السحر ذكره الله عزَّ وجلَّ في القرآن، وقال في شأن المَلَكين اللذين أُنزلا على هارون وماروت في {وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّه}ْ 102البقرة
هذا السحر لا يؤثر إلا في النفوس التي في غفلة ومعصية أو بعد عن حضرة الله عزَّ وجلَّ، أما الأتقياء الأنقياء الذين اعتصموا بالله، وحافظوا على طاعة الله، وحافظوا على فرائض الله فقد قال فيهم صلى الله عليه وسلم {يَا غُلامُ .. إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ} (سنن الترمذي ومسند الإمام أحمد والحاكم)
ومن يحفظه الله هل يستطيع أحد من الجن أو الإنس أو غيرهم أن يؤذيه؟ كلا ، إذاً إذا أردنا الوقاية من السحر - لنا ولأبنائنا وزوجاتنا - فعلينا أن ندرِّبَهم ونمرِّنَهم - ثم بعد ذلك نلاحظهم - على المحافظة على فرائض الله في أوقاتِها، فإن من صلَّى الصبح في جماعة يقول فيه صلى الله عليه وسلم {مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ} (صحيح مسلم وابن ماجة والترمذي)
وإذا أردنا لهم كتاباً يحفظهم من السحر نُعلقه لهم، نوصيهم بوصية رسول الله بأن يكتبوا لأنفسهم كل صباح هذا الكتاب، ويجددوه في كل يوم مرة، كيف؟ قال صلى الله عليه وسلم: {مَنْ قَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ } (البخاري ومسلم)، وفي رواية (عشر مرات)
إذاً يجب علىَّ أن أدرِّب نفسي وزوجي وأولادي وغيري على المحافظة على فرائض الله في أوقاتِها ليحفظنا الله، وأوصيهم أن يقولوا عقب صلاة الصبح وعقب صلاة المغرب عشر مرات {لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير} وفي كيفيتها عن رسول الله ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يقولها وهو في جلسة الصلاة بعد السلام قبل أن يُغير هيئته، وذاك لمن يستطيع ذلك بغير تعب جسماني، أما من يشكو من تعب في رجليه فلا عليه أن يقولها بأي كيفية شاء لأن الله عزَّ وجلَّ يسَّر الأمر على عباده المؤمنين
أما السحر والسحرة فمعظم من يتحدثون عن هذا الأمر في هذا الزمان هم متكسبون، غير صادقين، وغير عارفين، ولكنهم يريدون أن يستلبوا أموال الناس بهذا العمل الدنيء الباطل الذي يُخوفون به الناس ويُرهبونهم، ويجعلونهم يعتقدون أنهم يضرونهم أو ينفعونهم، مع أن الضَّارَ والنافعَ هو الله عزَّ وجلَّ، ولذا طلب منا رسول الله صلى الله عليه وسلم - في أكثر من حديث - ألا نذهب إلى هؤلاء البتَّة، فقال صلى الله عليه وسلم {مَنْ أَتَى سَاحِرًا أَوْ كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم} (المعجم الكبير للطبراني والسنن الكبرى للبيهقي ومسند الإمام أحمد)، وفي رواية أخرى {مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا} (مسند الإمام أحمد)
انظر إلى تحذير البشير النذير فإذا وافقنا جميعاً على ذلك وتركنا هؤلاء فإنهم لابد سيرتدعون، ويرجعون إلى دين الله، وإلى رحاب شرع الله ،ويتركون هذا العمل الذي نَهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. لكن نحن الذين يُعينهم على ذلك، ونحن الذين نُشجعهم ونذهب إليهم، ونحثُّهم وندفع لهم ما يطلبون، ونحترمهم على ما يقولون، مع أنهم على غير جادة ، وقد بيَّن صلى الله عليه وسلم أن ممارسة السحر كبيرة من الكبائر ينبغي أن يتوب منها المرء قبل الموت، وإلا خُتم له - والعياذ بالله - بسوء الخاتمة
منقول من برنامج {فتاوى فورية} لفضيلة الشيخ فوزى محمد أبو زيد