الصور العارية .....
دعنا من هذه المقدمة ولنذكر الدليل علي مشروعية النظر إلي الزناة ..
قال رب العالمين :" الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ " [1] .
لقد أمر الله بالنظر إلي الزناة ، ولكن هل إلي هذا الرجل الذي تجرد من ثيابه ، وإلي هذه المرأة التي تجردت من حياءها وعفافها قبل لباسها ؟؟ ....
لا والله .. إنما أمر بالنظر إليهما ولكن ليس علي الحالة الماضية ، وإنما عند المجيء بهما لإقامة الحد عليهما ، فقد أمر الله تعالي بذلك عقوبة لهما بحضور طائفة من المؤمنين ، وفي حضور المؤمنين وقت إقامة الحد زيادة في التنكيل ، وذلك حتي يكون العقاب بدنيًا ومعنويًا . وكذلك ردعًا للنفوس المريضة عن ارتكاب الجريمة بتشريع عقوبة لها .
حبيبي : قد ذُكر في سفر يشوع بن سيراخ :" كل امرأة زانية تُداس كالزبل في الطريق " [2] . هذا عند اليهود .
وجاء في الكتاب المقدس :" قد سمعتم أنه قيل للأولين لا تزن ، أما أنا فأقول لكم أن كل من نظر إلي امرأة لكي يشتهيها فقد زنا في قلبه ، فإن شككتك عينك اليمني فاقلعها وألقها عنك ، فإنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يلقي جسدك كله في جهنم " [3] وهذا عند النصارى .
وكما قيل : كلام الملوك ؛ ملوك الكلام ؛ قال الملك الحق جل جلاله :" وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً " [4] .
لقد حرم الإسلام بعض المنكرات بالتدريج ، فمثلاً الخمر حُرم علي ثلاث مراحل ، أما الزنا فقد حرمه الإسلام من أول الأمر وليس شيء أعظم بعد الكفر من قتل النفس بغير الحق ثم الزنا [5] .
قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ؛ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ " [6] .
وأنت ما غيرت ، بل رضيت ، وشاهدت ، وتمتعت ، واستبحت ، فأصبحت .. يرضيك سخط الله عز وجل ... .
تأملوا قوله عز وجل :" وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى " أي لا تباشروا مبادئه القريبة أو البعيدة ، فضلاً عن مباشرته .
وإليك بعض التدابير الواقية من الاقتراب من الزنا :
1- الزواج : فإنه أغض للبصر ، وأحصن للفرج ، ولقد رغب الإسلام في الزواج ، قال تعالي :" فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء " إن التحرز من مقدمات الزنا واجب ولا يُتوصل إليه إلا بالنكاح ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجـــــــــب .
وأعلم أن الزواج سنة الرسل ، وأن الزواج نعمة من الله فإن المرأة الصالحة خير متاع الدنيا ، وأنه استكمال لنصف الدين [7] ، وأن فيه أجر من حيث المعاشرة النفقة وحسن القوامة والتربية ... .
ومن تلك التدابير : إماطة العوائق عن طريق النكاح ؛ ومن تلك العوائق : الفقر : قال تعالي :" وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ " [8] .
وفي هذه الآية دليل علي تزويج الفقير ، ولا يقولن : كيف أتزوج وليس لي مال ، فإن رزقه ، ورزق عياله علي الله تعالي .
قال أبو بكر الصديق : أطيعوا الله فيما أمركم ه من النكاح ؛ ينجز لكم ما وعدكم من الغني .
قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" ثلاثة حق على الله تعالى عونهم : المجاهد في سبيل الله و المكاتب الذي يريد الأداء و الناكح الذي يريد العفاف " [9].
وليس معني هذا الكلام أن تذهب للزواج ، ثم تجلس في البيت وتنتظر الزواج . قال عمر بن الخطاب : هل تظن أن السماء تمطر ذهبًا أو فضة ؟؟ .
ولكن عليك الأخذ بالأسباب ، ولو كنت رجلاً لتزوجت [10] .
ومن تلك العوائق المغالاة في المهور ، قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" خير الصداق أيسره " [11] . قال ابن القيم : المغالاة في المهور مكروهة في النكاح وأنها من قلة بركته وعسره .
قال عمر بن الخطاب : ألا لا تغالوا في صُدق النساء ، فإنه لو كان مكرمة في الدنيا ، أو تقوي عند الله كان أولاكم به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وانظروا إلي الرحمة المهداة ، والنعمة المسداه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندما قال للصحابيّ :" اذْهَبْ فَالْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ " [12] ، ثم انظروا " فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا وَاللَّهِ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا وَلَا خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ " فهل قال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أنت صعلوك لا مال لك ، إذًا فاجلس في بيتك حتى تجد كذا وكذا .. لا والله انظروا " فَقَالَ لَهُ مَاذَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ فَقَالَ مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا لِسُوَرٍ يُعَدِّدُهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْلَكْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ " صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
لم يفعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما يُفعل الآن [13] .
ولا تجد الناس يغالون في المهر إلا بحجة أنها تأمين لمستقبل البنت ، وأنه من باب الافتخار والمباهاة بين الأهل ، أو لعله سعيّ من الوليّ لاكتساب المال .
وقد حذر من الغلاء في المهور النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقد ثبت عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الإنكار علي بعض من غالي في المهور وذلك عندما أمهر رجل امْرَأَةٍ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" لَوْ كُنْتُمْ تَغْرِفُونَ مِنْ بَطَحَانَ مَا زِدْتُمْ " [14] ويزداد هذا الإنكار علي من كلف نفسه فوق طاقتها وذلك عندما سأل رجل قائلاً :" عَلَى كَمْ تَزَوَّجْتَهَا ؟ قَالَ : عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ . فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ !! كَأَنَّمَا تَنْحِتُونَ الْفِضَّةَ مِنْ عُرْضِ هَذَا الْجَبَلِ ... الحديث " [15] . وكان صداق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأزواجه 500 درهم ، تُعادل اليوم 130 ريالاً تقريبًا . ومهور بناته 400 درهم ، تُعادل اليوم 100 ريال تقريبًا .
وحذر من الغلاء في المهور أيضًا بعض الصحابة والأئمة ، وفي زماننا فضيلة العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ [16] والعلامة ابن باز [17] وفضيلة العلامة ابن العثيمين [18] وفضيلة الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم [19] وغيرهم من مشياخنا حفظهم الله .
اختصارا لهذه النقطة ، أوجه رسالة لآبائي الكرام : أن اتقوا الله عز وجل في رجال المسلمين ، واعلموا أن من عسر الزواج فقد يسر الزنا ومن يسر الزواج فقد عسر الزنا ، فالله الله في الشباب ، الله الله في الشباب .
من تلك التدابير الواقية : إشاعة الحب والود في الحياة العائلية والترابط بين الأهل جميعًا .
ثم ترسيخ الإيمان وتقوي الله في القلوب ، والبعد عن المعصية فإن من أثر المعصية المعصية بعدها ، ولن يرضي الشيطان حتي يوقعك في الكفر ، نسأل الله العافية .
ومن تلك التدابير : البعد عن المعازف والغناء .
ومن ذلك الصيام ، حتى ييسر الله لك النكاح والحصول علي مؤنه .
ومن ذلك قرار المرأة في البيوت ، وإذا خرجت فبالشروط المعروفة .
ومن ذلك ، بل ومن أعظم ذلك : غض البصر ؛ إذ أن النظر بريد الزنا ، وتذكر أن نظر الله إليك أقرب ، واحذر سخط الله ومقته .
ومن ذلك ؛ بل وجماع ذلك أحفظ الله .. احفظ الله في أوامره بالإتباع وفي نواهيه بالاجتناب وفي حدوده فلا تتجاوز ما أمر به وأذن فيه إلي ما نهي عنه وحذر منه ، والنتيجة : يحفظك .
فمن حفظ الله فقد حفظ نفسه ، ومن ضيع تقواه فقد ضيع نفسه والله عنيّ عنه .
اللهم علم بهذا الكلام جاهلاً ، وأهدي به ضالاً ، وثبت به عالمًا ، وأصب به هدفًا ، وسدد به رمية ، وارفع به قدرًا ، واغفر به ذنبًا ، وأزل به غمًا ، وأرفع به بلاء ، وأقبله يا رب العالمين .
أخيرًا : رجاء ممن قرأه وانتفع به ألا يبخل عليّ بدعوة علها تكون صالحة ، وإن أحسنت فحقٌ ذاك في عنقي ، وإن أخطأت فأهلٌ أنتم لأعذاري .
وما خططت والله لأن يكون الموضوع بهذا الحجم ، غير أنه خرج بهذا الحجم ، والحمد لله أولاً وآخرًا ، وظاهرًا وباطنًا ، وأولاً وآخرًأ .
رجاء : أرجو مراجعة كتاب " التدابير الواقية من الزنا في الفقه الإسلامي " للدكتور : فضل إلهي . فإنه والله في غاية الأهمية ، أسأل الله أن يجزي كاتبه عنه خيرًا .