شهدت الخارطة السياسية في المنطقة والعالم، تغيرات دراماتيكية متسارعة مع بداية عهد جديد للديمقراطيين في رئاسة البيت الأبيض الأمريكي، فيما طفا على السطح الفشل الإسرائيلي في الحرب على غزة والقضاء على المقاومة ووقف الصواريخ، وما حققه الشعب الفلسطيني من الصمود الأسطوري في هذه الحرب لشعب غزة، الأمر الذي استدعى وقف إسرائيل الحرب من جانب واحد، والعمل على البحث عن طرق أخرى لإنقاذها من الورطة الجديدة والأفاق الجديدة في حربها على المقاومة في غزة، فيما لا زال شبح هزيمة إسرائيل في حربها على لبنان وتقرير فينوغراد ماثلا في أذهان القادة الإسرائيليين، فضلا عن أن اسرائيل على أعتاب انتخابات جديدة قد تغير في خارطة السياسة الدولية ...
ويبدو أن الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة باراك اوباما تسعى لإيجاد حلول جديدة وصيغ أخرى للتعامل مع القضية الفلسطينية وملفات الشرق الأوسط، والظهور بمظهر الداعم للحقوق الفلسطينية، حيث جاب موفدها الجديد إلى الشرق الأوسط "جورج ميتشل" البلاد العربية من اجل البحث في الشأن الفلسطيني، وتركزت مهمة "ميتشل" في البحث عن إمكانية تسوية جديدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين وإيجاد حلول أخرى، لكن الواقع الفلسطيني الآن مغاير تماما لما كان عليه في السابق، خاصة أن هناك فصائل سياسية وعسكرية تعمل على الساحة الفلسطينية لا يمكن تجاهلها ولها وزنها السياسي في المنطقة، فضلاً عما أفرزته الانتخابات الفلسطينية الأخيرة التي فازت بها حركة المقاومة الإسلامية حماس، فهذا تغير جديد على المنطقة وله ظروف مختلفة من وجهة نظر الأمريكان ..
أنا لا أعول على الإدارة الأمريكية الجديدة في دعم حقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وما يحدث من صولات وجولات أمريكية في المنطقة ودعم أطراف عربية يهدف إلى تأمين امن إسرائيل وحمايته وإخراجها من الورطات الكبيرة التي تحياها ..
وما يطرحه المراقبون والمحللون الإسرائيليون فيما بعد الحرب على غزة هو ضرورة التأكيد على فتح الطريق من اجل التفاوض مع حركة حماس، فيما يطرح أوروبيا بضرورة إشراك حماس في عملية السلام ..
ويرى عدد من الإسرائيليين، بضرورة التفاوض مع حماس، وفتح قنوات تفاوضية مباشرة مع حركة حماس من اجل حل الكثير من الأمور والإشكالات السياسية العالقة، لان حماس تمثل الشريك المركزي في المباحثات التي تجرى من اجل وقف إطلاق النار وفتح المعابر وهي المسئولة على حياة الجندي الإسرائيلي المخطوف جلعاد شليط، مما دفع احد المراقبين الإسرائيلي المطالبة بالتنازل لحركة حماس من اجل عودة شاليط، كما أن حماس من وجهة نظر إسرائيلية هي التي ستحدد الشروط لمحادثات المصالحة مع السلطة الفلسطينية .
السيناريوهات الجديدة تتمثل في أن المنطقة ومع التغيرات المفاجئة العالمية - التي حدثت نتيجة الحرب على غزة والضغط الدولي والعالمي من اجل دعم الشعب الفلسطيني في حقوقه مقبلة – ستشهد مقترحات وأفكارا أمريكية جديدة لإيجاد حلول في التعامل مع الأزمات والملفات في الشرق الأوسط، حتى تتفرغ الولايات المتحدة للهموم الأخرى التي تواجهها والمشاكل والأزمات العالمية والمتغيرات الطارئة ...