التربية
والتعليم، والتأهيل العملي للحياة، قضايا أساسية في حياة الانسان، ففاقد التربية
السويّة، التي تعدّه لأن يكون فرداً صالحاً في بناء المجتمع، وانساناً مستقيماً في
سلوكه، ووضعه النفسي والأخلاقي، يتحول الى مشكلة، وخطر على نفسه ومجتمعه.
والفرد
الذي لا يملك القسط الكافي من التعليم والمعرفة التي يحتاجها في الحياة، هو جاهل
يضر نفسه ومجتمعه، ولا يمكنه أن يساهم في بناء حياته أو مجتمعه بالشكل المرجو من
الانسان في هذا العصر.
فالأبوان الجاهلان لا يعرفإن كيف يربيان أبناءهما،
والزوجة الجاهلة لا تعرف كيف تتعامل مع زوجها والفلاّح الجاهل لا يعرف كيف يستخدم
طرق الزراعة، وصاحب الثروة الجاهل لا يعرف كيف يوظف ثروته.
وهكذا ينسحب أثر
الجهل في كل حقل من حقول الحياة. وليس هذا فحسب، بل وأن الجهل هو مصدر الشرور
والتخّلف، بل وسبب رئيس من أسباب الجريمة في المجتمع.
فالمجتمع الجاهل، أو
المثقل بالجهل، لا يمكنه أن يمارس عمليات التنمية والتطور، والخلاص من التخّلف،
والتغّلب على مشاكله: السياسية، والأمنية، والاقتصادية، والاجتماعية.
والشباب
الاُمي، أو الذي لم يستوفِ القدر الكافي من المعرفة والثقافة، وكذا الذي لا يملك
التأهيل العملي، كالحرفة والمهنة، لا يمكنه أن يؤدي دوره في المجتمع، أو يخدم نفسه
واُسرته بالشكل المطلوب، وتفيد الدراسات والاحصاءات، أنّ الاُمية والجهل، وقلة
الوعي والثقافة، هي أسباب رئيسة في مشاكل المراهقين والشباب.
وبذا تكون مشكلة
الاُمية، وضعف التأهيل العملي، هما من أهم المشاكل التي يجب التغلب عليها من قبل
الاُسر والدول.
وغير هذه المشكلة فإن هناك مشكلة ترك الدراسة، في المرحلة
الابتدائية، أو المتوسطة، أو الثانوية، أو الجامعية. وهي احدى المشاكل الكبرى التي
عرّضت، وما زالت تعرض مستقبل الشباب للخطر، فهي تدفعهم للبطالة وللتسكّع، واقتراف
الجرائم والممارسات السلوكية المنحرفة، ما لم يكن هناك اصلاح، أو توجيه أُسري، أو
رعاية اجتماعية.
ولترك الدراسة أسبابها النفسية والعقلية والاجتماعية
والاقتصادية، وربما الصحية أحياناً. كما انّ للتشرد الناتج عن الاضطهاد السياسي،
وعدم الاستقرار الأمني، دوره الكبير في ترك الدراسة وانتشار الاُمية. و ثمة سبب
مدرسي يساهم في الارغام على ترك الدراسة، من قبل البعض من الطلبة، وهو سوء تعامل
الادارة، أو المدرسين مع الطالب أو الطالبة.
إن الطالب الذي يعيش مشكلة نفسية،
ربما كان سببها الاُسرة، وسوء تعامل الأبوين، أو المشاكل المستمرة بينهما، أو مشاكل
الطلاق التي تؤدي الى ضياع الأبناء، وتشرّدهم، أو تقصير الآباء وعدم رعايتهم
لأبنائهم، واهمال حثّهم وتشجيعهم، وعدم توفير الظروف اللازمة لمواصلة الدراسة؛ إنّ
كل تلك المشاكل تساهم في ترك عدد من الطلبة للدراسة، وفقدان الدافع نحو
مواصلتها.
كما انّ انصراف ذهن الطالب عن الدراسة، وارتباطه بأصدقاء السوء، أو
أصدقاء فاشلين يدفعونه نحو اللهو أو اللعب والعبث، أو الممارسات السيئة؛ ان كل تلك
الأسباب تؤدي بالطالب الى ترك الدراسة، وتدمير مستقبله، وربما الجناية
عليه.
ولعل من الأسباب المهمة لترك الدراسة، بصورة اضطرارية، أو التوقف عن
اكمالها هو الفقر، فالعائلة الفقيرة لا تستطيع أن تُوفّر النفقات اللازمة لدراسة
الأبناء، مما يضطر الطالب الى ترك الدراسة في فترات مبكرة، وهو لمّا يستوفي القسط
الكافي منها، ليتوجه الى العمل، وكسب لقمة العيش.
ان كل تلك المشاكل وأمثالها
بحاجة الى دراسة علمية، ووضع الحلول لها من قبل الدولة والاُسرة والمجتمع
والمدرسة.