غزة- لأول مرة ترتدي العروس عباءتها السوداء، وخمارها الذي يغطي الوجه والكفين، مائة عروس احتفلت اليوم في غزة بزواجهن الثاني من أقارب أزواجهن الشهداء أو من غرباء وعددهم قليل.
مائة زوج شاب لا يتجاوز عمر أكبرهم 25 عاماً، اختار شريكة حياته الأولى أو الثانية ومعها اختار أبناءها الأيتام ليعيشوا في كنفه وكانت جائزته دنيوياً 2800 دولار أميركي.
الكثير منهم قال ان زواجه من أرملة أخيه أو قريبه أو غريب عنه، هو لنيل "أجر الآخرة" امتثالاً للحديث النبوي الشريف القائل: "من خلف غازيا في أهله فقد غزى" ولا يهمه بالمطلق المبلغ المادي الذي تقدمه الجمعيات الخيرية التي قامت مؤخراً بعقد زفاف جماعي لأرامل الشهداء.
وهو مبلغ زهيد ولم يعرف به الزوج إلا مؤخرا، كما قال أحمد توفيق الفيومي " 22" عاماً الذي اختار أرملة شقيقه علاء وتدعى صابرين وتبلغ من العمر " 24" عاماً أي أكبر منه بعامين كاملين.
يقول: "لدى أخي الشهيد ثلاثة أولاد وأربع بنات فلمن أدعهم؟ أنا أولى بتربيتهم واحتضانهم".
وهو ذاته ما يؤكد عليه محمد طه وعمره " 23" عاماً وعروسه إيمان التي تكبره بعام حيث لا يشكل له الفرق بالعمر أي مشكلة أو خلاف ويقول:" من حبي لأخي الشهيد وابنه اليتيم عوني فأنا أقدم على هذه الخطوة".
أما أغرب قصة في هذا العرس الجماعي الذي أقيم ظهر اليوم في مدينة غزة برعاية الهيئة الأهلية لرعاية الأسرة، فهي زواج الشاب جبريل الناعوق "20" عاما الذي يعقد زفافه على زوجة عمه الشهيد اسماء التي تبلغ من العمر "25" عاما ولديها من الاطفال مجاهد وآية ويرى انه أحق بكفالتهما.
العريس احمد نبيل فرج " 23" عاماً استشهد شقيقه في الأول من مارس من العام الماضي، وباتفاق بين العائلتين سبق هذا الحفل الجماعي فقد تزوج احمد من أرملة شقيقه لتي لديها بنتان.
وأما الزوجات المحتفلات بزفافهم الجماعي في صالة مختلطة غرب مدينة غزة اليوم فقد أحضرت أغلبهن أطفالهن الأيتام برفقتهن، بعضهن حملت طفلها وأخذت تراقصه على أنغام أناشيد الزفاف الإسلامية التي انتشرت مؤخراً في أفراح غزة، وبعض الأطفال ارتدى بدلة العريس والعروس بدلا عن العرائس.
ف. ع " 21" عاماً من خان يونس بانت عيناها الخضراوات من خلف نقابها قالت:" أتزوج اليوم شقيق زوجي الشهيد" ولم تستطع أن تخفي فرحتها بأن تعود للحياة الاجتماعية العادية بعد أن فقدت زوجها في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة.
ورغم الامتيازات والاحترام المجتمعي الذي تقابل به أرامل الشهداء في قطاع غزة إلا أن شجارات عائلية وملاحقات مالية وقانونية وقضائية لاحقت بعض زوجات الشهداء من قبل عائلات أزواجهن الشهداء ليس اقلها النزاع والصراع حول أطفال الشهيد الأيتام أو على مخصصات التعويض التي تصرف من قبل الحكومة أو المؤسسات الأهلية.
جريدة القدس
10-7-2009