كثيرا ما نغفل عن حقيقة أن الدماغ ليس إلا عضلة من عضلات الجسد التي لا نملك القدرة على التحكم بها ، بشكل كامل . و على الرغم من أن الكثير من مهام الدماغ يتوالها الدماغ بنفسه ، إلا أنه كغيره من العضلات ، بحاجة إلى تمرين و تمريس ليبقى صحيا / حيا .
بتقدم أعمارنا ، تتحول نسبة كبيرة من حياتنا لأشبه ما يكون بروتين يومي يتطور لعادة لا نحتاج إلى أي جهد عقلي لممارسته ؛ مما يعني أن فرص حثنا العقلَ على العمل تقل بنسب كبيرة و بالتالي إهماله .
و كأي عضلة في الجسم ، حين يقل التمرس ، تفقد العضلة القدرة على مزوالة المهام بالشكل المطلوب . و هذا بالضبط ما يحدث بالعقل حين نعرضه للإهمال . هذا الإهمال من شأنه ، أن يتسبب بالكثير من الخسائر . منها مثلا زيادة فرص الإصابة بـالزهايمر* . أو على أقل تقدير ، تقل قدرة الذاكرة على حفظ المعلومات بشكل يسر .
و رغم أن هذا المبحث لا زال تحت الدراسة لاكتشاف المزيد من فوائد التمارين الدماغية أو أضرار عدمها ، إلا أنه شبه مؤكد أن الفائدة مضمونة و أن الضرر ممكن . إذ أن هذه التمارين تحفز الدماغ على تنمية المزيد من النيورونات التي من شأنها مساعدة الدماغ على النمو .
هناك العديد من التمارين البسيطة التي نستطيع مزوالتها بشكل لا يعرقل سير يومنا ، و في نفس الوقت يحفز العقل.
. 1. استخدم اليد المعاكسة في تأدية مهامك اليومية . إن كنت أعسرا ، فاستخدم اليمنى ، و العكس بالعكس . مثلا ، حاول أن تستخدم الفأرة (الماوس) باليد الأخرى ، حاول الكتابة باليد الأخرى . سيؤدي ذلك إلى جعل الجهة المعاكسة من الدماغ تولية المهمة "الجديدة" ، مما سيحثها على العمل بشكل أكبر .
2. العب ألعاب الذاكرة ، أو حاول تركيب صورة مقطعة ( puzzle ) ، أو العب لعبة تحتاج تخطيطا و جهدا عقليا ، كالشطرنج .. هناك الكثير من النسخ الإلكترونية لهذه الألعاب التي قد تساعدك على ممارستها في وقت فراغك بيسر . منها : Braingle و Lumosity
3. أشغل حواسك الأربع ( الشم ، التذوق ، التلمس ، السماع ) ، لا تهملها . مثلا ، حاول أن تغلق عينيك و تتلمس طريقك في مكان مألوف ، حاول أن تعرف هوية المتصل من صوته فقط ، حاول أن تميز المكونات أو النكهات المستخدمة في طعامك بمجرد التذوق
. 4. تجنب الروتين قدر الإمكان . اسلك طرقا متنوعة للعمل ، اتبع طريقة جديدة في إعداد الشاي . حاول أن تنوع من طرق تأدية المهام اليومية .
5. تعلم معلومة ملموسة جديدة كل يوم . اجعل عقلك يكتسب القدرة على التوسع ، معرفيا . قد تكون هذه مهمة افتراضية في حياة الكثير ، لكن البعض يتغلبه الروتين حتى يفقد الرغبة أو الحاجة لتعلم الجديد ، مكتفيا على رصيده السابق .
6. حاول حل المشاكل التي تواجهك بشكل جديد ، إبداعي . إن لم تكن لديك مشاكل تستحق التعب ، فضع نفسك مكان غيرك ، و حاول أن تأتي بحلول مبتكرة تساعده على حل المشكلة بشكل أفضل .
7. حين تدخل لمكان ما ، حاول بشكل سريع أن تقدر عدد الأفراد عن يمينك و عن يسارك ، دون تحريك رأسك . هذا من شأنه أن يطور نوع من أنواع قدرات الدماغ (visuospatial). أو حاول أن تقدر طول / عرض الأشياء من حولك .
كل هذه التمارين ، رغم بساطتها ، ستعين على تنمية الدماغ و حثه على العمل . و لعلي أضيف لها ، بناء على لمسته ممن أعرف ، حفظَ القرآن -و العمل على مراجعته باستمرار- ؛ إذ أني أظنه بالإضافة لعظم أجره و مكانة أشخاصه ، يتحلى بإمكانية كبيرة في الحفاظ على الصحة الدماغية ، و بالأخص فيما يتعلق بالذاكرة .
و من الهام ان نذكر الفرق بين ( العقل ) و ( الدماغ ) . الدماغ ، ما يعرف بالإنجليزية بـ brain ، هو العضلة الفعلية التي تشغل الحيز الفارغ في الجمجمة . بينما العقل ، و ما يعرف بـ mind ، هو الشيء الحسي الذي يختلف من شخص لآخر و يتكون بناء على تجربة الفرد الشخصية ، بصياغة أخرى الحصيلة المعرفية لكل شخص . العلاقة بينهما واضحة من خلال تأثر عقولنا بالوظائف الدماغية .