--------------------------------------------------------------------------------
رام الله - في منزل عضو المجلس الثوري لحركة فتح قدورة فارس، وغيره من القادة "الفتحاويين" تدور نقاشات ساخنة، حول موقف الحركة، وموقف القيادة الفلسطينية، من العدوان على القطاع، لدرجة أن والدة فارس المسنة تصف الموقف بـ"المخجل والهزيل"، خاصة بعد متابعة مشاهد المجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال في غزة عبر الفضائيات.
فارس يعترف بذلك، ويقول في حديث لـ"الغد" "والدتي في الثمانين من العمر، وهي سيدة أمية لا تقرأ ولا تكتب، لكنها تعيش هذه الأيام على وقع المشاهد المؤلمة للعدوان الإسرائيلي على القطاع.. تقلب بـ"الريموت" من فضائية إلى أخرى، وليس أمامها إلا البكاء، أو كيل الشتائم، بل إنها كثيراً ما خاطبته كواحد من قيادات حركة فتح بالقول "استحوا على حالكم لازم تعملوا إشي"، أمام الأولاد الذين يقتلون، ويفقدون أطرافهم، وأعينهم، وتفصل رؤوسهم عن أجسامهم، ويحرقون، ويشتتون، ويدمرون.. تنظر المسنة بوجه فارس، الذي ينتمي وأشقاءه لأسرة فتحاوية مناضلة، ذاقت مرارة الاحتلال، والسجن والسجان، لعقود عدة، وتخاطبه وكأنها تخاطب قادة فتح أو السلطة "اخجلوا من أنفسكم".
لم يقف الأمر في منزل فارس عند هذا الحد، بل إن ابنه ويبلغ السابعة من العمر، يقدم مشهداً تمثيليا في المنزل على وقع أغنية لكتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، ويصرخ بأعلى صوته "أنا قسامي"، وحين يتدخل فارس ليقول "فتح هي من قادت الثورة.. نحن قاتلنا الاحتلال على مدى عقود طويلة، ودفعنا الشهداء والجرحى والأسرى"، يباغته ابنه الأكبر (13 عاماً) بالقول "كان زمان يا بابا".
ويعترف فارس بالقول "ما يحدث قد يضر بسمعة حركة فتح، وربما يظلمها أيضاً، فالحركة التي تشتبك مع الاحتلال هي من تفرض لغتها في الشارع، وهي من تكتب الأحرف الأولى في وعي الأطفال، ومن لا تفعل ذلك تنسى، ويمحى تاريخها على أهميته وفعاليته".
ورغم أنه لم يعلق على حالة الاستياء التي أصابت العديد من أنصار الحركة، على اختلاف مواقعهم التنظيمية جراء تصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأخيرة بخصوص المقاومة، إلا أن فارس يؤكد أن انتخاب عباس رئيساً للشعب الفلسطيني كان لكونه ابن حركة فتح، شعلة الثورة، ووقود المقاومة.. ويضيف "منذ العام 1965 هذه هي الحرب الأولى، التي لا تكون فيها فتح هي شعلة النضال، ورأس الحربة في المعركة"، لافتاً إلى الضربات القوية التي تلقاها المقاومون في فتح على وجه الخصوص منذ العام 2002، خلال وبعد الاجتياح الكبير أو ما عرف إسرائيلياً بعميلة "السور الواقي"، حيث تعرض المقاومون والأهالي في الضفة الغربية لما يتعرض له المقاومون والأهالي في القطاع هذه الأيام، بل إن حرب الاغتيالات والاعتقالات تواصلت ضد المقاومة بالضفة، لدرجة أن قوات الاحتلال كانت وماتزال على الدوام ترفض شمل الضفة بأية هدنة.
ويؤكد فارس، الذي يرأس نادي الأسير الفلسطيني أيضا بالقول "لدينا في سجون الاحتلال قرابة 11 ألف أسير، منهم 10 آلاف من الضفة الغربية، نصفهم على الأقل من حركة فتح، بمعنى أن الفاعلين والقادرين في الحركة على إشعال انتفاضة، أو قيادة ثورة، هم إما شهداء أو جرحى، أو أسرى، مشدداً على أن الحديث عن انتفاضة ثالثة ليس قراراً أو نداء يوجهه أحد، بل إن أية انتفاضة ليست إلا دورة حياة.
وينتقد فارس القمع الذي مارسته بعض الأجهزة الأمنية تجاه بعض المسيرات في الضفة، ويشير إلى اعتقاده أنه سيتلاشى في المسيرات المقبلة، "لكننا نتعلم متأخراً"، كما يقول، مشيراً إلى أنه كان على حركة فتح التفاعل مع العدوان بشكل أكبر، مع أن كوادرها كانوا وقود المسيرات والمظاهرات المنددة بالعدوان، والمتضامنة مع أهلنا في القطاع (...) حاولنا أن نؤكد للاحتلال أننا شعب واحد رغم الانقسام، وأن نؤكد لحركة حماس أننا في الهم متوحدون، فكلنا "تحت الضرب"، وكلنا "في الهوى سوى"، وعملنا جاهدين على الخروج بإيجابيات للمأساة تعيد للشارع الفلسطيني وحدته ولحمته، بعد انقضاء العدوان الغاشم على القطاع.
___________________________________