قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن تصبَّح سبع تمرات عجوةً، لم يضرَّه ذلك اليوم سمٌّ ولا سِحر"[1]، أخبرنا المصطفى صلى الله عليه وسلم بهذه السنَّة العظيمة، فهيا لنتعرف على فوائدها لإحيائها.
ما هو التمر؟
التمر هو ثمرة النخيل الذي حنَّ جذعُها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فارقه؛ حبًّا فيه وشوقًا إلى قربه، بعد أن كان يَستند إليه في خطبة الجمعة، هي النخلة التي نزلت تحتها الصديقة مريم لما ولدتْ نبيَّ الله عيسى عليه السلام.
وكما قال تعالى: {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23) فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا} [مريم: 23-25].
فلماذا كانت النخلة وكان الرطب؟ إنه إعجاز إلهيٌّ، ودعوة مِن الحق سبحانه وتعالى كي نفكِّر ونتأمل ونبحث عن السر في ذلك، فقد جاءت الأبحاث الطبية لتكشف عن آثار الرطب التي تَعدل آثار العقاقير المُيسِّرة لعملية الولادة، والتي تَكفُل سلامة الأم والجنين معًا، وقد وُجِد أن التمر يحوي مادة تُنبِّه تقلصات الرحم، وتَزيد مِن انقباضها، خاصة أثناء الولادة، وهذه المادة تُشبِه هرمون الأوكسي توسين، فتساعد على الولادة مِن جِهة، وتقلِّل كمية النزف الحاصل مِن جهة أخرى بعد الولادة، ويساعد أيضًا هذا الهرمون على استعادة الرَّحِم لحجمِه الطبيعي، ويُسهِم بشكل فعّال في عملية إدرار الحليب للمولود.
والحقيقة العِلمية التي تمَّ اكتِشافُها، أن في أكل التمر وترًا فائدةً عظيمة غابت عن الكل، اكتشفها طبيب أمريكي بعد أن قرأ في كتاب الطبِّ النبويِّ، وهي أنك إذا تناولت التمر وترًا عددًا فرديًّا؛ واحدة أو ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا تحول إلى طاقة كربوهيدرات في جسمك، على العكس لو تناولته عددًا زوجيًّا؛ فإنه سيتحول إلى سكاكر وبوتاسيوم يؤثِّر على الجسم ووظائف الكُلى.
ويحوي التمر العناصر الغذائية الآتية:
الجلكوز: سكريات حُلوة الطعم متبلورة، تذوب في الماء، تُولِّد الطاقة التي تُستخدَم في تسيير كثير مِن التفاعلات الحيوية التي تَجري داخل الخلايا.
الفركتوز: يتميَّز بعدم حاجته إلى أنسولين عند استخدامه في إنتاج الطاقة، وبالتالي لا يُمثِّل عبئًا على مرضى السكر (مرض البول السكري).
الألياف: أهمُّها السيلوز والهيموسيليليوز والبكتين، ولها دورها في منْع أمراض سوء الهضم والإمساك وأمراض القَولون.
العناصر المعدنية: خاصة (البوتاسيوم) الذي يُساعد على التفكير، و(الفوسفور) اللازم لاستمرار الحياة وانتظام نبضات القلب ونقل الإشارات العصبية، و(الحديد) الذي يدخل في تكوين هيموجلين الدم، (الكالسيوم) الذي يدخل في تكوين العظام والأسنان، كما أنه ضروريٌّ لكل ضربة مِن ضربات القلب، ونقص الكالسيوم يؤدِّي إلى اضطراب في الجهاز العصبي والعضَلي، وتَحوي ثمار البلح عنصر (اليود) الذي يُنشِّط الغدة الدرقية والهرمون الخاص بها.
وسنجد أحاديث شريفة تَحثُّنا على أهمية التمر في حياتنا اليومية؛ لاحتوائه على أغلب العناصر التي يحتاجها جسم الإنسان؛ يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: "بيت لا تمْرَ فيه جياعٌ أهلُه" [2]
وقال أيضًا: "مَن وجد تمرًا فليُفطِر عليه، ومَن لا يجد فليُفطر على الماء؛ فإنه طَهور" [3].
ومِن هنا أيضًا قالابن الجوزيفي زاد المسير: كان السلف يَستحِبُّون للنفساء الرطب؛ من أجل مريم عليها السلام.
ولذا يصفه الحق تبارك وتعالى بقوله: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } [النحل: 67].
كما يحتوي التمر على بعض الفيتامينات الهامة للجسم:
فيتامين أ: فيتامين الإبصار، ضروري لسلامة وصحة الجلد، يدخل في عمليات التمثيل الغذائي داخل الخلايا.
فيتامين د: مضادٌّ لمرض الكُساح، يُحافظ على تركيز الكالسيوم في الدم، له دور في حركة العضلات والفعل الحيوي للغُدد.
فيتامين ب1: ضروري للمحافظة على سلامة الأعصاب، ونقصُه يؤدي إلى فقدان الشهية.
فيتامين ب3: يقي من مرض البلاجرا، نقصه يؤدي إلى اضطراب الأعصاب، والصداع، وضعف الذاكرة.
حمض البانثوثينييك: فيتامين مضادٌّ للإجهاد، ويساعد في عمليات التمثيل الغذائي، نقصه يؤدي إلى اضطراب في عمليات التمثيل الغذائي، وتَساقُط شعر الرأس.
حمض الفوليك: وهو العامل المضاد للأنيميا الحادة، يلعب دورًا هامًّا في تخليق الأحماض النووية، يقي مِن مرض تصلُّب الشرايين.
وستظلُّ أسرار التمر والرطب تنكشف يومًا بعد يوم؛ ليقف الإنسان خاشعًا عاجزًا أمام إعجاز آيات الله وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي أخبر عنه النبي قبل أربعة عشر قرنًا مِن خلال كتاب مُعجِز، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا مِن خلفه، تنزيل مِن حكيم حميد، وصدق الحق: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ} [النمل: 88].
ما رأيكم في تلك السُّنَّة؟! مفيدة؟ سنُطبِّقها؟ أكيد بعد كل هذا الكلام إن شاء الله سنُطبِّقها من أجل صحتنا، وحتى نكون على خطى رسولنا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم وبالهناء والشفاء.