وسيم ربيع-بيت عنان""
أدب المقاومة الفلسطيني ..تاريخ طويل بطول عمر الجهاد الفلسطيني وبطولاته ..هذا الأدب الذي أوجدته الظروف و أوجدته نيران الحروب الملتهبه هناك في أرض أولى القبلتين .. هو أدب المعارك والحروب ، أدب رثاء الشهداء و مواساة الجرحى !
المتحدث عن أدب المقاومه الفلسطيني عليه أن يعرج على تاريخه ويعود إلى بدايته وينظر كيف وجد ..
البعض يؤرخ هذا الأدب إلى عام 1948 خلال الحروب الضارية بين العرب وإسرائيل إلا أنه أقدم من ذلك بكثير!
ولد هذا الأدب من رحم الثورة حيث بدأ منذ قيام الثورة البريطانيه عندما قامت" ثورة البراق" عام1929 م
وماتلاها من أحداث عظام في الـ30 م "يوم الإعدام " في سجن عكا المعروف بالقلعه عندما غادر فلسطين الشهداء الثلاثه الذين زفتهم إلى جنان الخلد (فؤاد حجازي ، محمد جمجوم ، عطا الزير )
وقد شيع الأدب المقاوم الفلسطيني قصيدة أبكت عيون الأمهات قصيدة "من سجن عكا"
مطلعها :
كانو ثلاث رجال يتسابقوا ع الموت أقدامهم عليت فوق رقبة الجلاد
وصاروا مثل ياخال ..وصاروا مثل ياخال ..طول وعرض لبلاد
حتى يصل القلم إلى دفع روح الجهاد في نفوس القراء :
من سجن عكا طلعت جنازه محمد جمجوم وفؤاد حجازي
جازي عليهم ياشعبي جازي المندوب السامي وربعه عموما
ومن هنا ..تفجرت ينابيع المقاومه و صار الجهاد الفلسطيني بالسيف والقلم .. ولا يمكننا أن نغفل عن أبرز أسماء هذا النوع من الأدب من أمثال إبراهيم طوقان الذي ألهب الجماهير في قصيدته "الثلاثاء الحمراء " وخرجت الجماهير في مظاهرة كبيره بعد إلقاءه قصيدته ليثبت أن الأدب قادر على الثوره..
ولا ننسى الشاعر المجاهد الذي شيع نفسه بعد إصابته قبيل استشهاده في معركة الشجره عام 1948م الشاعرعبدالرحيم محمود
الذي قال في آخر أبيات له :
احملوني ...احملوني
واحذروا أن تتركوني
وخذوني لاتخافوا
وإذا مت ادفنوني
وما أعظم دوره الجهادي فهو صاحب القصائد التي ألهبت حماس الجماهير بل وأصبحت أناشيد في المدارس !
طاردته قوات الاحتلال البريطاني مطاردة عنيفة أثبتت أنه صاحب قلم مكافح ..
وأشهر الأناشيد التي رددها الشعب كانت قصيدته "الشهيد" التي لم يسبقها في شهرتها العربية من قصائد الشعراء الفلسطينيين إلا قصيدة "موطني" لإبراهيم طوقان ، وهل ننسى هذه الحروف :
سأحمل روحي على راحتي
وأمضي بها في مهاوي الردى
فإما حياة تسر الصديق
وإما ممات يغيظ العدى
ثم تلت هذه الفترات الملتهبه فترة الستينيات والسبعينيات التي ازدحمت بالهزائم المستمرة وأوجدت جيل من الشعراء الشباب أمثال هاشم الرفاعي وعبدالرحمن بارود و كأنه تحدي الأدب للهزيمه وإصرار على أن الكفاح مستمر حتى لو غابت شمس الانتصارات ..
ثم فترة الثمانينات والتسعينات مرموزاً بجيل الإنتفاضة الأولى وبعدها إنتفاضة الأقصى حيث برزت مجموعة من الشعراء الذين اتخذوا من الأدب المقاوم منهجاً يسيرون عليه ، يميز هذا العصر أن الشعراء فيه من داخل فلسطين وخارجها في الشتات مما جعل فيه خليط فريد من الشعر الراقي .
ولا ننسى ذكر الشاعر محمود درويش الذي اعتبر أحد شعراء المقاومه له أبيات عنيده يعرفها قاريء هذا الأدب
يحكون في بلادنا
يحكون في شجن
عن صاحبي الذي مضى
وعاد في كفنْ!!
ولكنه في نهاية طريقه الأدبي سلك منهجاً مغايراً لماضيه وانتقل بقفزة معاكسه من شعر المقاومه إلى الشعر الذاتي ! كفن شعره وختم تاريخه مع المقاومه بقصيدة وضح فيها للجماهير أنه يودع أدب المقاومه وهي "أنت منذ الآن غيرك"وكان كذلك !!
فلقد تبدلت وجهته الأدبيه في وقت كانت الساحة الفلسطينيه في أشد الحاجة لأدب يلهبها من جديد !
ولكن من جهة أخرى برزت أسماء مميزه كان يجب أن يلمع نجمها هؤلاء الشعراء كرسوا أقلامهم للوطن والدفاع عنه و خير من يدافع ويكتب بقوة وحماسه هو من يعيش هذه المشاهد و يتواجد في قلب المعارك و نذكر هنا الدكتور المجاهد الشهيد إبراهيم المقادمه الملقب بفيلسوف الشهداء
ومن أبياته :
بلال يابلال
الخير علمني
دروساً في تحدي البطش
أحفظها ولا أغفل
وأرفع هامتي للشمس أستعلي
ومن ظلم الزنازين
سأخرج في يدي المشعل
لأرشد امتي العزلاء
أصنع للفدا الآني
بطولات ومستقبل
ويرافق هذا الشاعر المجاهد رحمه الله التميز الشيخ الرنتيسي الذي حرك صفوف المجاهدين بحروفه واستطاع أن يناضل بروحه وبحرفه فكان علماً لكل أبطال فلسطين و قدوة فذه ترسم للمجاهدين خريطة العوده بالدم و الحبر !
هذا الأدب الجميل الذي رسم التاريخ الجهادي في فلسطين الحبيبة سيبقى منقوشاً بالدم و زخات الرصاص لأنه حفر بالنضال والكفاح ..!
والمحزن أن هذا الأدب غاب عن وسائل الإعلام خصوصاً بعد أوسلو حيث بدأت الأقلام تتوجه إلى السلام و وقف الحروب متناسية أن ما أخذ بالقوة لا يرد إلا بالقوة وعلى الأدب أن يكون كذلك ..
رغم التغييب الإعلامي إلا أن الأدب المقاوم بقي حاضراً وبقوة في الميدان وفي الإنترنت وفي قلوب الجماهير الصامده ..!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيــــــــــــــــــــــــــع