اللغة العربية قد تضعف
لكنها لن تموت
أشارت صحيفة الوطن السعودية الإلكترونية بتاريخ 25/12/2013 إلى أنعضو هيئة التدريس بقسم اللغة العربية، بجامعة الطائف، الدكتور خالد الغامدي،أصرّ على أن اللغة العربية مهددة بالموت، بعد قرابة نصف قرن ينقُص أو يزيد قليلاً، الأمر الذي لم يَرُقْ عددًا كبيرًا من الحضور، الذين عدُّوه تشاؤمًا؛ ليرد عليهم الغامدي أنه يعمل بمبدأ (من يُخَوِّفُك لتأمن، أفضل ممن يُطَمْئِنُك لتهلك).. جاء ذلك في الأمسية التي نظَّمَهافي الطائف نادي الطائف الأدبي مساء أمس الأول، بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، تحت عنوان: "اللغة العربية حاضرها ومستقبلها"، التي أثارت جدلاً حول "موت اللغة"؛ إذ أضاف الغامدي في ورقته، أن هناك فرقًا بين كون اللغة مهددة بالموت، وبين أنها ماتت، مضيفًا بأن التهديد بالموت يدفع أبناء العربية لمواجهة المشكلة لإنقاذ اللغة، مشيرًا إلى أن اللغة العربية تعاني من عقوق أبنائها قبل هجوم أعدائها، وأكد الغامدي أن اللغة العربية ماتت موتًا كُلِّيًّا ونهائيًّا، في تنزانيا، والأندلس، وتركيا، والأهواز.
ومع أن الورقة عرضَتْ التحديات التي تواجه اللغة العربية بإسهاب، وشخَّصَتْها بِمِهْنِيَّة رصينة، وبدقة عالية، فلا شك أن الأمر يكتسب أهمية استثنائية، لا سيما أن التشخيص جاء من متخصص في الموضوع، ومن أصحاب الشأن الْمَعْنِيِّين بأمر اللغة العربية أكاديميًّا على الأقل، إلا أن التناول - على موضوعيته الدقيقة - جاء بمنظور متشائم، ويبدو أن النظرة المتشائمة قد سادت في أوساط أبناء الأمة المهتمين بالحفاظ على اللغة العربية، وهنا أُشيرُ إلى مداخلة السيد أيمن بن أحمد ذو الغنى، على مقالي المنشور في شبكة الألوكة بعنوان "في اليوم العالمي للغة العربية، تحديات التراجع وتطلعات النهوض" بتاريخ22/12/2013، ومما يقوله فيها: "وما موقف العربية من أبنائها العَقَقَةِ في يوم عيدها، إلا كموقف تلكم الأم من ولدها العاقِّ في يوم عيدها"، ثم ينهي مداخلته بدق ناقوس الخطر قائلاً: "فيا أيها المحتفلون باليوم العالمي للغة العربية، أصْغوا إلى أنين لغتكم، وهي تنتحب قهرًا، وتقول لكم باللسان العاميِّ الشاميِّ:"الشي مو بِهِز الورق، القلب من جُوَّا احترق".
وواضح ما تحمله المداخلة من نظرة قاتمة مماثلة لتلك النظرة التي أشار إليها الدكتور الغامدي، ومع أننا نشارك أصحاب هذا المنظور تأسِّيَهم المؤثر على الحال المنهك الذي وصلت فيه اللغة العربية إلى الحضيض؛ بسبب كل تلك التحديات، الذاتية منها والموضوعية،ونُقَدِّر لهم حرصَهم الوجداني على اللغة العربية، وحرقة قلوبهم عليها، فإنه لا بد من الإشارة إلى أن هناك مساعيَ كريمةً هنا وهناك؛ للارتقاء بواقع هذا الحال المنهك، إلى أفق مستهدف أفضل، الأمر الذي يدعو إلى التفاؤل بمستقبل واعد للغة العربية، يُبَشِّر بالخير، كما أنه ينبغي ألّا نُسْقِط من حسابنا أن اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم الذي تكفل الله تعالى بحفظه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، على قاعدة: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]، وبالتالي فإنه ينبغي أن تترسخ في قلوبنا القناعة التامة بأنها لن تنقرض، ولن تموت مهما عصفت بها التحديات.
ومع ذلك فإن النهوض بلغتنا العربية يتطلب نهوضًا حضاريًّا شاملاً للأمة، يَرْفِدُه تقدم علمي وتكنولوجي، بالكيفية التي يضمن لها معاودة دورها الرساليِّ في العطاء والإشعاع مجددًا، بما يُعزِّز نشر اللغة العربية بين الشعوب، ويتطلب الأمر - بالإضافة إلى ذلك - اتخاذ المعالجات الأخرى المساعِدة؛ للحفاظ على اللغة العربية، ووقْف تراجُعِها في الاستخدام، والحد من مَسْخ أصالتها بالتوسع في استخدام العامية، على أن يتم توظيف الجهد بصيغة عمل جماعي على المستوى القومي، يساهم فيه كل من يَعْنيهم الأمر، من العلماء، والكُتَّاب، والدعاة، والهيئات، والمؤسَّسَات.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Culture/0/64676/#ixzz2pAqTlTee