الروح والجسد ...

موضوع: الروح والجسد ... 29/06/09, 11:09 pm

الروح والجسد ...

احببت اعزائي أن أشارككم مقتطفات من أجمل وأروع ماقرأت للكاتب العظيم مصطفى محمود من كتابه الروح والجسد ...فكثيرا ما نقرأ لكتاب عظماء ونعيش كل حرف يقولونه ونشعر بانهم يكتبون مابداخلنا ...

وفي أغلب الاحيان نحسدهم لأن لديهم القدرة على صياغة المشاعر وتحويلها إلى أحرف وكلمات تغذي أعماق روحنا ... وقطاف ماقرأت هذه المرة عن ماقاله في الصمت :

((الصمت))

نحن نتبادل الكلمات والحروف والعبارات كوسائل للتعبير عن المعاني وكأدوات لكشف كوامن النفوس.. ونتصور أن الحروف يمكن أن تقوم بذاتها كبدائل للمشاعر, ويمكن أن تدل بصدق على ذواتنا ومكنوناتنا.

والحقيقة أن الحروف تحجب ولا تكشف .. وتضلل ولا تدلل ..وتشوه ولا توضح.. وهي أدوات التباس أكثر منها أدوات تحديد ..

يقول الحبيب لحبيبته :

أحبك .

وهو يقصد بذلك التعبير عن حالة وجدانية خاصة جدا وذاتية وجديدة عليه , فلا يجد إلا كلمة صك مستهلك تهرأ من كثرة الاستعمال .. كلمة أصبحت ماركة مسجلة لأردإ انواع البضائع .. كلمة حولتها الأغاني المبتذلة والهذليات المسرحية إلى منشفة لتجفيف ماينضج من العرق في حالات فسيولوجية عديدة ومتناقضة .

ولكنه لا يجد غيرها .

فإذا حاول أن يستخرج من قاموس الحروف ومعجم العبارات كلمات أخرى فإنه لايجد إلا المجاز والاستعارة والبيان والبديع وضرب الأمثلة.. فيقول لحبيبته إنه يحبها كما تحب الوردة ندى الفجر .. أو كما تحب ظلمة الليل شعاع الشمس

وهنا يرى مصطفى محمود بأن هذا الكلام هو عبارة عن كلام فارغ يترجم حالة فريدة من سلسلة البدائل المزورة ويحول الشعور البكر إلى ثرثرة جوفاء لا تدل على شئ ....

ويقول مصطفى محمود :

لو أنه صمت لكان صمته أبلغ ...

وللصمت المفعم بالشعور حكم أقوى من حكم الكلمات ...وله إشعاع وله قدرته الخاصة على الفعل والتأثير ..

وهو يرى أن :

المحب الصامت يستطيع أن ينقل لغته وحبه إلى الآخر ..وإذا كان الاخر على نفس المستوى من رهافة الحس وإذا كان هو الاخر قادرا على السمع بلا أذن والكلام بلا نطق .

فهو يرى بأن الانسان معجزة المخلوقات

وهو ليس ألة كاتبة ...ولا اسطوانة ناطقة وهو أكثر من مجرد آليات جسدية ..

هو عقل وروح ووجدان..

وذاته مستودع قوى وأسرار إلهية .

وهو يستطيع أن يتكلم بلا نطق .. ويسمع بلا إذن .. ويرى بلا عيون

وقد رأى المبصرون بعيون طه حسين مالم يروا بعيونهم ...

ويرى مصطفى محمود بأن \" الحقائق العالية تقتصر دون بلوغها الحروف والعيون والآذان

وإنما خلقت الحروف للتعبير عن أشتات العالم المادي وجزئياته وهي مجرد رموز ومصطلحات ونظائر لما نرى حولنا من شجر وحصى ولرمل وبحر وتلال ووديان وجبال

أما عالمنا الداخلي .. وسمواتنا الداخلية ..وسرائرنا العميقة..فتقتصر دونها الحروف ولا تصورها كلمات..

وكلما كان شعورنا حميميا , وكلما كان حبنا متغلغلا في شغاف القلب مالكا ناصية السر , ساكنا لب الفؤاد عجز اللسان وتضعضعت الكلمات وتقطعت العبارات ...\"

فكاتبنا العظيم يرى بأن عالمنا هو عالم روحاني وهو عالم المطلقات الذي لا تحلق إليه كلمات ولا تسمو إليه ألفاظ .

ومعدن الحب الشفيف العالي هو من نفس معدن هذه المطلقات ولغته من لغتها .. فهو من خصائص الروح .. وهو في صميمه انعطاف روح قبل أن يكون انعطاف جسد, وحين تبلغ المشاعر إلى تلك المنطقة يسكت اللسان وتصبح اللغة صمتا.

وبذلك يقول مصطفى محمود: لذلك أحب الصمت وأوثر الصمت كلما شعرت بهذا القرب الحميم نحو إنسان .. ذلك القرب الذي يتسلل إلى الشغاف ويسكن الحنايا دونما صخب ودونما ضجيج ودونما اضطراب .

فهنا لا وجود للانفعال المبتذل الذي تتكلم عنه الأغاني ولا وجود للأوجاع والبكائيات .

ولا مكان لبلاهة قيس واشعاره.

ولو أني استعرت تلك الكلمات القديمة لأعبر بها عن ذلك القرب الحميم لكنت ثرثارا أجوف أتكلم عن رجل آخر غيري ..

فهنا شعور جديد تماما وخاص جدا وذاتي .

هنا حضور مؤنس يشيع الدفء والبهجة الهادئة والإحساس بالمعية التي تطرد الوحشة والوحدة ..

هنا كل شيئ هامس خافت بلا صوت وبلا صورة وبلا لفظ وبلا غرض وبلا مأرب..

فما أبلغ الصمت

وما أقدره على التعبير ..

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

موضوع: رد: الروح والجسد ... 29/06/09, 11:11 pm

للاسف يا رامي مش لابس النظارات
ولكن مشكور يا رامي

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

» قصيدة ملاك الروح عديل الروح
» غذاء الروح
» بكاء الروح ...
» الروح الرياضية
» اهداء من صميم الروح